أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريراً جديداً حول “التعليم التطبيقى”، تناول من خلاله ماهية التعليم التطبيقى وأهميته، وملامح التعليم التطبيقي في مصر، وأبرز التجارب الدولية، حيث أوضح التقرير أن التعليم التطبيقي يُعد أحد أهم ركائز النظام التعليمي الحديث؛ ويساهم في نقل المعرفة النظرية إلى واقع عملي ملموس، مما يساعد الطلاب على تحقيق فهم أعمق للمفاهيم التي يتعلمونها في الفصول الدراسية. ويتميز هذا النوع من التعليم بقدرته على تحسين مهارات الطلاب العملية وتجهيزهم لمتطلبات سوق العمل.
وأشار التقرير إلى إدراك الدول المتقدمة أهمية الجمع بين العملية التعليمية وسوق العمل، ولذلك تعمل على إنشاء شراكات بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات الأعمال، وهذه الشراكات تهدف إلى توفير فرص تدريب عملية للطلاب داخل الشركات، مما يمكنهم من اكتساب خبرة عملية قيمة أثناء دراستهم. بالإضافة إلى ذلك، تسهم هذه الشراكات في تطوير المناهج التعليمية بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، فعلى سبيل المثال فإن حوالي 30% من طلاب التعليم المهني الثانوي العالي في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مسجلون في برامج مشتركة قائمة على المدرسة والعمل معًا.
وفي مصر وصل عدد مدارس التكنولوجيا التطبيقية في التخصصات الصناعية والاستثمارية إلى (71) مدرسة في عام 2023، وتسعى الدولة المصرية إلى زيادة هذا العدد نظرًا لما حققته هذه النوعية من المدارس من نجاح ملحوظ، لتصل إلى (200) مدرسة في القريب.
وأضاف التقرير أن “التعليم التطبيقي” يشير إلى نهج تعليمي يتعلم من خلاله الطلاب عن طريق الانخراط في التطبيق المباشر للمهارات والنظريات والنماذج. ويطبق الطلاب المعرفة والمهارات المكتسبة من التعليم التقليدي في الفصول الدراسية على المواقف العملية و/أو الواقعية، أو المشروعات الإبداعية أو البحث المستقل أو الموجه، ثم يطبقون بدورهم ما اكتسبوه من الخبرة التطبيقية على التعلم الأكاديمي.
أشار التقرير إلى أن الحاجة إلى التعليم التطبيقي برزت مع وجود مجموعة من التحديات، فبرغم التحديثات المتتالية للمناهج الدراسية، لا يشعر الشباب بأنهم مجهزون لعالم العمل المتغير، كما تُظهِر الأبحاث أن الأسباب الثلاثة الأولى لعدم قيام أصحاب العمل بتوظيف الشباب هي: الافتقار إلى المهارات (بنسبة 42%)، والخبرة (بنسبة 36%)، والثقة (بنسبة 34%).
وقد استعرض التقرير أبرز فوائد التعليم التطبيقي والتي ذكرها فيما يلي:
-تحفيز الشباب وتحسين مشاركتهم.
-بناء مهارات قابلة للانتقال إلى عالم العمل.
-تحسين نتائج التعليم الأكاديمي.
-خلق قوة عاملة أكثر إنتاجية.
-انخفاض تكلفة التطبيق.
كما استعرض التقرير أهم التجارب الدولية البارزة في هذا المجال ومنها:
-الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث احتلت المركز الأول في مؤشر المهارات المهنية والتقنية في عام 2023 برصيد 75.74 نقطة، ويعد هذا المؤشر أحد المكونات الرئيسة لمؤشر تنافسية المواهب العالمي، كما يُعد التعليم القائم على العمل (WBL) برنامجًا مدعومًا فيدراليًّا، فالتعليم المهني والتقني يربط بين الفصول الدراسية وأماكن العمل لإعداد الطلاب للعمل في العالم الحقيقي.
-ألمانيا الاتحادية؛ يحظى النظام المزدوج للتعليم والتدريب المهني في ألمانيا باعتراف عالمي كبير نظرًا لدمجه بين ما يتم تدريسه في الفصول الدراسية والتدريب في بيئة العمل الواقعية، وعلى المستوى العالمي، تحتل ألمانيا مكانة رائدة في مجال التعليم والتدريب المهني؛ حيث إنها احتلت المركز السادس في مؤشر المهارات المهنية والتقنية في عام 2023 برصيد 72.11 نقطة.
-اليابان؛ تهتم اليابان بتقديم التعليم والتدريب المناسبين للطلاب، وتراعي أن تكون أحجام الفصول صغيرة، عادة أقل من 40 طالبًا، لضمان التعلم الشخصي والتفاعلي، والتأكيد على التدريب الداخلي الموسع للشركات، بما في ذلك التدريب العملي المطول داخل الشركات، والذي يستمر لأكثر من 600 ساعة (لبرامج مدتها أربع سنوات)، مما يسمح للطلاب بتجربة سيناريوهات العالم الحقيقي. ومن أبرز مدارس التدريب المهني في اليابان: “أكاديمية طوكيو للتصميم”، و “أكاديمية التغذية في موساشينو”.
وعن التعليم التطبيقي في مصر؛ فقد أشار التقرير إلى سعى الدولة إلى إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية في التخصصات الصناعية والاستثمارية، أملًا في توطين الصناعات الكبرى، لتصبح السوق المصرية مفتوحة أمام الشباب المصري، حيث تعتمد مدارس التكنولوجيا التطبيقية على اتفاق ثلاثي بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، والقطاع الخاص، وشريك أجنبي، لاعتماد وسائل تقييم الطلاب والشهادات من أجل بناء قدرات ومهارات الجيل الجديد من المبتكرين، سعيًّا إلى تحقيق الاقتصاد القائم على المعرفة، ويحصل الطالب في هذه المدارس على شهادة التكنولوجيا التطبيقية بنظام الثلاث سنوات.
وأضاف التقرير أن مدارس التكنولوجيا التطبيقية تقدم العديد من المميزات لطلابها، بجانب تطبيقها لمناهج دراسية قائمة على نظام الجدارات، ويتم تدريسها من قِبل معلمين مؤهلين على أعلى مستوى، ويحصل طلاب مدارس التكنولوجيا التطبيقية على العديد من المميزات مثل:
-الحصول على شهادة مصرية ذات جودة عالمية عند التخرج.
-التدريب العملي أثناء فترة الدراسة بمصانع وشركات الشريك الصناعي.
-فرص التعيين بشركات ومصانع الشريك الصناعي بعد التخرج.
-مكافآت مالية أثناء فترة التدريب العملي.
وأشار التقرير إلى أنه تم استحداث مدارس التكنولوجيا التطبيقية في مصر في عام 2018، بالتعاون مع الشركاء الصناعيين، وتجد هذه المدارس إقبالًا كبيرًا من الطلاب، وقد بدأت هذه التجربة بعدد (3) مدارس في عام (2018)، ووصل عددها إلى (71) مدرسة في عام 2023 في 18 محافظة بمختلف أنحاء الجمهورية، وتسعى الدولة إلى زيادة هذا العدد؛ نظرًا لما حققته هذه النوعية من المدارس من نجاح ملحوظ، لتصل إلى (200) مدرسة في القريب.
واستعرض التقرير أبرز المدارس التطبيقية في مصر وهي:
-مدارس متخصصة في تكنولوجيا الكهرباء والتبريد والتكييف والهندسة الميكانيكية والهندسة الإلكترونية.
-مدارس متخصصة في التصنيع الغذائي والهندسة الزراعية.
-مدارس متخصصة في صيانة السيارات.
-مدارس متخصصة في الذكاء الاصطناعي.
-مدارس متخصصة في الشبكات وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
-مدارس متخصصة في الإدارة والتشغيل.
-مدارس متخصصة في تكنولوجيا تركيب وتشغيل أجهزة الإضاءة/ الصوت.
-مدارس متخصصة في صناعة الرخام والجرانيت.
-مدارس متخصصة في تجارة التجزئة.
-مدارس متخصصة في صناعة الذهب والمجوهرات.
هذا بالإضافة إلى المدارس الدولية للتكنولوجيا التطبيقية، وأهمها:
-مدرسة فريش الدولية للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة العاشر من رمضان- محافظة الشرقية، وعدد سنوات الدراسة بها “ثلاث سنوات”، وهي متخصصة في تصنيع وصيانة الإسطمبات البلاستيكية والصاج وحقن المعدن.
-مدرسة ماونتن فيو الدولية للتكنولوجيا التطبيقية بالعبور بمحافظة القليوبية، وعدد سنوات الدراسة بها “ثلاث سنوات”، وهي متخصصة في تكنولوجيا إدارة المنشآت والمسطحات الخضراء.
وأفاد التقرير في ختامه بأنه يمكن القول أن التعليم التطبيقي يمثل نقطة وصل مهمة بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، مما يجعله ركيزة أساسية في تطوير النظم التعليمية. وبفضل هذا النوع من التعليم، يتم إعداد الطلاب لمواجهة تحديات سوق العمل بمهارات وخبرات عملية حقيقية.
وبتعاون كل من المؤسسات التعليمية وسوق العمل، تزداد فرص الطلاب في النجاح والتميز في مسيرتهم المهنية، وبالتالي، فإن تعزيز وتطوير التعليم التطبيقي يعد استثمارًا مهمًا في مستقبل الأجيال القادمة، وفي تحقيق التنمية الاقتصادية.