شنّ الجيش الأمريكي ، هجومًا في ساعةٍ مبكرة من صباح امس الجمعة، على قاعدة الشعيرات الجوية السورية التابعة لمحافظة حمص، وأسفرت عن مقتل تسعة أشخاص، وتدمير شبه كامل للقاعدة العسكرية ، رداً على هجوم كيميائي اتُهمت بشنه الحكومة السورية على بلدة خان شيخون شمال غرب سوريا صباح يوم (4) أبريل … وفيما يلي يقدم موقع الحدث الان ملف خاص وكامل حول الضربة العسكرية الأمريكية يتضمن تفاصيل الهجوم وردود الافعال والأهداف التي ترغب الإدارة الأمريكية الجديدة في تحقيقها من وراء هذا الهجوم .
تفاصيل الهجوم والخسائر المادية والبشرية جراء الضربة :
قام الجيش الأمريكي فجر أمس بإطلاق (59) صاروخ طراز ( Tomahawk ) من المدمرتين الأمريكيتين (Uss Porter / Uss Ross ) المتمركزتين شرق البحر المتوسط استهدفت طائرات ومضادات طائرات ومخزونات النفط واللوجيستيات ومخازن للذخيرة وأنظمة دفاع جوي وأجهزة رادار بقاعدة الشعيرات الجوية السورية ، وقد ألحقت الضربة أضرار بالغة ودمرت الطائرات السورية والبنية التحتية والمعدات الداعمة في مطار الشعيرات وخروج طائراتها بالكامل عن العمل ، إضافة إلى مقتل (6) عسكريين سوريين ، وإصابة آخرين ، من جانبها أكدت وزارة الدفاع الروسية أن (23) صاروخ فقط من المدمرة الأمريكية أصابت مطار الشعيرات ، ولا نعلم أين سقطت الـ (36) صاروخ الأخرى ، فيما نفت وزارة الدفاع الأمريكية ذلك .
الموقف الأمريكي :
أكد المتحدث باسم البنتاجون جيف ديفيز أن الضربات تُمثل رداً مناسباً لهجوم الرئيس الأسد على بلدة (خان شيخون ) والذي قام باستخدام مطار الشعيرات لتخزين الأسلحة الكميائية وشن هجمات ضد المدنيين ، كما أكد أن الجيش الأمريكي أخطر القوات الروسية مسبقاً بضرباته ، ولم يقصف الأجزاء من القاعدة التي يعتقد أن للروس وجوداً فيها ، موضحاً أنه تم إبلاغ القوات الروسية مسبقاً بالضربة عن طريق خط تفادي الاشتباك القائم ، وأضاف أن المخططين العسكريين الأمريكيين اتخذوا احتياطات لتقليل المخاطر على الموظفين الروس أو السوريين الموجودين بالقاعدة ، فيما أكد الرئيس ترامب – خلال خطاب مقتضب عقب الضربات الأمريكية – أنه أمر بتلك الضربة العسكرية ، لأن من مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة منع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيميائية ، وقد أكدت مصادر عسكرية أمريكية أن الولايات المتحدة أبلغت (4) دول قبل شن الهجوم ، وهي ( روسيا / فرنسا / إسرائيل / بريطانيا ) .. من جانبه أقرّ مجلس النواب مشروع قانوناً يفوّض إدارة ترامب بإرسال صواريخ مضادة للطائرات محمولة كتفاً طراز Manpad للمعارضة السورية .
تصريحات الرئيس ترامب خلال خطاب عقب الضربات الأمريكية :
– أكد أنه أمر بشن الضربة العسكرية لاستهداف القاعدة الجوية السورية التي تم استخدامها في شن هجوم كيميائي على إدلب .
– دعا كل الأمم المتحضرة إلى العمل من أجل إنهاء سفك الدماء في سوريا ، قائلاً : ( إن الديكتاتور السوري الأسد شن هجوماً رهيباً بأسلحة كيميائية ضد مدنيين أبرياء مستخدماً غاز أعصاب سام مميت ) ، مشدداً على أن الولايات المتحدة هي
مرادف للعدالة .
– أضاف أن مصلحة الأمن القومي الحيوية للولايات المتحدة تقتضي منع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيميائية القاتلة ، وتابع : ( ليس هناك أدنى شك في أن سوريا استخدمت أسلحة كيميائية محظورة وانتهكت التزاماتها المنصوص عليها في معاهدة الأسلحة الكيميائية وتجاهلت دعوات مجلس الأمن الدولي ) .
– أكد أن المنطقة العربية عاشت فترة طويلة في حالة عدم استقرار ، مما هدد حلفاءنا ومصالح أمريكا في المنطقة ، وأضاف أن الرئيس السوري يجب عليه أن يرحل الآن .
– دعا كل الدول المتحضرة إلى الانضمام إلى مساعي إنهاء ما وصفها المجزرة وإراقة الدماء في سوريا وكذلك إنهاء كافة أشكال الإرهاب وأنواعه .
الموقف الروسي :
اعتبر الرئيس بوتين أن الهجوم الأمريكي هو عدوان يضر بالعلاقات الروسية و الأمريكية ، وبالمعركة المشتركة ضد الإرهاب ، كما اعتبر تلك الهجمات عدواناً ضد دولة ذات سيادة ، وتُمثل انتهاكاً للقانون الدولي ، وبحجج واهية ، كما أنها محاولة لتشتيت الأنظار عن سقوط ضحايا من المدنيين في العراق ، كما أعلنت روسيا أنها أوقفت العمل بالمذكرة التي تم الاتفاق عليها مع واشنطن لتفادي الحوادث وتوفير أمن الطيران خلال العمليات في سوريا ، وقد أفادت مصادر روسية بأن هناك مشروع روسي مقترح بحماية ( قاعدة اللاذقية الجوية / قاعدة طرطوس البحرية ) بأنظمة دفاع جوي طرازي ( S-300 / S – 400 ) .. كما تداولت وسائل الإعلام الروسية صوراً لمجموعة من السفن الحربية الروسية تعود إلى شواطئ سوريا عقب الضربة الأمريكية ، حيث عادت الفرقاطة الروسية الأميرال جريجوروفيتش من البحر الأسود إلى البحر المتوسط عبر مضيق البوسفور .
الموقف السوري :
أكدت الرئاسة السورية أن ما قامت به الولايات المتحدة ما هو إلا عدوان جائر وسافر وتصرف أرعن غير مسئول ، ولا ينم إلا عن قصر نظر وضيق أفق وعمى سياسي وعسكري عن الواقع ، كما أنه عدوان سافر على سيادة الدولة السورية التي تعد عضواً بالأمم المتحدة ، معتبرة أن العدوان الأمريكي يصب في مصلحة الولايات المتحدة وتركيا والسعودية و قطر وجميع الساعين لتفكيك الدولة السورية .. فيما رحبت المعارضة السورية بالضربة الأمريكية ، ودعت واشنطن لتقويض قدرات الأسد في شن الغارات .
الموقف الدولي والعربي والإقليمي :
تباينت ردود الفعل حول تلك الضربات ما بين المؤيد والمعارض ، حيث رحب كل من السعودية والبحرين والإمارات والأردن والكويت وقطر والعراق ولبنان ومجلس التعاون الخليجي وإسرائيل وتركيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وكندا والدنمارك واليابان وحلف الناتو والمجلس الأوروبي بالهجوم .. فيما أدان كل من إيران وحزب الله واليونان والسويد وبوليفيا وأندونسيا الهجوم .. فيما دعت كل من مصر والصين جميع الأطراف المعنية إلى الالتزام بالتسويات السياسية في سوريا .
من جانبه عقد مجلس الأمن الدولي أمس جلسة طارئة بناءً على دعوة من روسيا ، لبحث الضربات الأمريكية ، وقد شهدت الجلسة قيام نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف بتوجيه انتقادات حادة لكل من ( الولايات المتحدة / فرنسا / بريطانيا ) ، مؤكداً أن الولايات المتحدة تحاول بضربتها في سوريا إبعاد الأنظار عن الضحايا المدنيين في العراق ، كما أكد أن العدوان الأمريكي ضد سوريا هو عامل مشجع للإرهاب ، ودعوات الولايات المتحدة إلى الدفع بعملية التسوية السياسية في سوريا بعد ضرباتها الصاروخية هي ( دعوات منافقة ) .
الموقف المصري :
أصدرت وزارة الخارجية بياناً بشأن الضربة الأمريكية على سوريا ، جاء كالتالي :
– تتابع مصر بقلق تداعيات أزمة خان شيخون التي راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء بتأثير الغازات السامة المحرمة دولياً ، وما ترتب على ذلك من تطورات خطيرة .
– تؤكد مصر على أهمية تجنيب سوريا ومنطقة الشرق الأوسط مخاطر تصعيد الأزمة ، حفاظاً على سلامة شعوبها ، وترى ضرورة سرعة العمل على إنهاء الصراع العسكري في سوريا حفاظاً على أرواح الشعب السوري الشقيق ومقدراته ، وذلك من خلال التزام كافة الأطراف السورية بالوقف الفوري لإطلاق النار ، والعودة إلى مائدة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة .
– تدعو مصر كلاً من الولايات المتحدة وروسيا إلى التحرك الفعال على أساس مقررات الشرعية الدولية ، وما تتحلى به الدولتان من قدرات ، لاحتواء أوجه الصراع والتوصل إلى حل شامل ونهائي للأزمة السورية التي تفاقمت على مدار السنوات الـ (6) الماضية ، وتكلفتها الباهظة في الأرواح ، وتشريد المواطنين السوريين ، واتساع رقعة التدمير ، وهو الأمر الذي بات مُلحاً لإخراج سوريا من المنزلق الخطير الذي تواجهه ، وذلك انطلاقاً من مسئولياتهما تجاه حفظ السلم والأمن الدوليين .
