شهدت العاصمة المالية ( باماكو ) خلال الأسبوع الجاري مظاهرات حاشدة وصفتها وسائل الإعلام بالمليونيـة ضد مشروع التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس ” ابراهيم بوبكر كيتا ” ، والتي يعتبرها المتظاهرون تكريساً لسلطة الرئيس وتعزيز صلاحياته ، وينص التعديل الدستوري على استحداث مجلس للشيوخ ليصبح برلمان البلاد مكوناً من غرفتين ، كما يمنح مشروع التعديل رئيس البلاد الحق في تعيين ثلث أعضاء المجلس، فيما يتم انتخاب الثلثين المتبقيين ، كما ستمنح صلاحيات إضافية للرئيس ـ وتعيد تقسيم المناطق الإدارية للبلاد ، وتعترف بمنطقة تتمتع بدرجة من الحكم الذاتي لجماعة الطوارق الانفصاليين .
وكان من المقرر أن يقدم مشروع التعديل الدستوري للاستفتاء الشعبي بتاريخ (9) من شهر يوليو الجاري ، بعد ما تم التصويت عليه بأغلبية من طرف نواب الجمعية الوطنية ، حيث صوت لصالحه (110) نواب ، مقابل (30) نائب صوتوا ضده ، ولكن تم تأجيله بسبب تدهور الوضع الأمني الداخلي وتزايد الاحتجاجات ضد تلك التعديلات ، ولكن الحكومة ما زالت تعتزم المضي قدماً في إجراء تلك التعديلات خلال العام الجاري .
تجدر الإشارة إلي أن هذه المظاهرات يقودها شباب رواد مواقع التواصل الاجتماعي منذ فترة طويلة تحديداً منذ أن أعلنت المعارضة السياسية في مالي رفضها التام لتعديلات دستور 1992م بالبلاد ، مطالبة إلغاء هذه التعديلات .. بينما الحكومة تصر على عدم الإلغاء وأن صناديق الاقتراع هي التي تتحكم في النهاية بالقبول أو الرفض .
و يشار إلى أن مالي وقعت اتفاقاً مع الحركات الأزوادية بإقليم ( أزواد ) في يونيو 2015 ينص على إنشاء مجالس محلية ذات صلاحيات واسعة ومنتخبة بالاقتراع العام والمباشر ، ولكن بدون استقلال ذاتي في شمال البلاد أو نظام اتحادي ، ولا اعتراف بتسمية ( ازواد ) التي يطلقها المتمردون على شمال مالي ، ما يلبي مطالب حكومة باماكو ، ما جعل الحكومة تنتهز الفرصة ذاتها لتغيير الدستور أمام المجتمع الدولي بعد هذه الاتفاقية لتعزيز صلاحيات الرئيس ” أبو بكر كيتا ” .
ونستعرض فيما يلي أبرز المعلومات المتيسرة عن الحركات المسلحة في مالي :
- حركة تحرير أزواد :
أعلنت الحركة استقلالها عن إقليم أزواد في أبريل 2012 بعد انتصاراتها الميدانية ضد الجيش المالي ، وينتسب أغلب عناصر الحركة للطوارق مع تمثيل أقل للعنصر العربي .
ويبلغ عدد مسلحيها نحو (2000) جندي عمل أغلبهم في ( ليبيا ) وعبروا الجزائــر بعد سقــوط ” القذافي ” ليكونوا أول من يواجه الجيش المالي ويبسطوا سيطرتهم على أغلب مناطق أزواد ، غير أن الحركات الجهادية السلفية ما لبثت أن طردت الحركة من جميع المناطق الأزوادية الواقعة تحت سيطرتها .
ويوجد جناحها السياسي النشط في ( فرنسا / بلجيكا ) ظل يسجل حضوراً في بعض المواقع الإعلامية والدبلوماسية في الوقت الذي ضعف الوجود الميداني للجناح العسكري .
كما تعد ضمن حركات عديدة ظهرت في العقود الماضية ، وتقول إنها تقاتل من أجل هوية الطوارق ، و ظهرت في مدينة تمبكتو في نوفمبر 2010 ، وتصف نفسها بأنها إطار جامع لـكل أطياف الشعب الأزوادي .
و تعتبر الوجودَ المالي في أرض أزواد غير شرعي ، وتقاتل للاعتراف للشعب الأزوادي بحقه في تحديد مركزه السياسي ، كما أنها تعتبر ذلك الطريق الوحيد لإنهاء النزاع .
كما تسعى لاعتراف دولي بكونها ممثلاً حقيقياً للشعب الأزوادي ، وتتحدث عن قرار أزوادي مغيب منذ 1894 تاريخ وصول القوات الفرنسية إلى الإقليم ، كما أنها تعتبر الوجود الحكومي في الإقليم جزءاً من مؤامرة ( دولية / إقليمية ) ألحقت أزواد بدولة مالي .. من احية أخري تتهم السلطات المالية مقاتلي الحركة بالتحالف مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يوجد في منطقة الساحل .
- حركة أنصار الدين :
أولاً : أبرز المعلومات المتوفرة عن قائد الحركة :
” إياد أغ غالي ” وهو أحد قادة الطوارق التاريخيين ، خاض القتال ضد حكومة مالي في تسعينيات القرن الماضي مع الحركة الشعبية للأزواد ، وبعد عام من المعارك تقريباً دخل المتمردون الطوارق في صلح مع حكومة ” باماكو ” بوساطة إقليمية ، ليتقلد ” أغ غالي ” مناصب حكومية كان بينها منصب قنصل عام لدولة مالي بالمملكة العربية السعودية .
بعد اتفاق 1991 – الذي رعته الجزائر ، اختفى ” أغ غالي ” من الساحتين السياسية والعسكرية لنحو عقد ، قبل أن يعاود الظهور مع بداية ” عام 2000 ” ولعب دوراً هاماً في وساطات أثمرت ، بعد أن دفعت على الأرجح فدية كبيرة الإفراج عن رهائن غربيين ، اتُهم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بخطفهم .
ثانياً : أبرز المعلومات المتوفرة عن الحركة بشكل عام :
تعتمد حركة ” أنصار الدين ” على كثير من المسلحين الطوارق ، وتقاتل من أجل حقوق الطوارق المحلية ، لكنها لا تسعى للاستقلال بإقليم الأزواد . وقد أعلنت في أبريل 2012 قيام دولة الأزواد في شمال مالي , وتنشط أيضاً في شمال البلاد .
هذا ويبلغ عدد جنود هذه الحركة من (250: 400) جندي علي الأكثر .
- تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي
أولاً : أبرز المعلومات المتيسرة عن قيادة التنظيم
يتولى قيادة التنظيم ” عبد المالك درودكال ” الذي تزعم الجماعة السلفية للدعوة والقتال منذ 2004 وهو في الثلاثينيات من عمره ويعرف بخبرته في صناعة المتفجرات .
و من القادة البارزين الآخرين نائب قائد الجماعة ” عمار سيفي ” الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في الجزائر لاتهامه بخطف (32) سائحاً ألمانياً ، بالإضافة إلي القيادي ” مختار بلمختار ” , يشرف على الجماعة بمنطقة الصحراء الكبرى على الحدود مع كل من ( مالي / النيجر ) .
ثانياً : أبرز المعلومات المتيسرة عن التنظيم :
تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي هو تنظيم سلفي مسلح نشأ عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية التي غيرت اسمها وأعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة بزعامة ” أسامة بن لادن ” .
و تكون التنظيم الذي يتزعمه كلاً من ( عبد المالك درودكال / أبو مصعب عبد الودود ) في (25) يناير 2007 بعد أن غير اسمه من الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي .
ويؤكد هذا التنظيم إنه يسعى لتحرير المغرب الإسلامي من الوجود الغربي والموالين له وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية .
و لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد مقاتلي التنظيم ، لكن أغلب المصادر تقدر عددهم بما بين (300 /800) مقاتل أغلبهم من الجزائريين , فيما يتوزع الباقون على جنسيات مختلفة أبرزها ( موريتانيا / ليبيا / المغرب / تونس / مالي / نيجيريا ) .
وقد قدرت بعض الجهات عدد المجموعات الصغيرة المنتسبة للتنظيم بنحو (70) خلية .
هذا و تنشط هذه الجماعة بصفة أساسية في الجزائر ويمتد نفوذها إلى جنوب الصحراء , كما تتولى تدريب عناصر من دول الجوار التي تنفذ عمليات داخل أراضيها على غرار ( موريتانيا / المغرب / تونس ) .