اختتم مهرجان العلمين موسم الصيف، بعد أكثر من شهرين شاهدنا عشرات الفعاليات والحفلات، بمطربين من مدارس وأشكال مختلفة، تزامنت مع حفلات لكبار المطربين فى الأوبرا، ثم مهرجان القلعة الثقافى بكل ما يقدمه من فنون وحفلات وترفيه، يمثل جزءا من صحوة ثقافية كبيرة، تقدم الفن المصرى بشكل كامل.
مهرجان العلمين الجديدة فى دورته الأولى، تجاوز كونه أكبر حدث ترفيهى، ويقدم تجربة جديدة تمزج الحفلات الموسيقية، بالأنشطة الرياضية لتقف العلمين الجديدة كإحدى أفضل الوجهات السياحية فى العالم، بعد أن كانت مجرد صحراء قاحلة مظلمة نخاف من الاقتراب منها، ونخشى أن نمر عليها بسبب عشرات الآلاف من الألغام منذ الحرب العالمية الثانية، والتى كانت تحصد الأرواح والأجساد سنويا بالمئات.
فى الثمانينيات من القرن العشرين كنت أقضى فترة تجنيدى فى المنطقة الغربية، كانت العلمين مجرد رمال ومقابر تنعق فيها البوم والغربان، اليوم تغيرت الصورة بشكل تام، وبدت هناك مدينة جديدة تقف شاهدة على إرادة المصريين فى الفعل، والرهان على الناس، بالطبع هناك من يسعى لإفساد فرحتنا بمثل هذا التقدم، بينما نحن نرى هذه الأنشطة والمبانى والشوارع هى فرص وإنجاز عمل لعشرات الآلاف، وكل خطوة للأمام فى السياحة هى مجال عمل وعائد يفتح بيوت، فالذين بنوا هذه المدينة وحولوها من صحراء أشباح هم مواطنون مصريون، مهندسون وفنيون وعمال، ومن ينظم هذه المهرجانات ويقدم خدمات السياحة والترفيه هم مواطنون معنا ومنا، وهو واقع قائم، خلال خمس سنوات فقط يروى قصة مدينتين، واحدة للأشباح وأخرى تضج بالحياة.
ثم إن العلمين ليست مجرد مصيف أو مهرجان، لكنها مدينة تعمل طوال العام وتدخل ضمن تنمية موسعة، باتجاهات متعددة، وجزء من طموح فى تنمية القطاع الغربى الشمالى، فمفاعل الضبعة يوفر طاقة لأنشطة الصناعة والزراعة والتنمية، بجانب تحلية المياه للزراعة والاستخدامات الصناعية، أصبح مشروع تنمية غرب مصر، على أرض محافظة مطروح، التى تمتد من الإسكندرية شرقا إلى الحدود الليبية غربا بطول أكثر من 500 كيلومتر على ساحل البحر، وجنوبا حتى واحة سيوة بعمق أكثر من 300 كيلومتر، بداية من مدينة العلمين الجديدة، التى أصبحت درة البحر المتوسط كأحدث مدينة سياحية واقتصادية، مرورا بالبدء فى تنفيذ محطة الضبعة النووية السلمية لتوليد الطاقة الكهربية، وتطوير الطريق الدولى الساحلى مطروح – إسكندرية، وطريق وادى النطرون – العلمين، ومحور روض الفرج – الضبعة، والقطار الكهربائى السريع السخنة – العلمين – مرسى مطروح.
كل هذا يدخل ضمن تنمية واضحة وواقع ملموس يمكن رؤيته والتجول فيه والتعرف على تفاصيله، والذى حول المحور الشمالى الغربى خلال سنوات قليلة، امتدادا من الإسكندرية وحتى السلوم غربا، لإقامة سلسلة مجتمعات عمرانية وزراعية وصناعية وسياحية تربطها شبكة طرق متطورة، ووسائل نقل حديثة وخطوط السكك الحديدية الجديدة، التى تربط موانئ البحر الأحمر بموانئ البحر المتوسط، الإسكندرية والسلوم، بما يساهم فى خلق مجتمعات عمرانية وممرات تنمية واضحة تتيح فرص استثمار وعملا لمئات الآلاف، وتنقل هذا القطاع من مساحات صحراء مهملة إلى ممرات تنمية كاملة، ومن يراجع مطالب الخبراء والمخططين العمرانيين منذ السبعينيات يكتشف أن ما يجرى تحقيق لحلم واحد من أهم ممرات التنمية التى تتداخل وتتقاطع مع ممرات أخرى تخلق مجتمعات قابلة للتوسع والتنوع.
نقول هذا انطلاقا من واقع يتغير، ويتيح بجانب مضاعفة مناطق الجذب السياحى، قصة مدينة العلمين الجديدة، ومعها مدن أخرى تمثل ما قدمه المصريون فى سنوات، وهى خطوات يمكن التعرف عليها وتجيب عن بعض ما هو مطروح من أسئلة، والمزيد من الإجابات، يمكن أن تفتح محورا حول ما تحقق وما يمكن أن يتحقق.