يصدر قريبًا عن المركز القومي للترجمة الطبعة العربية من كتاب “فهم التلمود: مختارات مع مقدمات” من تحرير ألان كونري، ومن ترجمة سامي محمود الإمام.
يعد التلمود أحد أهم مصادر التشريع اليهودية بعد (العهد القديم) و(المشنا) بل ربما يحتل مكانة متقدمة عليهما في بعض المسائل، وهناك تلمودان: أورشليمي وبابلي، وهما نتاج مدارس دينية يهودية عدة في فلسطين وبابل (300-500م).
التلمود البابلى هو الأضخم حجمًا، والأكثر دراسة، والأفضل حظا، ويتضمن التلمود بشكل عام تشريعا قانونيا، ومنهجا أخلاقيا، وجملة من الطقوس وللشعائر الدينية ومقطوعات شعرية وصلوات وقصص تاريخية، وطرائف وحكايات شعبية وأساطير.
تنقسم المواد التي تشكل لُب التلمود إلى قسمين: يعرفان بالهالاخاة والهاجاداة: فالهالاخاة تتعلق بالأجزاء التشريعية، وهى الاستنباط المنطقى لأجيال من العلماء، وشكلت الهالاخاة أسلوب حياة اليهودى، أما الهاجاداة فتتعلق بالأقسام غير التشريعية وهى أقسام تتساوى في أهميتها مع الأقسام الأخرى.
وعلى الرغم من التناقض الحاد بين القسمين فإنهما تكملان بعضهما البعض، وتنبثقان من أصل واحد وتهدفان إلى الغاية نفسها، فلم يكن التلمود يتضمن فقط المحصلات الأخلاقية والتشريعية لبحوث المتعلمين، بل يتضمن أيضًا الحكمة، والمعتقدات الخرافية لعامة الناس، وهو-بحسب المعتقدات اليهودية- ليس تشريعا وأدبا وحسب ولكنه رابطة فريدة بين اليهود، ووثيقة روحية لا نظير لها، للحفاظ على الهوية اليهودية وسط كثير من المحن التي تعرضوا لها عبر التاريخ، ويعد التلمود لذلك بالنسبة لليهود واحدا من أعظم الكتب،وذلك على الرغم من زلاته أو أخطائه وإفراطه في التفاصيل، وافتقاره إلى الأسلوب والشكل بالإضافة إلى قوانينه التفصيلية وقيوده المذهلة.
أما المشنا تنقسم إلى أبواب ستة وكل باب ينقسم إلى فصول وكل فصل ينقسم إلى فقرات وترتب هذه الأبواب الستة على النحو التالى: “زراعيم “بمعنى بذور، وهو يتناول تشريعات الزراعة، “موعيد” وتعنى أعياد أو احتفالات، ويتناول الأعياد، “ناشيم” بمعنى نساء ويتناول تشريعات الزواج، “نيزقين” وتعنى أضرار ويتناول التشريعات المدنية والجنائية، “قوداشيم” بمعنى مقدسات ويتناول القرابين أو ما شابه ذلك، “طهاروت” بمعنى طهارات ويعالج الطهارة الشخصية والتعبدية.
جدير بالذكر أن ألان كورى، هو أستاذ الدراسات العبرية واليهودية بجامعة وسكنكسين/ ميلويكى بالولايات المتحدة الأمريكية، حاصل على درجة البكالوريوس في عبرية العهد القديم والعصر الوسيط (لندن)، ودرجة الماجستير في اللغات السامية من جامعة مانشيستر، ودرجة الدكتوراه في اللغويات من جامعة بنسلفينيا، وهو حاليًا بدرجة الأستاذ الفخرى للدراسات العبرية بجامعة ونكونسين بالولايات المتحدة الأمريكية.
أما الدكتور سامى محمود الأمام، أستاذ ورئيس قسم اللغة العبرية وآدابها بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، حصل على درجة الدكتوراه برسالة تحمل عنوان(الطلاق في الشريعتين اليهودية والإسلامية)، له عدد من المؤلفات نذكر منها، (هيكل أورشليم في المصادر اليهودية وتفنيد للمزاعم الإسرائيلية بأن المسجد الأقصى بني على أنقاض الهيكل ) و(بعض مشكلات الترجمة، دراسة تطبيقية من خلال ترجمة “قصة سفينة متسللين”).