تواجه قطر مقاطعة من مصر وثلاث من الدول الخليجية المجاورة، السعودية والإمارات والبحرين. تتهم هذه الدول الدوحة برعاية المجموعات المتطرفة بما فيها الإخوان المسلمون. لم تغير المقاطعة سياسات قطر لكنها جعلتها تعتمد أكثر على دعم القوى الإقليمية. وفيما تقدم الولايات المتحدة وتركيا وإيران جميعها أشكالاً جوهرية من الدعم، تسعى قطر جاهدة إلى تقديم منافع محورية لهذه الدول في المقابل.
العلاقة الأمنية الأساسية
إنّ العلاقة الأساسية لأمن قطر هي مع واشنطن. تتركز هذه العلاقة على قاعدة العديد الجوية في قطر والتي تستضيف 10 آلاف جندي أمريكي والمقرات العملانية المتقدمة للقيادة المركزية الأمريكية. العديد هي القاعدة الإقليمية الوحيدة التي تضم مدرجات قادرة على استيعاب قاذفات بي-52 كما أنّ القطريين كانوا حريصين للغاية على إدخال الجيش الأمريكي إلى بلادهم من أجل أمنهم الخاص إلى درجة أنهم لم يكتفوا بتمويل وبناء القاعدة وحسب، بل أعطوا الولايات المتحدة بشكل أساسي الصلاحية الإقليمية عليها فسمحوا للأرض التي تحتوي على القاعدة أن تكون تقريباً أرضاً سياديّة أمريكية.
وافقت على جميع مطالب واشنطن
منذ بدء المقاطعة في صيف 2017، وافقت قطر على كل ما طلبته منها واشنطن، بدءاً من اتفاقات حول تقييد تمويل الإرهاب مروراً بالاستسلام حول خلافات متعلقة بالطيران المدني وبالموافقة على عقود هائلة جديدة للبضائع والخدمات التجارية والعسكرية الأمريكية وصولاً إلى تحديث وتوسيع قاعدة العديد. علاوة على ذلك، كانت قطر تحاول تأطير علاقاتها الجيدة مع المجموعات المتطرفة على أنّ فيها منفعة للأمريكيين حتى ولو كانت دول خليجية أخرى تشتكي منها.
بتشجيع من إسرائيل، كانت الدوحة تؤمّن لحماس مبالغ نقدية كل ثلاثة أشهر لضمان استمرار الرواتب في قطاع غزة. واستضافت مؤخراً ما يمكن أن يكون خرقاً في المفاوضات بين طالبان وأعضاء من الحكومة الأفغانية. وخلال زيارته واشنطن، أشارت تقارير إلى أنّ الأمير القطري عرض أن يكون وسيطاً بين واشنطن وطهران لكنّه قال إنّ الولايات المتحدة لم تبدُ مهتمة بما أنّها تريد تطبيق المزيد من العقوبات على دولة تراها مارقة.
غض الطرف قد لا يستمر
يتابع إيبيش أنّه منذ بدأت المقاطعة، فشلت قطر في دفع واشنطن للتدخل إلى جانبها لكنها نجحت في تعزيز علاقتها معها. حدث ذلك على الرغم من ارتفاع التوترات بين الولايات المتحدة وشريكها البارز الآخر: تركيا. إنّ جهود أنقرة لشراء صواريخ أس-400 الروسية هي مجرد عارض لشقاق أعمق بين الولايات المتحدة وتركيا مع محاولة الأخيرة تأكيد نفسها كقوة شرق أوسطية بارزة.
الأمر الساخر هو أنّ قطر شريك تركيا الأساسي في هذا الجهد بما أنّ كلتا الدولتين عضو مؤسس لتحالف يدعم المجموعات الإسلاموية السنية وتحديداً الإخوان المسلمين. إلى الآن، فضلت الولايات المتحدة تجاهل هذا الجانب من أجندة قطر الإقليمية، لكن إذا استمر تصاعد قوة تركيا في المنطقة فإنّ هذا التجاهل قد لا يستمر.
إغضاب لجيرانها وتهدئة لإيران
يصبح التناقض أقوى حتى مع القوة الشرق أوسطية الثالثة وهي إيران التي على قطر الاستمرار بالحفاظ على علاقات جيدة معها. تأتي جميع مداخيل الدوحة تقريباً من حقل الغاز الطبيعي الذي تتقاسمه مع طهران. ومنذ المقاطعة، اعتمدت قطر على حقوق استخدام خطوطها الجوية في الأجواء الإيرانية للإبقاء على حيوية طيرانها التجاري ولضمان إمكانية نفاذها إلى الأجواء الدولية الواسعة.
على الرغم من المقاطعة، تمت دعوة قطر إلى الاجتماعات الطارئة في القمم الخليجية والعربية والإسلامية التي نظمتها السعودية في 30 مايو مع احتدام المواجهة مع إيران. بدا القطريون موافقين على بيان مشترك ينتقد سياسات إيران الإقليمية، الأمر الذي اقترح تقدماً محتملاً في معالجة الخلاف الخليجي والعربي. لكن في اليوم التالي، تراجعت الدوحة عن توجيه العديد من الانتقادات إلى إيران مسلطة الضوء على الانقسامات مع جيرانها. لكنها هدأت إيران بالتأكيد.
سقوط طويل وصعب
إذاً فيما تعمل قطر جاهدة لتأمين ما يحتاج إليه شركاؤها الأمريكيون والأتراك وأصدقاؤها الإيرانيون، مع حاجتها لإيجاد توازن في هذه العلاقات الدقيقة، لا يوجد الكثير من الشباك تحت الحبل الرفيع الذي تمشي عليه قطر. إذا دخل اثنان من الشركاء البارزين الثلاثة لقطر في صراع مباشر، قد تختبر الدوحة سقوطاً طويلاً وصعباً.