شرعت جرافات الاحتلال الإسرائيلى وبتعزيزات عسكرية، اليوم الخميس، فى هدم أساسات منزل قيد الإنشاء فى بلدة “الزعيم” شرق القدس المحتلة، بحجة البناء دون ترخيص.
وقال شهود عيان إن قوات الاحتلال فرضت أثناء عملية الهدم طوقا عسكريا محكما فى محيط المنطقة.
من ناحية أخرى، اقتحمت قوات الاحتلال فجر اليوم، بلدة “أبو ديس” شرق القدس المحتلة، ودمرت نصبا تذكاريا وسط البلدة.
وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال هدمت النصب التذكارى لـ “الشهيد محمد لافى” وسط أبو ديس، عقب اقتحامها القرية.
وفى سياق أخر يسعى الاحتلال الإسرائيلى بشكل مستمر لتغيير معالم القدس وتهويدها وطمس هويتها العربية وتحديدا فى محيط المسجد الأقصى بالبلدة القديمة، وذلك عبر مخططات السيطرة على الأراضى والعقارات والمقابر، فى محاولة منه لفرض الأمر الواقع بالمنطقة، وتثبيت هيمنته على المدينة المقدسة والقضاء على حل الدولتين، الأمر الذى أعاد قضية “سلب وتسريب” العقارات المقدسية للواجهة مرة أخرى، وتصدى الأهالى والقوى الشعبية والمرجعيات الدينية والمقدسية لتلك الهجمة الشرسة والمستمرة.
وأكد رئيس مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلى والفلسطينى علاء الريماوى- لوكالة أنباء الشرق الأوسط- أن مخططات الاحتلال الإسرائيلى فى ملف تسريب العقارات قائمة منذ بداية الاحتلال وازدادت وتيرتها منذ 7 سنوات بطرق مختلفة، مشيرا إلى أن الاحتلال عمل على تشكيل جمعيات استيطانية خاصة بأسماء عربية بدأت بشراء أراض فى الضفة الغربية ثم شراء عقارات فى مناطق بالقدس.
إلا أنه قلل من حجم ظاهرة تسريب العقارات، كونها تركزت لدى بعض ضعاف النفوس الذين استخدموا فى التسريب، وعن نسب التسريب، قال أن هناك مشكلة حقيقية فى مسألة رصد الحالة، موضحا أن مركز القدس رصد خلال السنوات الماضية ما لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، إلا أن خطورة هذا الموضوع فى تكراره، لأن بعض العقارات التى تم تسريبها هى مواقع استراتيجية، فهى إما قريبة من المسجد الأقصى أو فى أحياء عربية فلسطينية ملاصقة له، مما يضعف البنية التناسقية والديمغرافية الفلسطينية وتتيح للاحتلال التمدد، خاصة أن بلدية القدس التابعة للاحتلال تستخدم أسلوب المصادرات تحت قبعة قانون الاحتلال.
ولفت إلى أن هناك أراضى تتبع الدولة تصادرها قوات الاحتلال، وأيضا بعض العقارات التى تكون عبارة عن خدمات عامة تتم مصادرتها لصالح بلدية الاحتلال، وهو ما يعمل على توسيع دائرة المصادرات.
ولفت الريماوى إلى مصادرة أملاك الكنيسة والتى أثير حولها نقاش كبير، فكانت هى الطعنة الأكبر فى مسألة تسريب الأراضى، كونها منتشرة فى أحياء كثيرة ويحاول الاحتلال السيطرة عليها من خلال الهيئة الممثلة للكنيسة مما بات يشكل خطرا حقيقيا على أمن المدينة فى القدس وعلى عقاراتها.
وأكد الريماوى أنه على الرغم من هذه الصورة إلا أن لدينا الآن حالة وعى مقدسية تمثلت فى موقف العائلات التى رفعت الغطاء عن أى شخص يكون له دور فى عمليات تسريب العقارات للاحتلال.
وأضاف أن الشخصيات الثقافية والدينية الإسلامية والمسيحية تعمل دائما على رفض عمليات التسريب وتقوم بمحاصرة كل الشخصيات الضعيفة التى يمكن أن تكون أداة للتسريب، بالإضافة إلى الموقف الفلسطينى الحزبى الذى يكافح عمليات التسريب ويحتاج إلى حالة من الترابط.
وأشار إلى الدور المنوط بالإعلام العربى والأجنبى والذى يشكل منصة لإيصال صوت المقدسيين إلى الخارج لنقل الصورة الكاملة والصحيحة عن معاناة الأهالى من الحصار الاقتصادى المتواصل وضرب تجارتهم ومنعهم من العمل واعتقال أبنائهم، وهو ما يستلزم وقفة عربية حقيقية لمساندتنا فى القدس سواء كان ذلك عبر المساهمة فى ترميم بيوت القدس- خصوصا وأن الاحتلال يرفض عمليات الترميم- أو ضرورة تبنى قطاع التعليم فى ظل محاولة بلدية الاحتلال بالقدس الآن السيطرة على القطاع لتجهيل الناس و”أسرلة” المناهج، وضرورة دعم المواطن المقدسى للإبقاء على صموده.
وكانت دار الإفتاء الفلسطينية حذرت المقدسيين من بيع أى بيوت قائمة فى القدس دون أخذ التزكية للمشترى من المرجعيات الدينية، فى وقت أكد فيه حقوقيون إمكانية إبطال غالبية الصفقات المبرمة مع الجمعيات الاستيطانية لاسيما وأنها توصف بأنها غير قانونية.
وفى ما يمكن اعتباره ردة فعل قوية من قبل المقدسيين، لحماية العقارات فى القدس، رفض مقدسيون، هذا الأسبوع، إدخال نعش شاب مقدسى يدعى علاء قرش إلى المسجد الأقصى، ومسجدين آخرين، بدعوى تورطه فى تسريب عقار للمستوطنين فى القدس القديمة.
وبحسب ما نشر بوسائل الإعلام، فإن الراحل لقى حتفه فى حادث سير وقع قرب البحر الميت يوم الأحد الماضى. وأظهرت مقاطع فيديو شاركها عدد من المقدسيين، عى مواقع التواصل الاجتماعى، شجارا فى ساحة أحد المستشفيات مع أبناء عائلة قرش بعد إبلاغهم بقرار منع إدخال النعش إلى المسجد الأقصى.
وبحسب ما أوردت الموقع الإخبارية، فإن قرش تورط فى تسريب منزل مساحته 300 متر فى حارة السعدية بالقدس القديمة عام 2010، ومنذ ذلك الحين تبرأت عائلته منه.
ولم تعارض العائلة عدم الصلاة على الجثمان، حسب مواقع إخبارية، أكدت نقلا عن مصدر فى عائلته أن العائلة لن تقيم بيت عزاء لقرش، امتثالا لدعوات فى الشارع الفلسطينى ومن شخصيات اعتبارية وعشائر فى المدينة المقدسة تطالب بإيقاع أقصى العقوبة على المتورطين فى تسريب العقارات للاحتلال الإسرائيلي.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلى وبقوانين مبتدعة وطرق ملتوية وأوراق ملكية مزورة تمكن من سلب ما يقرب من 140 عقارا فلسطينيا بالقدس منذ احتلالها فى بلدة سلوان ومحيط البلدة القديمة، وذلك فى محاولة دؤوبة لقلب الميزان الديمغرافى فى القدس لصالح مستوطنيها وتحقيق حلمهم بتهجير الآلاف من المقدسيين مقابل رفع نسبة اليهود فى المدينة إلى 80 % من إجمالى عدد السكان.
ويستولى المستوطنون، على العقارات والمنازل الفلسطينية، عبر عدة طرق، وذرائع شتى، مثل قانون حارس أملاك الغائبين الذى يعود تاريخه إلى عام 1950 حين أقره الكنيست، وبموجبه تم الاستيلاء على الأراضى والممتلكات التى تعود للفلسطينيين الذين هجروا منها ونزحوا إلى مناطق فلسطينية ودول عربية مجاورة، نتيجة احتلال المنظمات الإسرائيلية جزءا من فلسطين عام 1948، أو بحجة أن العقارات تعود ملكيتها ليهود تملكوها قبل حرب عام 1948، أو عن طريق البيع والشراء، بمعنى شراء الحقوق فى العقار، بما فيها حق الملكية أو التصرف للمستأجر المحمى، الذى يقطن فى العقار قبل عام 1967، وهى الطريقة التى تزايد استخدامها مؤخرا من قبل المستوطنين.