تزوج سكريبال من حبيبة طفولته يوليد ميلا، في عام 1972، والتي التقاها في مدينة كالينين، وأنجبا بعدها بعامين ابنهما الأكبر سكريبال، ثم يوليا بعد 10 سنوات.
بدأ سكريبال حياته السرية، وعندما أظهر نبوغا ومهارة خلال خدمته لدى القوات الجوية، حيث كان يؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية في قوات الإنزال الجوي، تم اختياره ليعمل ضمن القوات الخاصة التابعة لمديرة المخابرات العسكرية، وفي عام 1990 تخرج سكريبال في الأكاديمية الدبلوماسية العسكرية ليصبح مع مطلع تسعينيات القرن الماضي مديرًا للاستخبارات العسكرية بسفارة مالطا، ولكنه لم يستمر كثيرا هكذا ونقل إلى العاصمة الإسبانية مدريد، بصفته ضابطا عسكريا كبيرا مع الملحق العسكري الروسي عام 1993.
وفي عام 1995، تم تجنيده من قبل عميل بريطاني يدعى ميلر، ظهر في حياته كرجل أعمال وعرض التعاون على سكريبال، والكشف عن أسماء زملائه في المخابرات الروسية مقابل مبالغ طائلة من الأموال، ووافق سكريبال على ذلك، وحصل على رمز “فورثويث”، خلال عمله بمدريد.
وبسبب إصابته بمرض السكري عام 1996، أرسل سكريبال إلى موسكو وعمل بالمخابرات بها، وتولى منصب مدير قسم المخابرات العسكرية، وبعد تقديم نحو 2000 شكوى ضده يتهمونه بالفساد، انتقل من عمله وعمل ضابطا مساعدًا لقائد الجيش السوفيتي السابق بوريس جروموف، وحصل سكريبال على رتبة عقيد، ثم تقاعد بسبب اشتداد المرض عليه.
عاش سكريبال حياة هادئة بعد تقاعده من المخابرات، قضى معظمها بإسبانيا حيث كان يمتلك منزلا بالقرب من مالاغا بجنوب البلاد، وعمل خلالها بوزارة الخارجية الروسية، واستطاع خلالها الكشف عن أكثر من 300 جاسوس روسي، خلال لقاءات له مع عملاء بريطانيين بمدينة أزميل التركية.
وفي عام 2003 درس في الأكاديمية العسكرية الدبلوماسية، ثم ألقت السلطات الروسية القبض على سكريبال في عام 2004، بعد الكشف عن اتصالاته، عبر عملاء المخابرات البريطانية، مع سفارة لندن في موسكو، وأصدر القضاء الروسي في عام 2006 الحكم بالسجن لمدة 13 عاما على سكريبال بتهمة خيانة الدولة، لكنه في يوليو 2010 تم تسليمه إلى بريطانيا في إطار صفقة تبادل الجواسيس المعتقلين.
بعد ذلك، عاش سكريبال في منزل بسيط على حدود ضاحية سالسبري بمقاطعة ويلتشير، غرب إنجلترا، بعيدا عن السرية والإثارة والخطر، واشترى منزله البسيط بنحو 340 ألف يورو بعد عام من إقامته ببريطانيا، وقام بعمل احتفالية لجيرانه، ليبدأ حياة جديدة مختلفة هادئة، وعرف سكريبال بأنه شخص بسيط في تعاملاته وملابسه رغم أنه تولى وظائف عليا بالدولة، وكان عضوا في النادي الاجتماعي للسكك الحديدية بساليسبري.
ورغم استمراره بحياته العسكرية وإلقائه محاضرات حول أساليب عمل المخابرات الروسية في الأكاديمية العسكرية الملكية، كما أدار شركة من عملاء المخابرات البريطانية، فإنه كان أيضا هاويًا لعزف الكمان، وتعلمه منذ الصغر واشتهر به في الجامعة، وكان يعزف لجيرانه بضاحية ساليسبري.
وفي عام 2011 وصل إلى بريطانيا زوجة سكريبال ليودميلا ونجله ألكسندر، وعاشت معهم ابنته يوليا بعد عودتها من موسكو بعدة سنوات، وسرعان ما خطف القدر عائلة العقيد المتقاعد وتوفيت زوجته في عام 2012 بعمر 59 عاما دون سبب واضح، فالبعض يقول إنها توفيت في حادث سيارة، وآخرون يقولون إنها توفيت بعد صراع مع سرطان الرحم، ولحقها نجلها عام 2017 عن عمر 37 عاما بسبب الفشل الكلوي، وتوفي في روسيا خلال إجازة له بمدينة بطرسبورج بصحبة صديقته، ودفن الاثنان ببريطانيا.
وظهرت شائعات كبرى حول وفاة ابنه أيضا، وقال شهود إنه مرض وتوفي فجأة، وحين ذلك أبلغ سكريبال الشرطة عن مخاوف بأن روسيا وراء مقتل زوجته وابنه.
وبعد أن فقد زوجته ونجله الوحيد، ازداد المرض على سكريبال، ويقول أحد جيرانه: “تغير سكريبال كثيرا بعد وفاة ابنه، فبعد أن كان يمتاز بالفكاهة وبأنه اجتماعى، بات يميل للعزلة، وكأنه يشعر بالخوف، وكان يحدثني غالبا عن خوفه على ابنته”، ويضيف: “عندما عادت زوجته من روسيا، طلب منها ألا تعود من الخوف عليها، وقد كان”.
وتقاعد سكريبال في عام 2016، ومنحته سلطات المملكة وسام الإمبراطورية البريطانية، ومازال سكريبال الذي يصارع وابنته الموت في أحد المستشفيات البريطانية، يثير أزمة طاحنة في أوروبا، خاصة بين بريطانيا وروسيا، وصلت إلى حد القطيعة الدبلوماسية وقد تمتد إلى مواجهة اقتصادية وعسكرية.