يتواصل التغلغل التركي في القارة الأفريقية بشكل كبير في محاولة لتعزيز النفوذ ( الإقليمي / الدولي ) ، عن طريق تقديم إغراءات مالية تتمثل في مساعدات ومشاريع اقتصادية تزيد من حجم التغلغل التركي في أفريقيا ، لكسب المزيد من الدعم .. وفي هذا الصدد نقلت وكالة ( رويترز ) أن الرئيس التركي ” أردوجان ” أكد في لقاء تليفزيوني يوم (20) يناير 2019 أن الصومال دعت تركيا للتنقيب عن النفط في مياهها ، مضيفاً أن هناك عرض من الصومال ، حيث يقولون ( هناك نفط في مياهنا وأنتم تقومون بهذه العمليات مع ليبيا وبوسعكم القيام بها هنا أيضاً ، كما أكد أن هذا مهم جداً بالنسبة لنا .. لذلك ستكون هناك خطوات نتخذها في عملياتنا هناك ) .. يأتي ذلك في توقيت تنتقد فيه القوى الدولية محاولة ” أردوجان ” الاستيلاء على أحقية البحث عن الغاز في شرق المتوسط في حدود لا تشملها الحقوق التركية للبحث .
وقد- شهدت العلاقات بين دولتي ( الصومال / كينيا ) مؤخراً حالة من التوتر الشديد ، حيث اتهمت كينيا الحكومة الصومالية بمحاولة الاعتداء على أراضيها ، وأشارت إلى أن الصومال عرضت خريطة حقول نفطية صومالية في ( مؤتمر لندن للنفط ) الذي أقيم يوم (7) فبراير 2019 ، تضمنت مناطق بحرية متنازع عليها بين البلدين ، وأشارت الحكومة الكينية إلى أن الحكومة الصومالية عرضت على المستثمرين خلال المؤتمر حقول نفطية للبيع ، وأكدت أن من بين تلك الحقول المعروضة مناطق مشتركة لها حق فيها .
3 – كانت تركيا قد وقعت مع حكومة الوفاق الوطني الليبية مذكرتي تنص أولهما على تحديد مناطق النفوذ البحري بين الطرفين ، فيما تقضي الثانية بتعزيز التعاون الأمني بينهما ، وأكد وزير الطاقة التركي ” فاتح دونماز ” في وقت سابق أن بلاده ستبدأ عبر مؤسساتها المرخص لها في استكشاف وإنتاج النفط والغاز الطبيعي في مناطق النفوذ التي يشملها الاتفاق ( التركي – الليبي ) شرق المتوسط .
العلاقات ( التركية – الصومالية )
المجال الاقتصادي والاستثمارات
1 – في المجال الاقتصادي : تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم بلغت نحو (14) اتفاقية من بينها ( اتفاقية التجارة والتعاون الاقتصادي / اتفاقية التعاون في مجال الاستثمـار / اتفاقية التعاون في مجال الضرائب ) ، أما مذكرات التفاهم تشمل ( مذكرة تفاهم في الإنتاج الزراعي / مذكرة تفاهم في الصيد البحري / مذكرة تفاهم في مجال الصحة / مذكرة تفاهم لتأسيس لجنة التعاون الاقتصادي بين البلدين ) ، وتم توقيع هذه الاتفاقيات خلال الفترة الزمنية بين (2013 : 2018 ) ، وفيما يخص مجال صيد الأسماك وقع البلدين اتفاقية تتيح للصيادين الأتراك صيد الأسماك في المياه الإقليمية الصومالية ، فضلاً عن انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الاقتصادية المشتركة بين ( الصومال / تركيا ) بأنقرة ، وترأس الوفد الصومالي وزير التخطيط والاستثمار والتنمية الاقتصادية ” جمال محمد ” ، بينما ترأس الوفد التركي وزير الدفاع ، وتم بحث سُبل تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية وزيادة التعاون في المجالات التجارية والاستثمارية ، إضافة لإجراء تقييم شامل على التقدم الذي تم إحرازه في البنود التي تم مناقشتها خلال الاجتماع السابق للجنة في 2018 .
2 – في مجال الاستثمارات
أ – تولت تركيا مسئولية إعادة إعمار الصومال ، وبلغت الاستثمارات التركية في الصومال نحو (100) مليون دولار عام 2015 ، وتركزت في مجال الاقتصاد والتجارة وهناك عدد كبير من الشركات التركية التي تستثمر في الصومال بصورة مباشرة أو عبر شركات محلية .
ب – في عام 2013 استلمت تركيا إدارة مطار مقديشيو الدولي المعروف بمطار ( آدم عبد لي عثمان الدولي ) ، حيث بدأت شركة ( فافوري ) بتطويره وإدارته بشكل عصري ، وقبل ذلك بدأت شركة الخطوط الجوية التركية في تسيير رحلات منتظمة لمقديشيو في عام 2012 ، وقد سلّمت الحكومة الصومالية إدارة ميناء مقديشيو الهام والحيوي للاقتصاد الصومالي بموجب اتفاق يلزم شركة تركية تسمى ( مجموعة البيرق ) بأن تدفع (55%) من الإيرادات لخزينة الحكومة الصومالية ، وقد أنجزت هذه الشركة بالفعل المهام الموكلة إليها ، حيث بدأت تحوّل مع نهاية كل شهر مبالغ طائلة لخزينة الدولة الصومالية مما رفع من ميزانية الدولة وجعلها تتدفق بانتظام بسبب الإدارة الصارمة للشركة .
التبادل التجاري
1 – بلغ حجم التبادل التجاري بين ( تركيا / الصومال ) نحو (72) مليون دولار عام 2015 ، ووصل إلى (80) مليون دولار عام 2016 ، ومن أن أهم المنتجات التي تصدرها تركيا للصومال ( المواد الغذائية / مــواد البناء ) ، ومن الطبيعي أن يزداد حجم التبادل التجاري بسبب تدفق الاستثمارات التركية في الصومال ، حيث هناك تشجيع على الاستثمار في الصومال من أعلى المناصب ، كما أن زيارات
” أردوجان ” إلى الصومال دفعت عدد من رجال الأعمال الأتراك للاستثمار في جميع المجالات .
2 – بدأ التبادل التجاري يأخذ أهميته عبر خدمات الخطوط الجوية التركية وهي الخطوط الدولية الوحيدة التي ترسل لمقديشيو نحو (50) رحلة أسبوعية حتى عام 2017 ، بحسب ما صرح به السفير التركي لدى الصومال .
المجال العسكري
1 – أنشأت تركيا قاعدة عسكرية بجنوب مقديشيو بتكلفة قدرت بنحو (50) مليون دولار مع بداية أكتوبر 2017 ، وتبلغ مساحتها نحو (4) كم2 ، وتضم (3) مرافق مختلفة للتدريب إضافة لمخازن للأسلحة والذخيرة ، وتم إنشاؤها بموجب اتفاقية عسكرية تم إبرامها بين الصومال وتركيا في ديسمبر عام 2012 ، تعهدت خلالها تركيا بالمشاركة في إعادة تأهيل الجيش الصومالي ، وتم افتتاحها في أكتوبر عام 2017 .
2 – الاتفاق بين ( تركيا / الصومال ) على إعادة تطوير جهاز الشرطة الصومالي ، وقد دعمت تركيا الصومال في هذا المجال من خلال تقديم مبلغ مالي قدره (2) مليون دولار شهرياً للحكومة الصومالية لدفع رواتب عناصر الشرطة ، وذلك حسب تصريح سفير تركيا لدى الصومال ” أولجن بيكر ” عام 2016 .
3 – قيام الداخلية التركية خلال يناير 2019 بتدريب (1000) فرد من شرطة العمليات الخاصة في الصومال ، حيث تكفلت تركيا بجميع مصاريف التدريب .
المجال الصحي
كان هناك مشروع إعادة بناء مستشفى ( دكفير ) الذي تحول لاحقاً إلى مستشفى ” أردوجان ” وإعادة تشغيله ، وقد تم افتتاحه عام 2015 مع زيارة ” أردوجان ” للصومال ، ولم يقف الجانب التركي عند حد ترميم المستشفى وإعادة تأهيله فقط وإنما قد تم أيضاً توفير الكادر الطبي ، ويستقبل المستشفى مرضى من الصومال والدول المجاورة مثل ( كينيا / جيبوتي ) .
المجال التعليمي
أنشأت تركيا داخل الصومال عدد من المدارس ومنها مدرسة الأناضول ، ويوجد منها (4) فروع (3) منها في مقديشيو وواحدة في هرغيسا – أرض الصومال – ، كما استقبلت تركيا نحو (15) ألف طالب صومالي في جامعاتها من خلال المنح الدراسية التي تقدمها تركيا للصومال ، كما اعترفت الحكومة التركية بـ (9) جامعات صومالية كمؤسسات تعليمية مؤهلة وساعدتهم بإمداد مولدات الكهرباء وأجهزة الحاسب .
المجال الدبلوماسي
افتتح الرئيس التركي ونظيره الصومالي ” حسن شيخ محمود ” مجمع السفارة التركية بمقديشيو عام 2016 ، ويوجد في مقديشيو اليوم أكبر سفارة تركية في العالم ، حيث قامت تركيا بتشييد مبنى ضخماً لسفارتها والذي يعكس مدى العلاقة بين البلدين وكيف تطورت في السنوات الأخيرة لتنتقل من مجرد علاقة صداقة إلى شراكة استراتيجية فيما بينهما .