منذ سنوات ليست بالقليلة، تواجه صناعة طباعة الكتب في مصر العديد من الأزمات التي تمثل عائقا كبيرا في طريق استمرار هذه الصناعة، فمما لا شك فيه أن سوء الوضع الداخلي المصري على المستويات المختلفة يؤثر بالسلب عليها، لكن الخطر الأكبر يكمن في أمور تتعلق بالصناعة نفسها، وفى هذا الإطار نستعرض معا أربع أزمات كفيلة بالقضاء على صناعة طباعة الكتب في مصر برأي متخصصين.
التطبيع مع مزوري الكتب
أثير منذ أيام قليلة ملمحا جديدا في قصة انتهاك الحقوق الملكية لدور النشر والكتاب، تمثل في عقد اتفاقات بين عدد من دور النشر الصغيرة ومجموعة من القائمين على مافيا سرقة الكتب، تضمن الحصول على مبالغ مالية من هذه المافيا مقابل السماح باستغلال حقوق دار النشر والكاتب الفكرية والتصرف فيها بحرية أكثر، ما أثار حفيظة عدد كبير من دور النشر المصرية الكبيرة والتي ترى في هذه الاتفاقات مظلة غير شرعية تضفي مزيدا من هذه الانتهاكات، والتي ستأثر بالطبع على إنتاجية الكتب، في ظل توحش من سارقي حقوق الملكية، وغياب تام لقوانين الردع والحزم من المشهد الثقافي؛ ليزاد الأمر أكثر قتامة برأي مسئولين عن دور نشر.
ارتفاع سعر الدولار
الأزمة لن تقف عند حد التطبيع مع منتهكي حقوق الملكية فارتفاع سعر الدولار الذي وصل لأعلى مستوياته في الأسابيع القليلة الماضية، يمثل لاعبا جديدا في هذه الأزمة وكغيرها من الصناعات تعتمد طباعة الكتب في مصر اعتمادا كليا على استيراد مواد الطباعة الخام من الخارج، في وقت تراجعت فيه جودة مواد الخام المصرية المستخدمة فيها كالأحبار والورق وآلات الطباعة والتجليد، ليجد القائمون على هذه الصناعة أنفسهم أمام أزمة جديدة تتعلق بكيفية توفير العملة الصعبة لاستيراد مقومات الطباعة، النتيجة المحتومة إما توقف الصناعة أو استمرارها مع ارتفاع أسعار الكتب.
فرض ضرائب على الكتب
مع كل هذه الأزمات التي تواجهها الصناعة، هناك احتمالات بفرض ضرائب مضافة على إصدارات دور النشر المختلفة، ما سيزيد سعر الكتب بنسبة تتوافق مع حجم الضرائب المضافة، والتي سيتكبدها في النهاية جمهور القراء، الأزمة في هذه النقطة تتجسد في ارتفاع سعر الكتاب الذي يراه البعض مبالغا فيه ولا يساهم في الترويج لمفهوم الثقافة والاضطلاع، لا سيما أن السوق الثقافي في مصر يواجه ركودا في نسب المبيعات، الأمر الذي سيفاقم أزمة صناعة طباعة الكتب بشكل سيئول إلى ما لا يرضاه المجتمع الثقافي.
غياب التصدي للقرصنة
يبدو هذا الأمر غير مستجد على الساحة الثقافية بالنسبة لكثيرين، ولكن ما يجب الانتباه إليه هو تفشي وتعدد طرق القرصنة والسرقة للحقوق الفكرية، فبعد يومين فقط من صدور رواية «أرض الإله» للروائي الشاب أحمد مراد، استطاعت مافيا القرصنة نشرها بصورة غير شرعية ولكن هذه المرة ظهرت طريقة جديدة من خلال سرقتها من المتجر الإلكتروني وأتاحتها عبر الإنترنت بصيغة bdf، إضافة إلى طباعتها بنسخة مزورة بلغت 20 جنيها أي أقل من مبلغها الأصلي بـ30 جنيها، لتكتب بذلك حلقة جديدة في مسلسل صراع دور النشر ومافيا تزوير الكتب الذي طال لسنوات تحت نظر المسئولين، دون وجود لقانون رادع يحمي هذه الصناعة، في ظل نداءات ومبادرات عدة ومشاريع قوانين حملها القائمون على صناعة الكتب، لم تجد حتى الآن صدى يعبر عنها ويضعها على أولوياته، في وقت يحتاج فيه المجتمع الثقافي لقوانين تنظم العمل به، أكثر من أي وقت مضي للحفاظ على ما تبقي من كل شيء ثقافي.