للولايات المتحدة الأمريكية تاريخ قديم في نشر قوات عسكرية في إسرائيل، ولكن مع افتتاحها اليوم قاعدة عسكرية دائمة في صحراء النقب، يرى عدد من المراقبين في واشنطن وتل أبيب أن هذه الخطوة جاءت لمحاربة عدو إسرائيل: الجمهورية الإسلامية في إيران.
وكتب شهاب الماكاحلي، صحفي بارز، وماريا دوبوفيكوفا، سياسية روسية ومحللة في شؤون جيوستراتيجية تركز في عملها على الشرق الأوسط، أن إدارة ترامب تجري حالياً استدارة كبيرة في الشرق الأوسط.
ونشر الباحثان تقريرهما في موقع “فير أوبزرفر” الإخباري الأمريكي. ولدى حضورهما افتتاح القاعدة في سبتمبر الأخير، نقلا عن الجنرال الإسرائيلي زفيكا هاميفوتش قوله: “افتتحت هذه القاعدة لكي تبقى. وخصصت لها موارد كبيرة. والهدف من إنشاء القاعدة هو مساعدة إسرائيل في تشغيل نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المتعدد المستويات، والذي طوره البلدان معاً”.
وكما ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: “كان نظام إكس – باند الصاروخي القوي، والذي نشرته الولايات المتحدة في النقب في 2009، ويستطيع الكشف عن منصات إطلاق صواريخ من بعد مئات الكيلومترات، جزءاً من مساعي الولايات المتحدة لتحسين قدرات إسرائيل الدفاعية في مواجهة تهديدات متصاعدة من إيران”.
معالجة أخطاء
وتشير دوبوفيكوفا وماكاحلي لاستمرار العمل على قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكي في جنوب إسرائيل، قرابة أربعة سنوات. وكانت فكرة بناء قاعدة عسكرية أمريكية في إسرائيل استكمالاً لجهود تبذلها كل من واشنطن وتل أبيب لمعالجة أخطاء تتعلق بأنظمة ردع ودفاع. وبدأ تنفيذ الفكرة عشية بروز مخاوف من عناصر غير رسمية، قد تستهدف إسرائيل في كل من غزة ولبنان وسوريا.
وإلى ذلك، اتضح ضعف النظام الدفاعي خلال تدريبات مشتركة، جرت خلال مارس 2016، بين الأمريكيين والإسرائيليين تحت مسمى”مناورات جنيفر كوبرا”.
وسوف ترتبط القاعدة مباشرة بنظام الرادار الذي يحمي مفاعل ديمونة النووي، والذي تشغله أيضاً الولايات المتحدة. وتبعاً له يتضح اليوم الدافع الحقيقي من وراء رسو حاملة الطائرات الأمريكية إس إس جورج بوش عند ميناء حيفا، شمال إسرائيل، في يوليو الماضي، وذلك لأول مرة منذ 17 عاماً.
منصة إقليمية
ويلفت الباحثان لفرض روسيا نفسها كلاعب نافذ على الساحة الإقليمية، خلال السنوات الأربع الأخيرة، وخاصة في سوريا. وقد نجحت موسكو في استعادة دورها العسكري المحوري في الشرق الأوسط الذي صار مماثلاً للدور الأمريكي. وحتى أن بعض المحللين يعتقدون أن أداء روسيا كان في بعض المناطق أفضل من الأداء الأمريكي.
إطار عمل
ويشير خبراء إلى التوسع العسكري الروسي في حوض المتوسط خاصة، على أنه يأتي في إطار استراتيجية انتشار دائم تتبعها موسكو، وتجسدت في إنشاء قاعدة طرطوس البحرية، على الساحل السوري، فضلاً عن وجود قاعدة جوية أخرى في حميميم، بالقرب من اللاذقية، وسط إشاعات عن استئجار موسكو لقاعدة بحرية في مصر.
هواجس أمريكية
ويلفت الباحثان إلى أن ما دفع الأمريكيين لإنشاء قاعدة دفاع صاروخي في إسرائيل، هو هواجس أمريكية حيال توسع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وما أعقبه من تنامي القوة الإيرانية وميليشياتها، وخاصة حزب الله وسواهم في سوريا والعراق واليمن، ما سبب صداعاً لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
استراتيجية جديدة
وبحسب الباحثين، بات من الواضح أن بناء قاعدة عسكرية أمريكية في إسرائيل، وهي القاعدة الأجنبية الوحيدة هناك، يعكس تبني إسرائيل لاستراتيجية جديدة، مدفوعة بتطورات إقليمية أخيرة أعادت رسم الخارطة السياسية وأشكال التحالفات. وتسعى الولايات المتحدة لإحداث توازن استراتيجي لحماية أمنها القومي عبر انتشار عسكري كبير في المنطقة تحسباً لترك فراغ يسارع خصومها لملئه.