آفاق التكنولوجيا تجمع بين «ماكلارين» و«ريتشارد ميل»
«الشرق الأوسط» في زيارة لمركز المجموعة الأربعاء – 13 شعبان 1438 هـ – 10 مايو 2017 مـ رقم العدد [14043] ريتشارد ميل: يتحدى الزمن بالتكنولوجيا – ساعة «أر إم 50-03» أنتجتها الشركة بالتعاون مع «ماكلارين إف 1» – أحدث سيارة سباق لفريق «ماكلارين» لندن: «الشرق الأوسط» في مدينة ووكنغ بمقاطعة ساري جنوب غربي لندن، يقع مركز مجموعة ماكلارين للتكنولوجيا، المصمم على شكل دائري نصفه مخصص لمبنى المصنع الذي يشبه المعمل الطبي المعقم، والنصف الآخر بحيرة تحيطها الخضرة من كل جانب. الشركة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم سباق «فورمولا – 1» وقسم إنتاج السيارات السوبر والقسم الثالث للتقنيات المتقدمة. الشركة دعت مجموعة من ممثلي الإعلام الدولي، شملت «الشرق الأوسط» وحدها من الإعلام العربي، لزيارتها والتعرف على أقسامها وشراكاتها التقنية.
وفي المدخل، تعرض الشركة تاريخها الحافل عبر نماذج لسيارات سباق حققت بطولات على مر السنين، وعدد هائل من الجوائز التي حققتها الشركة منذ تأسيسها في عام 1966 من المتسابق بروس ماكلارين وفريق المتحمسين للسباق الذي صاحبه في الرحلة المثيرة. ولم يمهل القدر ماكلارين عمرا لكي يشاهد الفريق الذي يحمل اسمه يفوز ببطولة العالم، فقد توفي في شبابه في حادث تصادم على مضمار التجارب. ولكن اسمه استمر عبر شركته، وهي الآن من الشركات القليلة، مع «فيراري»، التي استمرت في سباقات «فورمولا – 1» منذ الستينات.
وحققت ماكلارين حتى الآن 12 بطولة عالم للسائقين، وثماني بطولات للصانعين كان أولها في عام 1974 من السائق البرازيلي إيمرسون فيتيبالدي، وآخرها في عام 2008 من السائق لويس هاميلتون، وتحققت في آخر سباقات الموسم في البرازيل.
ورغم بعض المصاعب في تطوير المحرك الجديد الذي تعتمد عليه ماكلارين هذا الموسم من شركة «هوندا»، فإن جوناثان نييل مدير قسم السباق في الشركة يقول إن المرحلة الصعبة ستنتهي قريباً بتحسين إنجاز السيارة، وإن التعاقد مع «هوندا» مستقر ومستمر.
شراكة «ريتشارد ميل»
ويشير نييل إلى أن نشاط ماكلارين يركز على عاملي التكنولوجيا والزمن. ولذلك كانت شراكة «ماكلارين» وشركة الساعات الرياضية السويسرية «ريتشارد ميل» مثمرة للطرفين، حيث يشتركان في الأهداف نفسها.
من ناحية، يقول نييل إن الفارق بين سيارات الصف الأول والصف الأخير في سباقات «فورمولا – 1» لا يتعدى أربع ثوان فقط. وتعمل الشركة بكل جهد طوال العام لكي تنتج أربع سيارات سباق سنوياً تحاول بها اقتطاع ثانية أو اثنتين من زمن دورة المضمار.
من ناحية أخرى، تنتج شركة «ريتشارد ميل» ساعات نادرة تحتوي على مئات من المكونات، ولا تزن في مجملها إلا بضع عشرات من الغرامات بفضل استخدام مواد جديدة، كان أحدثها مادة تسمى «غرافين» تخلط برقائق كربونية لإنتاج مواد أخف وأقوى من خلائط الكربون العادية. وتستخدم الشركة هذه المادة في تصنيع جسم الساعة وبعض مكوناتها النادرة عالية الدقة في التوقيت. كما تدرس ماكلارين إدخال هذه المادة أيضاً في تصنيع سياراتها لخفض المزيد من وزنها.
وتم عزل مادة الغرافين للمرة الأولى عملياً في معمل متخصص أنشئ عام 2015 في جامعة مانشستر البريطانية. واستطاع أستاذ الفيزياء أندريه جييم تحقيق هذا الإنجاز، الذي حصل بفضل نظرياته على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2010 بالمشاركة مع زميله البروفسور كونستانتين نوفوسيلوف.
أحدث ساعات الشركة اسمها «أر إم 50 – 03» بالتعاون مع «ماكلارين إف 1»، وهي تجديد تقني فريد، ولا يزيد وزن هذا الموديل عن 40 غراماً بما في ذلك سوار الساعة. وهي بذلك أخف ساعة في العالم من هذا النوع. وهي تشترك مع تقنيات سيارات ماكلارين في سباق البحث عن خفة الوزن ودقة الإنجاز وقوة التحمل.
من الساعات المرموقة التي أنتجتها شركة ريتشارد ميل أيضاً ساعة «آر إم 008» وتقدر قيمة الواحدة منها بنحو نصف مليون يورو. أما الساعة «آر إم 056» فهي نادرة للغاية، حيث لم تنتج منها الشركة سوى خمسة نماذج فقط، وكانت هي أفضل ساعة في معارض عام 2012، وتقدر قيمتها بنحو 1.7 مليون دولار. وهي بإطار شفاف مصنوع من الياقوت. ويقول مؤسس الشركة ريتشارد ميل إن «التحديات هي ملهمة الإنجاز، ولا بد أن تنطلق الشركة من الموقع الأول دائما». وهي مقولة تحاول شركة ماكلارين أن تطبقها وتحققها في سباقات «فورمولا – 1» أيضاً.
ويعشق مؤسس الشركة ريتشارد ميل رياضة السيارات، حيث كان يذهب لمشاهدة سباقات السيارات وهو طفل مع والده، واستمر إعجابه ببروس ماكلارين مؤسس فريق ماكلارين، ثم إنجازات الفريق من بعده عبر 50 عاما من التميز على حلبات السباق. وبعد تأسيس شركته لصناعة أحدث ساعات العالم تقنية، شعر ريتشارد ميل أن الشراكة طويلة الأجل مع فريق ماكلارين – هوندا هو النموذج المناسب للشركتين. فمن ناحية كانت شركة ماكلارين سباقة في استخدام الكربون في سيارات السباق التابعة لها. ومن ناحية أخرى كانت شركة ريتشارد ميل تسعى إلى الهدف نفسه في الجمع بين خفة الوزن والسرعة وقوة الاحتمال.
وبما أن شركة ماكلارين لها أيضاً نشاط في التقنيات المتقدمة بالإضافة إلى نشاطها في مجال السباق وإنتاج السيارات السوبر، أتاح ذلك الفرصة لشركة ريتشارد ميل في اكتشاف تطبيقات مادة الغرافين في مجال الساعات للمرة الأولى على الإطلاق.
وتمثل الساعة «آر إم 50 – 03» توجه جديد للتعامل مع التحديات التي تواجه صناعة الساعات الحديثة. وكان للتعاون مع ماكلارين الفضل في اختبار وتطوير وإنتاج مادة الغرافين؛ بينما ركز خبراء شركة ريتشارد ميل على ابتكار الأدوات التي تتعامل مع هذه المادة وتشكلها وتصقلها، وذلك بدقة تصل إلى الميكرون الواحد (أي واحد على ألف من المليمتر).