اتخذ الحوار الوطنى مسارات جديدة ببدء تشكيل مجموعة تنسيقية، تضم ممثلين عن مجلس الوزراء، ومسؤولى الحوار الوطنى بهدف الإسراع فى تطبيق التوصيات والمخرجات فى كل المجالات التى تضمنها الحوار الوطنى فى جزئه الأول، بجانب الجزء الخاص بالمحور الاقتصادى الذى دعا له الرئيس السيسى فى يناير الماضى، الحكومة من جهتها تسعى لاستمرار التعاون مع الحوار الوطنى لتطبيق التوصيات.
لكن يبقى أهم ما حققه الحوار الوطنى منذ أن دعا إليه الرئيس السيسى، خلال إفطار الأسرة المصرية فى رمضان قبل الماضى 2022، وبهذا فهو يكمل عامين من الحوار، فقد نجح حتى الآن فى بناء جسور ثقة بين كل الأطراف سمحت بالكثير من الخطوات على طريق رسم خرائط المستقبل، خاصة أن الرئيس أكد انفتاح الدولة على الجميع، والاستجابة لمطالب الحوار الوطنى فيما يتعلق بالقضايا العاجلة، حيث تم تفعيل لجنة العفو الرئاسى، وكل ما يدخل منها ضمن سلطاته الدستورية والقانونية، وتلبية مطالب الحوار التى تم التوافق عليها، واستجاب الرئيس لمطلبى مد الإشراف القضائى على الانتخابات والاستفتاءات، والمجلس الأعلى للتعليم، ووعد بالنظر فى قوانين الوصاية ومفوضية منع التمييز، وقانون تداول المعلومات مع وعد بإحالة أى مطالب أخرى إلى مجلس النواب والجهات المختصة، كل هذا بجانب الكثير من العمل فى تصفية وإغلاق ملفات مفتوحة، واستمرار تنفيذ المطالب بشكل كبير، وأيضا إقامة جسور للتنسيق وتنفيذ التوصيات.
الحكومة تحركت لترجمة التوصيات إلى خطط تنفيذية، تسهم فى تحقيق المُستهدفات فى مختلف القطاعات، سواء المحور السياسى أو الاجتماعى أو الاقتصادى، وهناك بالطبع الكثير من القضايا تناولها الجزء الأول من الحوار الوطنى، الذى اتسم بالشمولية والتنوع، فى إدارة الحوار والانطلاق من الثقة، وعدم فرض رؤى مسبقة، بالطبع هناك موضوعات تفرض نفسها لطبيعتها المتشابكة أو التى تتضمن الكثير من التفاصيل الخاصة بالحاضر والمستقبل منها قضية المحليات والمجالس الشعبية المحلية وأيضا الكيفية التى يمكن من خلالها تطوير الإدارة المحلية بالشكل الذى يمكنها من إدارة العمل فى المحافظات والمدن والقرى، بالشكل المناسب للعصر.
وهناك أهمية للتوافق على مشروع قانون المجالس الشعبية المحلية، وفيما يتعلق بتوفير برامج تدريبية لتطوير إدارة العاملين بالمجالس الشعبية المحلية، وهناك حديث عن برامج تدريبية تربط موظفى الإدارة المحلية بالعصر من خلال التكنولوجيا والتدريب عليها والحوكمة وغيرها، وهو أمر فى حال نجاحه سوف يسهم فى إحداث نقلة كبيرة، لأن المحليات وتطوير أدائها، يرتبط بالكثير من التفاصيل والتشابكات، وأى تطوير للإدارة الحديثة لابد أن يمر بالمحليات، لأنها التى تقوم بكل المهام الأساسية فى المتابعة والتوظيف وتنفيذ المهام، وتخفف الضغط على المؤسسات المركزية.
وبالطبع فإن قضايا مثل التعليم والصحة، تأتى فى مقدمة التوصيات التى انته لها الحوار الوطنى، وتتعلق بتطوير شامل للتعليم مع ربطه بسوق العمل، وفى الصحة يأتى الانتهاء من تطبيق شامل لنظام التأمين الصحى الشامل كأساس لإنجاز أكبر وأهم خطوة فى سياق المستقبل. لأن العلاج يمثل أولوية لكل الأسر، ويتطلب بناء منظومة التأمين الصحى رفع كفاءة المستشفيات والوحدات الصحية وطب الأسرة، بما يمكن من تقديم خدمة حقيقية ومتطورة.
هذه مجرد أمثلة لكيفية إدارة التنوع، واتجاه إيجابى كبير فتح الباب لتداول آراء وتنوعها، ولا يزال قابلا للمزيد من المناقشات، لكن تبقى الخطوة المهمة فى هذا كله أن القضايا العامة والمتعلقة بالحاضر والمستقبل ومتطلبات المراحل المختلفة، أصبحت مطروحة على مائدة الحوار بشكل يتيح الفرصة للجميع بأن يدلوا بآرائهم ويطرحوها بجدية وأن يستمع كل طرف لغيره من الأطراف بما يساهم فى التوافق وتكوين وجهات نظر للمستقبل، وبقدر ما كشف الحوار عن تطور فى أداء بعض التيارات والأفراد، فقد أظهر أيضا عدم قدرة بعض التيارات الأخرى على التفاعل أو التوافق، وبقاء بعضها عند تخوم الماضى أو الاكتفاء بمواقف انسحابية أو مجرد شعارات ترددها، من دون قدرة على استيعاب وهضم التحولات التى يشهدها العالم.