منذ عزل الرئيس السوداني عمر البشير في أبريل الماضي، تناولت العديد من التقارير أحواله، وكانت جميعها تؤكد أن الوضع الصحي للرئيس المعزول في تدهور مستمر منذ إيداعه في السجن، فهناك من أكد معاناته من حالة نفسية صعبة، وهناك من أعلن عن إصابته بجلطة، ووصل الأمر إلى أقاويل تؤكد أن الوضع الصحي للبشير لا يسمح ببقائه في السجن في هذه المرحلة. إلا أن الظهور الأول للبشير أمس منذ عزله جاء ليكشف عكس كل تلك الأقاويل التي تتحدث عن تدهور وضعه الصحي، ويدحض كل تلك الشائعات.
فللمرة الأولى منذ الإطاحة به في 11 أبريل الماضي، يظهر الرئيس السوداني المخلوع تحت ضغط الشارع، لعامة السودانيين، حين مثل أمام النيابة العامة المكلفة بقضايا الفساد في الخرطوم، حيث يواجه تهما بالفساد.
ووصل البشير مرتديا الثياب التقليدية من سجن كوبر إلى مقر النيابة العامة، يرافقه موكب آليات عسكرية، وعناصر أمن مسلحة، وكان من اللافت عدم وجود “أصفاد” بيدي الرئيس المعزول.
وظهر البشير ورجال الأمن يقتادونه إلى نيابة مكافحة الفساد للتحقيق معه، في صحة جيدة، يرتدي الجلباب السوداني الأبيض والعمّة، وهو ما أثار تعليقات العديد من السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وشكك آخرون في أن يكون البشير موجودا في سجن كوبر في الأساس.
السودان: إحالة عمر البشير للمحاكمة بعد أسبوع
الكثير من الاتهامات وُجهت للبشير، أبرزها قتل المتظاهرين والثراء الحرام، فبعد عزله وُجهت للرئيس المخلوع وآخرين اتهامات بالاشتراك والتحريض على قتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي سبقت الإطاحة به.
وبحسب لجنة أطباء السودان العضو في قوى الحرية والتغيير التي تقود الاحتجاجات في البلاد، فإن حصيلة القتلى منذ بدء التظاهرات في 19 ديسمبر، وحتى رحيل البشير، بلغت 90 شخصا قتلوا على أيدي قوات الأمن التابعة للنظام.
ووجهت النيابة للبشير أيضا تهما تندرج تحت مواد النقد الأجنبي ومخالفة أمر الطوارئ وحيازة نقد سوداني يتجاوز المبلغ المسموح به، والكسب بطرق غير مشروعة، وتم توجيه التهم بحضور الرئيس المخلوع شخصيا وممثلي الدفاع.
وفي أبريل الماضي عقب عزل البشير وسجنه، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، العثور على ما قيمته 113 مليون دولار من الأوراق النقدية بثلاث عملات مختلفة في مقر إقامة البشير بالخرطوم.
وأوضح البرهان حينها أن فريقا من الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن والمخابرات والشرطة والنيابة العامة عثر على 7 ملايين يورو و350 ألف دولار و5 مليارات جنيه سوداني في أثناء تفتيش منزل البشير.
وقال وكيل النيابة علاء دفع الله: “تم إحضار الرئيس المعزول وإبلاغه بأنه يواجه تهما بموجب المادتين 5 و9 حيازة النقد الأجنبي والمادة 6 الثراء الحرام والمادة 7 الحصول على هدية بطريقة غير قانونية، وغادر البشير النيابة بعد دقائق قليلة” بحسب “فرانس برس”.
مصادر أمنية أشارت إلى أن فريق الدفاع عن البشير يضم رئيس البرلمان الأسبق أحمد إبراهيم الطاهر، والقيادي في حزب المؤتمر الوطني المنحل محمد الحسن الأمين.
وسائل إعلام سودانية أعلنت سابقا أن البشير أقر بالتهم الموجهة إليه من قبل السلطات، التي تحقق معه عقب الإطاحة به، وهو ما دفع أسرة الرئيس المعزول لتكليف 4 محامين لتولي الدفاع عن البشير أمام النيابة العامة والمحكمة حال إحالته إليها.
أزمة الحكومة وتكذيب «العسكري» يعقدان المشهد السوداني
وأعلن مصدر من أسرة البشير أن “نحو 50 رجل قانون أبدوا استعدادهم للدفاع عن البشير”، وفقا لـ”الألمانية”.
وكان النائب العام الوليد سيد أحمد قال، أول من أمس، السبت، إنه تم فتح 41 دعوى جنائية ضد رموز النظام السابق.
وأطاح الجيش بالبشير الذي وصل إلى الحكم بعد انقلاب عام 1989، واعتقله عقب انتفاضة شعبية كبيرة بدأت في ديسمبر الماضي وتواصلت حتى سقوط نظامه بعد نحو 5 أشهر من الاحتجاجات، وما زال الشارع ينتفض للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة لحكومة مدنية.