البطولة تكمن فى عظم الانجاز والتأثير حياة النبى محمد عليه الصلاة والسلام مليئة بالمواقف الخالدة التى لا تنسى، عامرة بالإنجازات ولا تنضب من المعجزات، وشخصية النبى بصفتها الأعظم فى التاريخ ثرية بالأحداث الإنسانية المليئة بالرحمة والعفو والصفح الجميل، شهد لها القاصى والدانى وتوجها التاريخ كأحد أهم الشخصيات المؤثرة فى الخليقة، تعاليمه وسنته يتشرف التابعون له بالمضى عليها ليسود التراحم بين الناس كمنهج معتدل يمضى عليها الطامحون إلى الرقى والتحضر وإرساء الأخلاق فى المجتمعات. وفى معرض ذكرى المولد النبوى الشريف، تحدثنا إلى عدد من الروائيين والمفكرين والأدباء عن شخصية النبى الكريم فى مخيلتهم، وأنهم إذا سنحت الفرصة لهم لكتابة رواية عن النبى، على أى الملامح سوف يركزون وإلى أى ستأخدهم الذروة الدرامية للأحداث.. السطور المقبلة تكشف الإجابة..
فى البداية قال الأديب سعيد الكفراوى إن النبى محمد شخصية تاريخية لها أثر عظيم فى تحويل أمة من الجهل إلى الحرية، وبسط عبر جهاده رسالة كانت على اتساع ثلث العالم القديم، وأرسى قيم فاعلة فى الوعى الإنسانى عن الحرية والعدالة وعلاقة الإنسان بربه وقيم الخير والمساواة والتحرك الإيجابى إلى الأمام ودعم مساعى التحضر، موضحاً أن هذه الشخصية المباركة التى لاقت حب وتقدير وقدوة المسلم بسبب تطهره من أدران الجاهلية وغير المسلم بسبب جهاده وتدشين قيم المساواة، انتهاء بتكوين وعى فاعل يرفع مشعل الحضارة لدى الأمة الإسلامية طوال فترة العصور الوسطى، مشدداً على أنه كبطل للرواية شخصية غنية وثرية وتعطى لكل أديب أو مبدع جانباً منها، يبدع من خلاله عمله بسبب ثرائها وقوتها وقيامها بأمور مازال أصداؤها يعيش معنا حتى هذه اللحظة ويمثل نبراساً نهتدى به فى كل المواقف الحياتية. تحويل مسار أمة وأوضح الكفراوى أنه حينما يكتب رواية عن الرسول العربى الكريم، فسوف يستوقفه سؤال كيف لهذا الفتى الفقير يتيم الأم والأب تحويل أمة من القتلة وعباد الأصنام وجهابذة السطو على القبائل وأباطرة صراعات الجاهلية إلى تحمل عبء الرسالة المحمدية الهادئة إلى العالم أجمع، كيف استطاع أن يرقق قلوبهم بالعفو والصفح والحكمة والموعظة الحسنة وجدال الجهلاء بالعقل المستنير، وبالتى هى أحسن، مع التركيز على علاقته بالآخر من اتباع الديانات السماوية والوضعية، مشدداً على أن الدراما فى ذروة الأحداث سوف يكون التركيز الأكبر فيها على إحداث صدمة للجميع واضطراب بوفاته بعدما انقل الجزيرة العربية من الظلمات إلى النور ومن الجهل إلى قيم الحداثة والإنسانية والتمدن. معالجة الأزمات وأوضح الكاتب والروائى سمير الفيل أن النبى محمد شخصية مليئة بالتسامح والموعظة الحسنة وأحد أهم الشخصيات المتسامحة فى التاريخ منذ أن خلق الله آدم، وأنه بعظمته وحكمته أصبح بطلاً تاريخياً لا يضاهيه أحد أبداً، مشدداً على أن الجوانب الإنسانية مضيئة فى حياة النبى، وأنه بعث ليتمم مكارم الأخلاق فكانت سيرته مليئة بالمواقف الأخلاقية الحسنة، وأنه سوف يستلهم فى روايته العديد من الأحداث الواقعية ويلقى الضوء عليها بداية بنزول الوحى عليه فى الغار، والتركيز على الموقف العظيم للسيدة خديجة زوجته عندما عضدته وهدأت من روعه، مروراً بحادثة الإفك وكيف اتخذ النبى المسار الأفضل وقام بمعالجتها بالفطنة والحكمة ما يعكس فطنته الإنسانية واتساع الأفق وعدم التعصب بغير حق ومعالجة الأمور بكياسة. ذروة الرواية وأوضح الفيل أنه سوف يتطرق فى روايته أيضاً إلى مواقف النبى الإنسان فى المعاملات اليومية بشكل يذكر الجميع بضرورة التآخى وعدم التعصب أو المذهبية التى تشهدها بعض الدول الإسلامية اليوم، مشيراً إلى أنه سوف يتوقف طويلاً عند مشهد تأليف خاتم المرسلين بين قلوب المهاجرين والأنصار ورحلة الهجرة التى فيها صعاب طويلة ومشاق ومشاهد جليلة وسيناريوهات عديدة يمكن أن تستمر مع اتباع الدين الإسلامى إلى آلاف السنين يستضيئون بها فى الأيام العصيبة التى تشهدها الأمة فى ظل الإرهاب والتطرف وعدم الجدال بالحسنى مع الآخر، مشدداً على أن ذروة الأحداث الدرامية فى الرواية سوف تصل عند موت ابنه إبراهيم وبكائه عليه بقلب الأب الحنون الملىء بالمشاعر الجياشة، انتهاء بموت النبى وعدم تصديق الجميع بأنه القدوة والمعلم وصاحب الانتصارات العظيمة وواضع أول دستور للمبادئ والأخلاق قد وافتها المنية. النبى.. والآخر وبسؤال الناقدة ماجدة موريس عن نصيحتها لروائى يتطلع إلى كتابة رواية بطلها النبى الكريم، قالت إن العامل الأهم والأساسى الذى يجب أن يركز عليه الروائى لنجاح روايته عن شخصية قوية تملأ الأرض تسامحاً هو إنسانية المصطفى عليه الصلاة والسلام، وتعامله مع الآخر بالحسنى واجلال الموت واحترام العقائد كلها على حد سواء، ودرء الفتن قبل أن تشتعل، وإبراز الجانب الجميل فى عطفه على الجميع بما يشمل الإنسان والحيوان والجماد والنبات، مشددة على ضرورة التركيز فى حرصه على العمل وقيمة الوقت وأن يكون الخير عنواناً للجميع حتى ولو قامت الساعة، مصداقاً للحديث الشريف: «إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، مطالبة أن يكون ذلك عنواناً للناس فى حياتهم جميعاً باختلاف أديانهم وألسنتهم من أجل نهضة الأمم. معاملة المرأة وأضافت موريس أنه يجب إلقاء الضوء على علاقة النبى الكريم بالمرأة وحسن معاملتها، وأن ذروة العمل يجب أن تكمن فى التضاد ما بين مقاصد النبى الشرعية فى التسامح والسلام، وبين ما نعايشه الآن من حروب فكرية وعقائدية وعدم قبول للآخر، تمتد إلى التكفير والاضطهاد ومحاولة تشويه صورة الدين الإسلامى من قبل بعض الجهلاء الذين يرفعون راية الجهاد دون إدراك لمعناها الحقيقى بهدف تخريب الأمم ونشر الفوضى فى شتى أرجاء المعمورة، مشيرة إلى وجوب عمل إسقاطات درامية أيضاً على بعض الذين استناروا بعلم النبى وخرجوا من الجهالة إلى النور، وبين الذين يفتون بغير علم أو سند حالياً ويسببون كوارث يندى لها الجبين وتصيب القاصى والدانى نفسياً وفكرياً وعقائدياً.