نشرت وكالة (بلومبرج) الأمريكية تقريراً سلطت خلاله الضوء على توسع انتشار الجيش التركي في عدد من الدول حول العالم، حيث سبق أن نشرت هذا التقرير بنفس صيغته في (7) مارس 2019، ولكن قامت بتحديثه أمس لمعرفة التغيرات التي طرأت على التوسع التركي، خلال هذين التاريخين، حيث ذكرت خلال هذا التقرير أن تركيا – في ظل حكم رئيسها الطموح ” أردوجان ” – قامت بإرسال قوات إلى ليبيا، مما أدى إلى إحداث تغيير في مجرى الحرب هناك، كما لايزال لها تواجد عسكري في ( سوريا / العراق / قطر / الصومال / أفغانستان ) ، كما تشارك في قوات حفظ السلام في البلقان ، فضلاً عن قيامها بداوريات واسعة في البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة، حيث تزعم أحقيتها في الطاقة والمصالح الإقليمية الأخرى، في ظل تصاعد التوترات مع ( اليونان / قبرص ) .
و أشارت الوكالة إلى أن هذا التوسع العسكري الكبير كان له ثمن، تمثل في ارتفاع الميزانية العسكرية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، من (1.8٪) في عام 2015 إلى (2.5٪) في عام 2018، في وقت اتسم فيه الاقتصاد التركي بالضعف، وفيما يلي نظرة على الدول والمناطق التي استعرضت تركيا ( عضلاتها ) هناك، والأسباب التي تكمن وراء ذلك:
ذكرت الوكالة أن ” أردوجان ” أرسل قوات بحرية وبرية، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار مسلحة إلى ليبيا لدعم الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، الأمر الذي يزيد من حدة الصراع الذي أصبح حرباً بالوكالة، موضحة أنه في حين تدعم تركيا حكومة ” فايز السراج ” التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، تلقى قوات شرق ليبيا الموالية للرجل القوي ” حفتر ” دعماً من المرتزقة الروس و( مصر / الإمارات ) ، مشيرة إلى أن تركيا تهدف من خلال تدخلها في ليبيا إلى إنقاذ عقود تجارية تُقدر بمليارات الدولارات، من الممكن ألا تنفذ على الأرض، بسبب الصراع الليبي الذي طال أمده، مضيفة أنه في مقابل الموافقة على الدفاع عن حكومة ” السراج”، فازت تركيا بدعم ليبيا لاتفاق بحري مثير للجدل يعزز مطالبة تركيا بحقوقها في شرق البحر المتوسط ، في ظل وجود نزاعات إقليمية مع اليونان.
أشارت الوكالة إلى أن التدخل العسكري التركي في سوريا يُعد أحد أكبر عملياتها الخارجية منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، موضحة أن “أردوجان” أرسل قوات إلى سوريا في عام 2016 لمحاربة الإرهابيين التابعين لتنظيم داعش والقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والمرتبطين بحزب العمال الكردستاني، كما سيطرت القوات التركية على بلدات في شمال سوريا في محاولة لإنشاء منطقة عازلة لتشجيع نحو أكثر من ( 3.6) مليون سوري فروا إلى تركيا على العودة إلى ديارهم وتجنب موجة جديدة من اللاجئين، وفي عام 2019، تمهلت تركيا في غزوها لسوريا بعد أن توصلت إلى اتفاقات منفصلة مع الولايات المتحدة وروسيا لإبعاد المقاتلين الأكراد في سوريا عن حدودها.
ذكرت الوكالة أنه كثيراً ما ترسل تركيا طائرات حربية وقوات عبر الحدود إلى شمال العراق لاستهداف مخابئ حزب العمال الكردستاني، كما أنها تحتفظ بقواعد عسكرية أُنشئت في الأصل لبعثة حفظ سلام في التسعينيات، وهي مصممة لفرض وقف إطلاق النار بين الأحزاب الكردية المتنافسة في المنطقة بوساطة دبلوماسيين أمريكيين وبريطانيين، وتؤكد تركيا أن استمرار وجودها في العراق يشكل رادعاً لحزب العمال الكردستاني وضبطاً لتطلعات الأكراد في الاستقلال عن العراق.
أشارت الوكالة إلى أن تركيا أقامت قاعدة عسكرية في قطر، بعد وقوفها إلى جانب الدوحة في خلافها مع تحالف إقليمي تقوده السعودية في عام 2017، موضحة أن تركيا وقطر تشتركان في دعمهما لجماعة الإخوان، وهي حركة سياسية أزعجت السعوديين ومعظم الممالك الخليجية الأخرى التي تعتبرها تهديداً لحكمهم المطلق، خاصة منذ ثورات الربيع العربي.
أشارت الوكالة إلى أنه في عام 2017، افتتحت تركيا أكبر قاعدة خارجية لها في مقديشيو، حيث يقوم مئات من الجنود الأتراك بتدريب الجنود الصوماليين في إطار خطة تركية أوسع للمساعدة في إعادة بناء بلد دمرته عقود من الحروب القبلية وتمرد حركة الشباب، مضيفة أن تركيا تعمل على تعزيز موطئ قدمها في الدولة الواقعة في القرن الأفريقي منذ زيارة “أردوجان” في عام 2011، مما يساعد على إحياء خدمات مثل التعليم والصحة والأمن، موضحة أنه في عام 2015، تعهد “أردوجان” ببناء (10) آلاف منزل جديد في البلاد، كما تم توقيع اتفاقيات في مجال الدفاع والصناعة، فضلاً عن أنه في عام 2020، أكد “أردوجان” أن تركيا حصلت على عرض من الصومال للمشاركة في التنقيب عن النفط قبالة سواحلها.
أشارت الوكالة إلى أن سفن البحرية التركية رافقت سفن التنقيب والحفر في قبرص في شرق البحر المتوسط في أغسطس الجاري، حيث أكدت على أحقيتها في موارد الطاقة المتنازع عليها، موضحة أنه يوجد خلاف بين (تركيا / قبرص) بشأن احتياطيات الغاز البحرية حول قبرص، والتي تم تقسيمها منذ أن استولت القوات التركية على الثلث الشمالي منها في عام 1974، في أعقاب محاولة انقلابية سعى خلالها المجلس العسكري اليوناني لتوحيد قبرص مع اليونان.
أشارت الوكالة إلى وجود نزاع بين تركيا واليونان بشأن الحدود البحرية في بحر إيجة والبحر المتوسط، حيث تدعي كلا البلدين أن المياه الواقعة جنوب تركيا تشكل جزءً من منطقتهما الاقتصادية الخالصة، ولهما الحق السيادي في استغلال الموارد الطبيعية الموجودة بها، مضيفة أن اليونان تؤكد على ضرورة أخذ الجزر الواقعة في جنوب تركيا في الاعتبار عند ترسيم الجرف القاري لأي بلد، بما يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي لم توقع عليها تركيا، في حين تعتبر تركيا أن تحديد الجرف القاري يتم بقياس المسافات انطلاقاً من البر الرئيسي، وأن المنطقة الواقعة جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية – على بعد بضعة كيلومترات فقط من الساحل الجنوبي لتركيا – تقع ضمن منطقتها الخاصة، موضحة أن اليونان وقعت اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع مصر في ( 6) أغسطس الجاري، تحدد حدود مناطق كل منهما ، مما يشكل تحدياً للاتفاق التركي الليبي لعام 2019.
أشارت الوكالة إلى أن تواجد القوات التركية في أفغانستان يأتي كجزء من تحالف بقيادة حلف شمال الأطلسي يضم أكثر من (50) دولة لدعم قوات الأمن الأفغانية ضد حركة طالبان، موضحة أن تركيا صاحبة ثاني أكبر جيش من حيث عدد الأفراد في حلف الناتو.
أشارت الوكالة إلى أن القوات المسلحة التركية لها وجود أيضاً في قاعدة عسكرية في أذربيجان، كما لديها أيضاً حق استخدام قاعدة جوية في هذا البلد، كما أجرت الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة خلال شهر أغسطس الجاري، بعد مناوشات وقعت في وقت سابق بين أذربيجان وأرمينيا، موضحة أن تركيا تعهدت بتحديث المعدات العسكرية الأذربيجانية وتزويدها بأنظمة دفاع جديدة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار التركية الصنع والصواريخ وأجهزة الحرب الإلكترونية.
أشارت الوكالة إلى أن الجيش التركي قد شارك في مهام حفظ السلام بقيادة حلف شمال الأطلسي في كوسوفو والبوسنة والهرسك منذ الحرب في التسعينيات، موضحة أن تركيا لديها مصلحة خاصة في المساعدة على حماية المجتمعات التركية العرقية هناك.
أشارت الوكالة إلى أنه من بين أكثر الأمور إثارة للجدل، هو موافقة تركيا على إنشاء مراكز تدريب عسكرية في السودان إبان حكم الرئيس السابق ” عمر البشير”، كما وقع “أردوجان” اتفاقيات مع السودان لزيادة الاستثمار والتجارة التركية، حيث وافقت حكومة ” البشير ” على تأجير جزيرة سواكن لتركيا لمدة (99) عاماً، وهي خطوة من شأنها أن تسمح لتركيا ببناء قاعدة في الجزيرة وتوسيع نطاق نفوذها العسكري إلى البحر الأحمر.