نشر موقع اليوم السابع مقالاً للكاتب أكلام القصاص بعنوان : ( الإدارة والحكومة والمحليات بما يتناسب مع العاصمة الإدارية الجديدة) جاء نصه كالتالي :
طوال شهر وأكثر لم تتوقف التوقعات المرئية على صفحات التواصل الاجتماعى، حول التعديل الوزارى، من خبراء التكهنات الذين شكلوا وزارات ودمجوا وفصلوا وزارات واخترعوا وزارات ووزراء، وفى ظلال التكهنات يظهر مشتاقون يسعى كل منهم لدس اسمه وسط حزمة المرشحين.
الحقيقة أن ظاهرة التكهنات موجودة من أزمنة، كانت الصحف ما قبل السوشيال ميديا، وكانت وجبة نميمة سنوية أو موسمية فى الصحف، وبعد إعلان الحكومة تأتى عملية تحليل للاختيار، وهل الأفضل أن يكون التغيير فى الوجوه أم فى السياسات، وهل يتوقع نجاح هذا الوزير أم ذاك؟ مع التساؤل عما إذا كان الأفضل التغيير فى الوجوه أم السياسات. وطبيعى أن تغييرا فى السياسات يحتاج تغييرا فى الوجوه أيضا، وكشفت السنوات الأخيرة أن أسماء جديدة من غير أصحاب السوابق الوزارية ينجحون.
الأهم بعد فترة التكهنات هو أن كل مرحلة تحتاج إلى طريقة فى الإدارة تحقق المطلوب تنفيذه من سياسات، فى حين كانت مهمة حكومة شريف إسماعيل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، والسير فى إجراءات مؤلمة وصعبة عبرتها مصر، وتحملها الشعب بشكل كبير وتأثر بها قطاع واسع من الطبقة الوسطى، وهو أمر أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى أكثر من مرة، وأعلن أنه لولا تحمل الشعب للإصلاح، ما كان له أن ينجح، وواصلت حكومة مدبولى الطريق.
وربما يكون دور الحكومة فى المرحلة القادمة ومعها مجلس النواب متابعة ثمار الإصلاح واتخاذ إجراءات من شأنها أن تساهم فى إصلاح أحوال الموظفين والفئات الوسطى التى تنتظر لتشعر بثمار الإصلاح الاقتصادى، وقد وجه الرئيس الحكومة بمتابعة تطبيق رفع الحد الأدنى للأجور الذى تأخر فى قطاعات مختلفة.
الأمر الآخر المطلوب فى المرحلة القادمة هو الانتهاء من إقرار قانون الإدارة المحلية، لأن المحليات تنتظر تغييرا واسعا ينهى حالة التكليس والجمود التى تعيشها، سواء فيما يتعلق بإجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية، لتقوم مجالس محلية يمكنها ممارسة المتابعة والرقابة على عمل مجالس المدن والأحياء والمحافظات. المحليات بشكلها الحالى لا تتناسب مع توجهات الدولة نحو التحديث والتطوير، وتطوير الخدمات ومواجهة مشكلات مزمنة كالإشغالات والمخالفات والنظافة.
المطلوب تطوير الإدارة الحكومية بشكل يتناسب مع ما يتم رسمه فى العاصمة الإدارية، التى تستعد لاستقبال الحكومة بوزاراتها والبرلمان والمؤسسات المختلفة، وتحمل شكلا ومضمونا جديدا، يفترض أن تكون هناك إدارة محلية وحكومية تتناسب مع هذا الوضع الجديد، والعاصمة الإدارية ليست فقط مبانى وقواعد معلومات لكنها أيضا ستكون عقل الإدارة وقلبها، وطريقة تفكير، ويفترض أن تتطور الأطراف لتكون على نفس مستوى التفكير والتحرك.
لقد قطعت وزارة التنمية الإدارية والتخطيط شوطا فى وضع أسس تطوير الإدارة الحكومية يفترض أن يكون بدا تطبيقه بالفعل، لكن ما يجرى فى المحليات لا يشير إلى انعكاسات لأى تطوير، ويظهر هذا فى إشارات كثيرة من الرئيس فى أكثر من مجال، مؤكدا ضرورة أن يتحرك المحافظون والمحليات مع تحرك الدولة.
بجانب المحليات ربما يكون المتوقع من الحكومة فى الفترة القادمة ومعها البرلمان هو إجراء إصلاح سياسى يسمح بمزيد من المشاركة والتنوع السياسى، الذى يتناسب مع قفزات الاقتصاد وحجم الاستقرار الذى تحقق خلال السنوات الماضية، ربما يكون هذا هو أساس النقاش المرتبط بظهور حكومة جديدة يمكنها أن تستوعب ما تم على الأرض بشكل يبنى على ما تم ولا يبدأ من جديد.