لم تنل الدراما المصرية ، نفس القدر الذى تمتعت به السينما المصرية من تحويل الأعمال الأدبية والروائية إلى أعمال فنية ، فالنصيب الأكبر كان دائما للسينما ، لما لها من سحر خاص ، وأيضا أسباب فنية ، جعل تحويل الرواية ، إلى فيلم أسهل بكثير من تحويلها لعمل درامى .
ورغم هذا الفقر فى تحويل الأدب إلى دراما تليفزيونية ، إلا أن أغلب الأعمال التى تم تحويلها لمسلسلات حظيت بنجاح كبير ، نذكر منها حديث الصباح والمساء ولن أعيش فى جلباب أبى والحرافيش وخالتى صفية والدير من الذى لا يحب فاطمة وغيرها ، وأخرها ذات وسجن النسا.
“أفراح القبة” هى رواية لنجيب محفوظ ، يعيد المخرج محمد ياسين هذا العام ، تقديمها فى قالب درامى ، مع المؤلف نشوى زايد ، وهى محاولة تستحق المتابعة والإهتمام ، لما تحمله أعمال نجيب محفوظ من قضايا وموضوعات لها طابع خاص .
وعن عودة الأدب مرة أخرى الناقد نادر عدلى قال إن وجود مسلسل واحد هذا العام ، مأخوذ من رواية أدبية لا يجعلنا نجزم بعودة هذه الأعمال مرة أخرى ، فليس هناك اجتهاد من كتاب السيناريو للبحث عن أعمال أدبية لتقديمها للتليفزيون ، فإما أنهم متشبعين بأفكار كثيرة ولديهم ما يقدموه ـــــــــــــ والشاشة لا تعبر عن ذلك ـــــــــــــ أو أن الأعمال تكتب خصيصا للنجم .
وأضاف عدلى أن هذا المسلسل لا يعتمد على اسم نجم بشكل مباشر ، وهو ما قد يكون سببا فى نجاحا ، وهذا سيظهر خلال الحلقات الأولى ، فربما يكون مصدر جذب للجمهور .
وأشار عدلى إلى أن إتحاد الإذاعة والتليفزيون ، كان يلعب دورا قويا فى إعادة تقديم الأعمال الأدبية والروائية إلى مسلسل تليفزيونى ، وخصوصا قطاع الإنتاج ، ولكن ما يحدث حاليا ، أن الكلمة العليا أصبحت للإعلانات والقنوات الفضائية ، لأنهما يجعلا العنصر الأول المطوب ، اسم النجم ، حتى يضمنا تسويقه .
وأختتم عدلى أن السينما لم تبخل على أعمال نجيب محفوظ ، لأن اسمه كان فى حد ذاته مغر لدرجة كافية للجمهور ، لأنه سيشاهد دراما محبوكة وتنوع فى الشخصيات ، ولكن فى التليفزيون ، لم يقدم 10 % من أدب نجيب محفوظ ، حتى أن الحرافيش والذى كان ناجحا للغاية لم يكتمل ، فالتليفزيون يجد فى أعمال نجيب محفوظ تكلفة إضافية ، كما أن أعمال أديب نوبل بشكل عام ، لا تعتمد على نجم أو إثنين ، ولكنها تميل إلى الجماعية ، وهو ما يزيد التكلفة على المنتج الدرامى .
الناقدة ماجدة موريس قالت إنها تعتبر ال مسلسل عودة للأعمال الأدبية على الشاشة وعودة للطريق الصحيح بالنسبة للدراما ، لضرورة تقديم الأدب المصرى للجمهور ، وبالتالى تتسع قاعدة القراء ، مع الحفاظ على الهوية الثقافية ، فمصر بها عشرات الكتاب والروائيين ، وإذا كان المصريون لا يقرأون كثيرا ، فعلى الأقل تحول الأعمال لدراما ، لكى يشاهدوها ، وأتمنى أن ينشط هذا الإتجاه خلال السنوات المقبلة .
وأضافت موريس إلى أن هذه الأعمال يكون بها وجه نظر وقدر من التنبيه لأشياء تحدث فى المجتمع ، وهو ما حدث فى مسلسل “حديث الصباح والمساء” ، حيث لفت محفوظ النظر إلى مسألة التنوع الثقافى ، سلاح ذو حديثن ، إذا أحسنا التعامل معه ، وكيف كانت الأسرة المصرية ، وكيف خرجت من إطار القيم المحافظة إلى فضاء أكبر ، وهو ما تمكن من تقديمه المؤلف محسن زايد ، وهو أفضل من قدم أعمالا لنجيب محفوظ على الشاشة .
وأكدت موريس أن العمل الروائى ، يمنح المسلسل التليفزيونى مجد وشموخ ، لما له من أكثر من ميزة ، مثل قيمة الكاتب وعالمه الروائى ، وكيفية إخراج أفضل ما فيه ، وفى النهاية تحويل الأدب لمسلسل تليفزيونى ،يحتاج لكاتب “صديق الأدب” ، وأتمنى أن تعيد “أفراح القبة” فكرة الإهتمام بأدب نجيب محفوظ وتحويله إلى أعمال تليفزيونية .