قمة العقبة الثلاثية، التى جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسى، والعاهل الأردنى عبدالله الثانى، والرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبو مازن» تأتى فى وقت دقيق، وتتضمن استمرار الجهود المصرية الأردنية لمواجهة العدوان الإسرائيلى على غزة، والتنسيق والتشاور وتوحيد الرؤى وتأكيد رفض مخططات التهجير والتصفية، ومواصلة جهود طرح مسارات للخروج من أزمة طالت، وتهدد باتساع الصراع الإقليمى.
قمة العقبة هى القمة الثالثة التى تجمع قادة الدول الثلاث خلال عام واحد، بعد قمتى يناير وأغسطس 2023 قبل العدوان بحوالى شهر، وتركزت القمتان السابقتان بين مصر والأردن على دعم السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة أبو مازن، ومنظمة التحرير كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطينى، وسط الضغوط الإسرائيلية المتزايدة على رام الله، حيث يوسع الاحتلال من ضغوطه على السلطة الفلسطينية، والضفة ويوسع من عدوانه بكل الاتجاهات.
ومنذ بدء العدوان كانت مصر والأردن أكثر الدول تحركا لاحتواء الموقف، ومنع التصعيد، وحذرت القاهرة وعمان من اتساع النزاع إقليميا فى حال استمرار التطرف الإسرائيلى، عمل وزيرا خارجية مصر والأردن بتنسيق مشترك لتشكيل جبهة موحدة للدفع نحو الضغط لوقف العدوان واستمرار إدخال المساعدات إلى غزة، وتكثفان الاتصالات مع الأطراف الدولية والإقليمية، لضمان تنفيذ القرارات الأممية باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية تحت إشراف أممى، والسعى لوقف العدوان، وقطع الطريق على مخططات التصفية والتهجير، التى تصدت لها مصر والأردن بكل قوة.
وتواصل كل من القاهرة وعمان التنسيق فى كل الملفات الخاصة، والمبادرات والاتصالات المختلفة مع الأطراف المتعددة لوقف العدوان، مع تأكيد الرئيس السيسى والملك عبدالله الثانى على موقف حاسم من أى حديث عن مستقبل قطاع غزة واعتباره شأنا فلسطينيا يقرره الفلسطينيون وحدهم، وأن مصر والأردن يدعمان كل خيارات الشعب الفلسطيني، ويرفضان أى حلول معلبة لغزة ما بعد انتهاء الحرب لا تراعى حقوق الشعب الفلسطينى وتضحياته ولا تضع فى الحسبان حجم الفاتورة التى دفعها ولا يزال الفلسطينيون فى سبيل تحقيق حلمهم فى دولتهم المستقلة.
تتزامن قمة العقبة مع طرح مصر لمبادرة ومقترح لوقف إطلاق النار بشكل دائم فى قطاع غزة، من خلال طرح تم تقديمه لكل الأطراف، وهى المبادرة الوحيدة على الساحة والتى راعت فيها مصر شواغل كل الأطراف، مع التمسك بثوابت القضية الفلسطينية وحماية الفلسطينيين ووقف العدوان كأولوية وإدخال المساعدات الى قطاع غزة، وكانت مصر طرفا فى التوصل إلى الهدنة الأولى لكونها تمتلك مفاتيح كثيرة واتصالا مع كل أطراف الأزمة وأيضا الأطراف الإقليمية والدولية.
كما تتزامن قمة العقبة مع جولة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن للشرق الأوسط، فى ظل بوادر عن توجه أمريكى لخفض التصعيد، والسعى لمنع اتساع الصراع بما قد يهدد الأمن والسلم الإقليمى، حيث يمكن أن تشتعل جبهة إسرائيل وحزب الله بعد تنفيذ الاحتلال الإسرائيلى عمليات اغتيال لصالح العارورى وقياديى الحزب فى جنوب لبنان، بجانب احتمالات تزايد تهديد الملاحة الدولية فى البحر الأحمر ، وتعرض القوات الأمريكية فى العراق وسوريا للتهديد من قبل الفصائل التابعة لإيران.
بالتالى فإن التواصل غير المباشر مع إيران محور رئيسى فى رحلة بلينكن إلى الشرق الأوسط، لمحاولة منع صراع أوسع، وحسب سى إن إن نقلا عن مسؤول بالخارجية الأمريكية فإن بلينكن سيوضح للقادة الذين يلتقى بهم أن الولايات المتحدة «لا تريد أن ترى الصراع يتصاعد ولا تنوى تصعيده».
من هنا تتضاعف أهمية القمة الثلاثية بين الرئيس السيسى والملك عبدالله والرئيس أبو مازن، والتنسيق والتشاور فى تداعيات استمرار العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، والتصدى لكل المخططات التى تهدف لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء أو من الضفة الغربية إلى الأردن، وهو موقف أكده الرئيس السيسى خلال لقاءاته واتصالاته مع زعماء وقادة العالم، وهو نفس موقف الملك عبدالله.
القمة الثلاثية تؤكد الدعوة لوقف فورى للعدوان وضرورة العودة للمسار السياسى لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وفقا للمقررات الدولية، وتنسيق مواقفهم حيال التطورات الأخيرة فى قطاع غزة، ومواجهة المعاناة الإنسانية لسكان القطاع، وتعمد الاحتلال فى سياسة التجويع والعقاب الجماعى، وهو ما يخالف قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2720 بشأن زيادة نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإنشاء آلية أممية لمراقبة ومتابعة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وبالتالى فإن قمة العقبة، هى تأكيد لدور إقليمى فاعل، فى مواجهة العدوان، وتأكيد رفض التصفية والتهجير، ودعم حقوق الشعب الفلسطينى.