تغنى الكثيرون من المعنيين بالثقافة والفن بضرورة محاربة الإرهاب والتطرف عن طريق الفن والغناء، وأفحمنا عدد كبير من المسؤولين بالحديث عن قوة مصر الناعمة، ذلك المصطلح الذى أصبح «اسطامبة» يتداوله الكثيرون فى وسائل الإعلام المختلفة وفى أى مكان يجمع المثقفين بالفنانين إلا أنه لم يتحرك أحد ليستخدم تلك القوة الناعمة فى مواجهة التطرف بحزم شديد وبجراءة سوى الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، الذى يجب أن نرفع له القبعة تقديرا واحتراما لجراءته فى اتخاذ قرار عودة الفن والغناء إلى جامعة القاهرة من جديد، وهو القرار الذى أعاد البهجة والجمال والفن إلى ساحة الجامعة وحرمها الذى يمتلئ على آخره فى كل حفل تقيمه الجامعة، فى إشارة لتعطش طلبة الجامعة إلى الكلمة الحلوة واللحن المميز.
اختيارات جامعة القاهرة للمطرب الذى يقف داخل حرمها يغنى ويطرب طلابها يدل على وعى فنى كبير بقيمة تلك الاختيارات، خاصة مع النجوم ممن يتمتعون بشعبية ضخمة كالكينج محمد منير، الذى أحيا واحدا من أهم الحفلات الغنائية داخل الجامعة وقدم من خلاله رسائل فنية وسياسية وثقافية واجتماعية، سواء فى أغانيه التى قدمها للطلبة أو من خلال حديثه المباشر مع الطلاب من على المسرح، إضافة لسرده لتاريخ جامعة القاهرة وأهمية الاهتمام بالوعى الثقافى والفنى لدى الطلبة وضرورة أن تعود الجامعات منابر للثقافة والفكر وليس للعلم فقط. اختيار أمير الغناء العربى هانى شاكر أيضا اختيار موفق ليس فقط لكونه واحدا من أهم نجوم الوطن العربى وله شعبية كبيرة، ولكن أيضا لإرضاء شرائح مختلفة من جمهور طلبة الجامعة وللحفاظ على البرنامج المتنوع أيضا لحفلات الجامعة.
اتفاق جامعة القاهرة مع المطربة آمال ماهر والمطربة أنغام وغيرها من النجمات المصريات يدل على أن الجامعة لا تتعامل مع الحفلات من باب الترفيه فقط، وإنما تعى جيدا قيمة وحجم وتأثير من تختار لينال شرف الغناء بحرم جامعة القاهرة العريقة، وينم عن وعى بمتطلبات الشباب وميولهم واتجاهاتهم، وهو الأمر الجيد جدا فى الفترة الحالية خاصة فى الوقت الذى نحتاج فيه بشدة لقوة مصر الناعمة لمواجهة الإرهاب والتطرف بالفن والكلمة واللحن.
وكل ما أتمناه أن تقوم جميع الجامعات فى مصر بتطبيق نفس الحالة داخل أروقتها وتحديدا جامعات الأقاليم البعيدة، وأعتقد أن الكثير من مطربينا لن يترددوا فى الذهاب إلى الصعيد والوادى الجديد مثلا.