أكد الرئيس السودانى عمر حسن البشير أهمية تحقيق الثقة بين الأطراف الثلاثة المعنية بأزمة سد النهضة مصر والسودان وإثيوبيا، مشيرا إلى أن هذه الثقة تراجعت خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسى.
وقال البشير فى حوار مع مجلة مصرية أن هذه الثقة تم فقدها خلال حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى حيث لم يتم التعامل مع هذا الملف بطريقة موضوعية وأصبح مجالا للمزايدات.
وأشار إلى أنه فى لقاء مفتوح على الهواء مباشرة مع مرسى بدأ الحديث لبعض المصريين عن ضرب السد الإثيوبى، ودعم المعارضة فى إثيوبيا لتفتيت بلادهم فكان كلاما غير موفق بل مستفزا لمشاعر الإثيوبيين.
ورأى أن هذا الكلام أصبح له انعكاس إيجابى على إثيوبيا لأنه انتهى إلى توحيد صفوفهم وكلمتهم والتفافهم حول قيادتهم، متناسين كل المشاكل والفوارق والخصومات متحدين خلف قيادتهم بشكل لم يحظ به أى منجز لأى حكومة أخرى، وأصبحت هناك مشاركات وتعزيزات مادية من كل أفراد الشعب الإثيوبي.
وشدد الرئيس السودانى على أنه يمكن بناء الثقة بالحوار المستمر والمصالح المشتركة والتعاون البناء بين جميع الأطراف.
وأكد أنه لا مساس بنقطة مياه من حصة مصر التاريخية فى نهر النيل، وأن التنسيق قائم ومستمر بين مصر والسودان وإثيوبيا، وأن أزمة سد النهضة تشهد تطورات إيجابية مستمرة للصالح العام.
وقال أن موقف السودان من سد النهضة يرتكز على ثلاثة محاور هى ضمان سلامة السد وتأثيراته على نسب مصر والسودان من مياه النيل والتأكيد على أن يضمن برنامج ملء البحيرة عدم التأثير على عمليات الرى فى السودان ومصر.. إضافة إلى برنامج تشغيل السد وحجم التصريف اليومى للمياه.
وأشار إلى أن هناك لجنة ثلاثية من مصر والسودان وإثيوبيا تبحث الملف الخاص بإنشاء السد من ناحية تأثيره على نسب وحصص الدول الثلاث دون إضرار بمصالح أى منها.
وردا على سؤال عن المشاكل التى ما زالت عالقة والمخاوف المصرية وهل هناك ضمانات بعدم الإخلال بحصة مصر التاريخية من المياه، قال الرئيس السودانى أن اتفاقية مياه النيل عام 1959 حددت حصة مصر والسودان وهى اتفاقية متماسكة تماما لا يوجد فيها أى مشاكل، وإثيوبيا أكدت حصة مصر والسودان فى مياه نهر النيل فى اتفاقية المباديء بالخرطوم.
وأضاف أن هناك تفاهما كاملا بين الدول الثلاث من خلال اتفاقية الخرطوم ولقاء شرم الشيخ، وتم الاتفاق على تكوين لجنة عليا مشتركة لترعى العلاقات فى شتى المجالات الأمنية والمائية والسياسية وتصبح هى الإطار لمناقشة كل ما يخص العلاقات، لدينا مصالح فى النيل.
وقال أن القضية ليست بين مصر وإثيوبيا، القضية فى الدول الثلاث، والاتفاق المبدئى ألا يكون هناك ضرر من سد النهضة للجانب السودانى أو المصرى.
وحول التخوف من تحكم إثيوبيا فى مياه النيل وإمكانية بيعها، قال الرئيس السودانى أن سد النهضة هو سد لتوليد الطاقة الكهربائية وأى حديث عن أن إثيوبيا ستتحكم فى مياه النيل كلام غير وارد، لأن السد خلال عام يجب أن يتم تفريغه ليكون مستعدا لاستقبال مياه الفيضان فى العام الذى يليه لأن طاقة السد معروفة.
وتابع قائلا “لمن سيتم بيع المياه حيث لا يمكن تحويل المياه إلى أى جهة أخرى، لأن منحدر النيل الأزرق من بحيرة تانا إلى السد لا يمكن تحويلها لأية جهة أخرى ولا يمكن فتح قناة فى النيل، لأنها منطقة جبلية ومجرى النيل الأزرق عميق إلا إذا مرت المياه عبر السودان ومصر.
وحول التساؤلات فى الشارع المصرى حول الموقف السودانى الذى يراه البعض وقوفا إلى الجانب الإثيوبى ضد المصالح المصرية، أجاب: نحن لم نقف إلى جانب إثيوبيا ولا ضد مصر لأننا طرف أساسى وأصيل فى سد النهضة وأهميته بالنسبة للسودانيين بمستوى أهمية السد العالى بالنسبة للمصريين، لأنه يخزن كل المياه فى فترة الفيضان وبعد ذلك يمررها عبر الخزان طوال أيام العام، وبالتالى نحصل على مياه كافية وطاقة توليد كهربائى جيدة.
ولفت فى هذا الصدد إلى أنه فى شهر أبريل من كل عام ينخفض توليد طاقة الكهرباء فى بعض المناطق السودانية بنسبة من 50 إلى 15 فى المائة، ولذلك عندما يحين وقت الفيضان نضطر لفتح كل البوابات وبالتالى التوليد الكهربائى ينخفض، والأزمة الكهربائية فى الفترة الأخيرة حدثت بسبب انخفاض التوليد المائى للكهرباء لأنه يشكل نسبة عالية جدا من توليد الكهرباء فى السودان.
وشدد على أن العلاقات المصرية السودانية راسخة ومتجذرة بعمق التاريخ على جميع المستويات، لها خصوصية وتقدير لأنها مبنية على تواصل مستمر قديم بحركة المصير المشترك.
وقال: نحن نريد لهذه العلاقات أن تدخل مرحلة تاريخية مهمة تحدث بها نقلة نوعية فى شكل حراك إيجابى يتجاوز إلى الدخول مباشرة لترجمة استراتيجية عملية وفعلية، نهدف إلى أهمية العمل على دفع وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين بما يحقق مصالح الجانبين، بالإضافة إلى زيادة التنسيق مع الجانب المصرى حول القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية والغربية ذات الاهتمام المشترك.
وأعاد التأكيد على أن العلاقات المصرية- السودانية أزلية وتاريخية، وكذلك بين الشعبين، وقال أن هناك تواصلا مستمرا مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، وأشكره على الاتصال والاطمئنان خلال أزمة السيول، حيث تجاوز مناسيب المياه هذا العام مناسيب عام 1988 وقد بذلنا جهودا جبارة لمواجهة الآثار الناتجة عن السيول والأمطار التى غمرت المنطقة.
وحول العلاقات السودانية مع إيران، قال: لم تكن هناك أى علاقات إستراتيجية مع إيران فهى علاقات عادية جدا، ولا يوجد بها أى ملمح إستراتيجي.
وقال “نحن لا نعرف التشيع ولا نقبل به فى السودان، نحن أولا أهل سنة ولسنا شيعة ونعمل على تعزيز المذهب السنى وهو أصلا راسخ فى المجتمع السودانى.
وردا على سؤال هل كانت إيران تسعى لجعل الخرطوم نقطة ارتكاز لنشر المذهب الشيعى فى أفريقيا؟، قال “لن نسمح للتشيع أن ينمو فى جسد السودان السنى، والشيعة يعلمون أنهم لا وجود لهم فى مجتمع سنى متجذر فى حب «الرسول الكريم» وآل البيت والصحابة الذى لا يقبل أى سودانى أن تصل إليهم أى إساءة أو سب من أيا كان ولم تكن الخرطوم ولن تكون نقطة ارتكاز لنشر المذهب الشيعى. . مضيفا: نحن ضد التشيع تماما ليس هذا فقط وإنما نحن منزعجون جدا حتى من التشيع الذى ينتشر فى أفريقيا.
وحول الأزمة السورية، قال أن كثيرا من الأطراف ترفض الحل السياسى بما فيها بشار الأسد، الحل لا يمكن أن يتم باستثناء طرف. بمعنى أن الذين يدعون أن الحل السلمى يتم بذهاب بشار، فالأسد ليس شخصا، بشار أسرة وطائفة وحزب ولا يمكن أن تستأصل هذه الحكاية كلها.
وأضاف: والتجربة ماثلة فى عزل حزب البعث العراقى، وهو الذى يصنع المشاكل الآن، ولذا يجب أن يكون الحل سياسيا وليس عسكريا ويستوعب كل مكونات الشعب السورى بمن فيهم بشار الأسد.
وحول قراره بعدم الترشح لفترة رئاسية مقبلة.. وهل هذا موقف ثابت لن يتغير.. ولن يتغير الدستور.. وكيف سيتم اختيار الرئيس القادم؟.. قال أنه موقف ثابت أن شاء الله لدى مدتان ستنتهى عام 2020 ولن أجدد بالدستور ولن يتغير الدستور، لقد أمضيت أكثر من عشرين عاما وهذه أكثر من كافية فى ظروف السودان، والناس تريد دماء جديدة ودفعة جديدة كى تواصل السير والبناء والإعمار والتنمية.
وأضاف “نحن لدينا حزب ومؤسسات دستورية ومن يسمى رئيسا للمؤتمر الوطنى قطعا سيكون مرشحا للرئاسة وقتها سأترك مقر الرئاسة وأبتعد عن عالم السياسة”.