ترافعت النيابة العامة، اليوم الإثنين، في إعادة محاكمة الناشط السياسي أحمد دومة، بالقضية المعروفة بـ«أحداث مجلس الوزراء».
واستهل ممثل النيابة المرافعة بتلاوة الآية الكريمة :” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.
وواصل ممثل النيابة تلاوة الآية الكريمة: “إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض”.
وأكمل ممثل النيابة مُخاطبًا المحكمة: “أقف بمحرابكم لا خطيب يملك من الخطابة مقوماتها، ولا حكيم أوتي جوامع الكلم”، وأضاف :”أقول إن لمصر قضاة كانوا دومًا ضمير الأمة النابض وسيفها البتار، يعبرون في أحكامهم عن آلام وآمال المجتمع، ولإرساء قيم العدالة والمساواة”.
وتابع بالقول :”الحمدلله الذي وهبكم صفة من صفاته ألا وهي صفة العدل، والحمدلله الذي جاء بنا إلى الساحة المقدسة ساحة القضاء والعدالة لتسمعوا شكوى وطن تجاه متهم وللأسف هو من أبنائه، وتابعت النيابة :”وطن يناشدكم أن يقتصوا بمن عبث بمقدراته”.
وتابع ممثل النيابة بالتأكيد على أن “دومة” هو من رءوس الفتنة، اعتلى منبر الإعلام ليختال بإثمه، وطالب ممثل النيابة بوأد هذه الفتنة، وتوقيع عقوبة رادعة زاجرة هي أقصى عقوبة سنها المشرع عقابًا للمتهم على جرمه، وتابع لا رأفة بالمتهم الماثل، لا أثر للندم في نفسه، وتابع التصدي له هو ملجأنا للنجو من أعمالهم الآثمة، وأشار بأن الحكم عليه من قبل المحكمة سيكون استئصالًا لخلايا سرطانية، وتابع بالقول أنه يأسف أنها تربت في هذا الوطن، معقبًا :”وكان رد صنيع الوطن أن ينهشوا في كيانه ليتركوه حطامًا”.
وأكدت المرافعة على معاناة مصر ممن أسمتهم “الشرذمة ذوي الأنفس غير السوية” الذين سولت لهم الاعتداء على حماة الوطن وتخريب ممتلكاته، ووصفت المرافعة “دومة” والمتهمين السابق الحكم عليهم بـ”نشطاء اللحظة” الذين يدمنون الظهور، لا يسعون للبناء، آراءهم صواب، يريدون أن ننصاع لهم دون تروى أو مناقشة، وتابعت المرافعة بالقول :”غرورهم صور لهم أنهم فوق القانون، غير محاسبين على أفعالهم”.
واستكملت المرافعة بأن المتهمين خرجوا بعد ثورة شهد لها العالم بسلميتها، يجوبون فسادًا بزعم حمل اسمى القيم الإنسانية الحق والحرية، فأصبح الوطن مشتت القوة والعافية، وأعطت المرافعة وصف “فوضى ما بعد الثورة” للأحداث محل الدعوى.
وانتقلت النيابة لسرد تفاصيل الدعوى لتشير إلى أن يوم الواقعة اتفق المشاركون فيه سلفًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإسقاط الحكومة الانتقالية آنذاك، مشددة :”وسيلة رزقهم هي الفوضى”، وشددت على أن بتنفيذ مخططهم الشيطاني كأنهم اتفقوا لإحياء ذكرى حريق القاهرة، فاجتمعوا أمام مجلس الوزراء، منهم من يقوم بتعبئة الزجاجات الحارقة، ومنهم نن يتعاطي مواد مخدرة، وانهم أثناء انشغال المصريون بهموم الوطن، وكيفية بناءه، قصد المتهم ورفاقه شارع القصر العيني والشوارع المحيطة بمجلس الوزراء لما فيه مننشآت حيوية، وأضرموا النيران فيها.
وأكدت المرافعة بأن فعلة المُتهمين تجاه المجمع العلمي وعلى رأسهم “دومة” تسببت في إحراق أكثر من 200 ألف كتاب ذات قيمة تاريخية، معقبةً :”وهم نكرة لاقيمة له”، وأضافت :”لم يكتفوا بذلك بل سرقوا منه القصاصات التاريخية”، ليعقب ممثل النيابة بالقول :”ما أشبه اليوم ببارحة، تتار اليوم غرباء، وتتار اليوم هم من أبناء مصر”.
وانتقلت المرافعة لسرد الأهمية التاريخية للمباني التي تضررت في الأحداث، ومنها مجلس الشورى الذي أشار ممثل النيابة إلى أنه شهد صياغة دستور 23، ومناقشة نواب الوطن لهمومه، هو ومجلس الشعب المجاور الذي كان دومًا في رعاية هموم الفقراء والمساكين.
وشدد ممثل النيابة بأن خير دليل على انسياقهم حول قصدهم الخفي وهو استمرار الفوضى، هو استهدافهم لمجلس الوزراء، وإشعال النيران فيه، وإحداث التلفيات به وسرقة محتوياته، والتعدي أفراد الشرطة بأسلحة وأدوات كانوا يحملوها، وتساءل ممثل النيابة عن علاقة السرقة برغبتهم في إسقاط الحكومة الانتقالية، معقبًا بالسؤال :”أم عميت أبصراهم لفضح مخططاتهم الإجرامية”.
ووصفت المرافعة مشهد إشعال النار يوم الأحداث، ذاكرةً أن “دومة” وقف يلوح بيده ويُعطي الإشارات للمتهمين السابق الحكم عليهم أن أمحو التاريخ، ومن ثم ألقي ما بيده فإذا باللهب يتطاير في السماء حتى يبلغ الجدران، بينما يصرخ سلمية سلمية، وعقبت :”قست قلوبهم”، معبرةً عن أسفها على تاريخ وطن أحرق من قبل أبنائه.
وسردت المرافعة عقب ذلك الأدلة والقرائن الخاصة بالقضية، ومنها أقوال الشهود، وكذلك ما أقر به المتهم بنفسه مع الإعلامي وائل الإبراشي أنه من ألقى المولوتوف على رجال القوات المسلحة، ومبنى مجلس الشعب، وما يؤيد ذلك من أدلة فنية بشأن الحرائق التي نشبت بالمجمع العلمي ومجلس الشعب والشورى ومجلس الوزراء.
تعقد الجلسة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا، ود.عادل سيوي، وأمانة سر حمدي الشناوي
ونسبت النيابة إلى المتهمين في القضية ارتكابهم لجرائم التجمهر المخل بالأمن والسلم العام، ومقاومة السلطات باستخدام القوة والعنف لمنعهم من أداء قوات الأمن لعملهم في تأمين وحماية المنشآت الحكومية، والحريق العمدي لمبانٍ ومنشآت حكومية وإتلافها واقتحامها، والتخريب وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة.
كما تضمنت الاتهامات تعطيل المرافق العامة وحيازة أسلحة بيضاء وقنابل مولوتوف وكرات لهب، فضلًا عن حيازة البعض منهم لمخدرات بقصد التعاطي، وممارسة مهنة الطب دون ترخيص، والشروع في اقتحام مبنى وزارة الداخلية لإحراقه، وإتلاف وإحراق بعض سيارات وزارة الصحة وسيارات تابعة لهيئة الطرق والكباري وبعض السيارات الخاصة بالمواطنين، والتي تصادف تواجدها في شارع الفلكي.