لم يغفل ديننا الحنيف أهمية العلاقات الإنسانية ومن بينها الصداقة، فوضع قواعد واضحة لكيفية اختيار الصديق، وقد حثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حسن اختيار الصديق، وألا تكون تلك الصداقة قائمة على مصلحة أو منفعة مرجوة، وإنما هو حب وأخوة في الله، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ” ”المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”.
وقد عد العلماء بعض الصفات التي يجب أن تتوافر في الصديق ومنها:
أن يكون تقيًا
من الصفات التي يجب توافرها في الصديق أن يكون تقياً صالحًا، وهذا هو المعيار الذي يجب أن تضعه أمامك دائمًا، معيار الدين والتقوى والصلاح في اختيار الصديق فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أرشد إلى ذلك بقوله: “لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقى”، والله سبحانه وتعالى يقول: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين).
أن يأخذ بيدك إلى الله
وكذلك يجب أن يأخذ الصديق بيدك إلى الله، فلا تصاحب من لا ينهض بك إلى الله حاله، ويدلك على الله مقاله، يقول تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾.
فهناك صاحباً يأخذ بيدك إلى الله، و صاحباً آخر يمتعك بزينة الحياة الدنيا.
أن يكون حسن الخلق
فلابد ﺃﻥ ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺑﺤﺴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ فكم من صحبة وصداقة ومودة أفسدها سوء الخلق وقبح الكلام وسوء التعبير وشدة الانفعال.
وقد جمع هذا المعنى علقمة العطاردي في وصيته لابنه لما حضرته الوفاة فقال : “يا بني إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مئونة مانك، اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى منك سيئة سدها، اصحب من إذا قلت صدّق قولك وإذا حاولت أمرًا أعانك ونصرك وإن تنازعتما في شيء آثرك”.
ليس بخيلًا
وقد أوصى مولانا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو على فراش الموت ابنه مولانا الإمام الحسين بالبعد عن مصادقة الأحمق والبخيل والكذاب والفاجر، فقال: “وإياك ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه”.
أن يكون عاقلًا
لأن الصديق العاقل لا يقف عند كل خطأ أو زلة تقع من صديقه وكما قيل:” الأريب العاقل هو الفطن المتغافل”وقال بعض الحكماء: “وجدت أكثر أمور الدنيا لا تجوز إلاّ بالتغافل ” أما عن الأثر السيئ لمن لم يلتمس الأعذار ويتسامح”.