ساعات قليلة تفصلنا عن انطلاق صافرة الانتخابات الرئاسية 2024 التى يصيغ معها الشعب المصرى سطراً جديداً فى كتاب تاريخه ويسرد معها فصلاً جديداً فى مسيرة أمة عظيمة واجهت التحديات على مدار الزمان فحمت نفسها بإرادة وعزيمة وفطنة ووعي أبنائها وحكمة وقوة قيادتها المخلصة لتثبت كل يوم وكل لحظة أنها أمة لا تخاف ولا تنكسر، الأمة صاحبة الحضارة والتاريخ.
انتخابات رئاسية جديدة في مرحلة هامة من تاريخ المحروسة تجسد بداية لصفحة جديدة في حكاية وطن قوي صامد وآبي، وكفاح شعب يقف خلف بلده في كل المحن والأزمات قادر على مجابهة الصعاب، أمامه هدف واحد هو حماية مصر واستكمال نهضتها ومسيرتها نحو التنمية والطريق من أجل الانطلاق صوب الجمهورية الجديدة، والحفاظ على الوطن ومقدراته.
وفيما يتوجه الناخبون بعد غد الأحد ولمدة ثلاثة أيام صوب صناديق الاقتراع لاختيار رئيس مصر الذي سيقود البلاد خلال السنوات الست القادمة، يبقى عَلَم مصر ورايتها قاسماً مشتركاً لجموع المصريين خلال هذا الاستحقاق الانتخابي الهام.. ووسيلة التعبير عن حب الوطن والانتماء والقوة والعزيمة والإرادة، يدٌ تصوت في بطاقة الاقتراع لانتخاب رئيس مصر.. ويدُ تحمل العلم لتجسد وحدة الوطن.
وفي ظل تنامي حجم وعمق التحديات التي تواجه الدولة يتعاظم التفاف المصريين حول عَلَمهم ومن يرفع عَلَمهم تجسيداً لوحدتهم شعباً وأرضاً وقيادة .
ويبقى عَلَمْ مصر على مدى التاريخ ومنذ عهد الفراعنة وحتى يومنا هو الراية التي يتسلح بها المواطن في حروبه وانتصاراته، في تحدياته، وفي فرحه؛ لارتباطه ورمزيته التي تعبر عن الكرامة والهوية والوطنية والمجد.
عشق المصريين للعلَم الوطني تجسد في وصفهم لكل رموز الوطن وشخصياته التي يفيض عطاؤها لمصر بأنهم “أعلام مصر”.
وشدت كوكب الشرق أم كلثوم عن الكبرياء والمجد والوطن، في قصيدة “مصر التي في خاطري” لأحمد رامي وصدحت بـ «عيشوا كراماً تحت ظل العلم»، وكتب فيه شعراء الوطن منذ القدم قصائدهم الشهيرة فارتبط العَلَمْ بالكرامة مثلما ارتبطت به الهوية.
ويظل العَلَم في عقل وقلب المصري منذ نعومة أظافره.. منذ الطفولة تجسيداً لقيمة سامية، قيمة تتغلغل في وجدان المصري منذ صغره.. بداية أو بالأحرى نقطة البداية لفهم معنى الوطن والانتماء.. قيمة يرى فيها الطفل – الذي يتفتح عقله على الحياة – مصر التي لم ير كل تفاصيلها بعد.. يراها شامخة مثل عَلَمها فيرفع لتحيتها هامته وينشد في كل صباح مع أقرانه نشيدها الوطني.
والعَلَمْ المصرى، ويُسمّى رسمياً العَلَمْ الوطني.. عريق في تاريخه.. وتعود جذوره إلى عصر أجدادنا الفراعنة إذ يعد المصريون القدماء أقدم أمة في التاريخ البشري استخدمت الراية والعَلَمْ كرمز وطني لها، وتقف المعابد المصرية القديمة شاهدة على ذلك بنقوشها المحفورة على الجدران التي تبيّن استخدام أجدادنا لرايات وأعلام في الاحتفالات والحروب، كما تشير المعلومات التاريخية إلى أن المراكب الفرعونية التي كانت تبحر في النيل لتجوب السواحل القريبة قبل سبعة آلاف عام كانت تحمل أعلاماً تدل على تبعيتها، أعلاما بشعار محفور على الخشب يمثل طائر أبي منجل الذي يمثل تحوت رمز الحكمة، وتحت الشعار قطعة من النسيج للتزيين.
ومر “عَلَمْ مصر” بمراحل كثيرة من التطوير والتغيير، فكان أول علم مستقل لمصر في عهد محمد علي؛ فيما تم اعتماد العلم الحالي لجمهورية مصر العربية سنة 1984 حيث نص القانون الذي أصدره مجلس الشعب وصدق عليه رئيس الجمهورية آنذاك، بأن “شعار جمهورية مصر العربية يتمثل في شكل نسر زخرفي، مأخوذ عن “نسر صلاح الدين الأيوبي” ويقف مرتكزاً على قاعدة كُتِب عليها بالخط الكوفي “جمهورية مصر العربية”، كما نقش فوق صدره درع يمثل علم الجمهورية.
عَلَمْ جمهورية مصر العربية الحالي بألوانه الأحمر الذي يدل على الإشراق والأمل والقوة، والأبيض تعبيراً عن النقاء والسلام، والأسود الذي يعبر عن عصور الاستعمار التي تخلصت منها مصر، والنسر الذهبي الذي يرمز إلى الانتصارات، وينظر ناحية يمينه للدلالة على الأخذ باليمين أو التيمن وهو مرفوع الرأس ليعبر عن قوة مصر وعراقة حضاراتها.
وارتبط المصريون بعلم بلادهم كما يرتبطون بوطنهم ويعشقون ترابه فكان ولا يزال حاضراً في جميع المناسبات والانتصارات والاحتفالات سياسية كانت أم وطنية وحتى خلال الانتصارات التي تحققها المنتخبات الوطنية، يحمل المصريون في أيديهم راية بلدهم بمختلف الأحجام كما يحمل الجندي علم مصر.. وفي المناسبات الوطنية يحرصون بتلقائية وشعور وطني على ارتداء ملابس مستوحاه من ألوانه الزاهية وكأنهم يبعثون برسالة بكل فخر “أنا مصري.. وراية بلادي فوق الجميع”.
ومع اقتراب موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية ارتدت شوارع مصر وعاصمتها القاهرة أبهى حلتها.. وتحلَّت بألوان العلم المصري الذي يزين مقار اللجان الانتخابية ولافتات الدعاية، وعلى المتاجر وفي أيدي الباعة الجائلين وعلى بعض شرفات المنازل استعداداً ليوم الاقتراع الذي يعبر فيه المصريون عن رأيهم في صناديق الاقتراع في مشهد يؤكد على عصر الديمقراطية الذي تعيشه مصر المحروسة.
وكما سطر المصريون بالخارج الأسبوع الماضي ملحمة في حب الوطن بالتوافد على اللجان الانتخابية في مشاهد حضارية وأجواء عائلية احتفالية رافعين عَلَم مصر عالياً في مختلف العواصم والمدن الكبرى حول العالم، سيشهد الجميع جموع المواطنين الذين سيتدفقون اعتباراً من بعد غد ولمدة ثلاثة أيام صوب صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم متسلحين براية مصر، عَلَم مصر الشامخ رمز الهوية والكرامة والوطنية والمجد والانتماء والحب.. حب الوطن مصر الكنانة الأبية.. ويبعثون برسالة إلى العالم “تحيا مصر.. مصر التي في خاطري وفي دمي”.