يوافق اليوم السبت 31 أغسطس الذكرى الـ13 على رحيل نجم النادي الأهلي ومنتخب مصر، محمد عبدالوهاب، الذي غادر دنيانا صباح نفس اليوم عام 2006 على البساط الأخضر وهو يؤدي التدريبات الصباحية مع فريق الأهلي بملعب مختار التتش.
محمد عبد الوهاب (الغائب الحاضر)
يداعب الكرة بيسراه فتطيعه وتساعده على تنفيذ كل المهارات من (رفع عرضيات وإطلاق تسديدات وإحراز أهداف).
لديه قدر كبير من المهارة الفطرية التي مكنته من احتلال الجبهة اليسرى في المنتخب والأهلي رغم وجود أسماء أكبر منه في السن والتجربة.
وحقق مع المنتخب كأس الأمم الإفريقية وكان له دور كبير جدا في هذا، كما حقق مع الأهلي عديد البطولات وأصبح الظهير الأيسر الأساسي له.
لاعب اجتمع الناس على حبه وتقديره لأخلاقه العالية واحترامه لنفسه وللآخرين ولمهارته الفطرية.
فهو اللاعب الذي أصاب جميع المصريين بحالة من الحزن الشديد بعدما علمت بنبأ وفاته أثناء إحدي التدريبات الصباحية للفريق ولم يصدق الكثيرون أنفسهم حينها، هو محمد محمد عبد الوهاب السيد معشوق جمهور الكرة في الوطن العربي بصفة عامة ومصر.
السيرة الذاتية للراحل
رحل محمد عبد الوهاب وهو يبلغ من العمر 22 عاما و11 شهرا، فهو رحمه الله من مواليد أول أكتوبر 1983 بقرية سنورس بمحافظة الفيوم.
محمد عبد الوهاب بدأ مشواره مع الكرة وعمره 14 عاما بمركز شباب سنورس، وعن طريق مدربيه ذهب إلى اختبارات البراعم بالزمالك واجتازها بنجاح واستمر في التدريب مع فرق الناشئين 4 أشهر، لكن والده رفض التوقيع على استمارات القيد بالزمالك، فانتقل لمركز شباب الألومنيوم ومنه إلى الفريق الأول.
نتيجه لتألقه -عليه رحمة الله- في صفوف الألومنيوم اختاره حسن شحاتة، المدير الفني لمنتخب الشباب عام 2003، للمشاركة في نهائيات كأس الأمم الإفريقية للشباب رقم 13 في بروكينافاسو عام 2003، وهي البطولة التي أحرزتها مصر بعد تغلبها في النهائي المثير على كوت ديفوار 4/ 3 سجل نجمي الأهلي ومنتخب مصر أحمد فتحي وعماد متعب ثلاثة أهداف، وحسني عبد ربه هدف، وكان محمد عبد الوهاب قد سجل هدف فوز مصر على مالي في دور الأربعة.
مشوار عبد الوهاب مع كرة القدم كان مغلفا بانتصارات وألقاب عديدة، وحقق خلال عمره القصير ما لم يحققه الكثيرون ممن ارتدوا قميص الأهلي ومنتخب طوال سنوات.
عبد الوهاب برز بشدة كلاعب يتميز بتسديدات قوية وكرات عرضية متقنة، وهو ما كانت الكرة المصرية تفتقده في الأعوام الماضية، حتى أن حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب الشباب دأب على إشراك اللاعب الراحل في مركز لاعب الوسط الأيسر في بداية انضمامه لمنتخب الشباب، وتألق عبد الوهاب في هذا المركز خلال كأس الأمم الإفريقية التي توجت مصر بلقبها.
ولم يكتف عبد الوهاب بالتألق فقط، فأحرز هدفا حاسما في شباك أصحاب الأرض في مباراة الدور قبل النهائي من ركلة حرة مباشرة أصبحت بعدها “ماركة مسجلة” باسم النجم الراحل حرص على التسجيل منها باستمرار.
ومن كأس الأمم الإفريقية إلى كأس العالم بالإمارات، واصل عبد الوهاب مشاركته بانتظام مع منتخب مصر، وازداد تألقا بعد أن أعاده شحاتة إلى مركز الجناح الأيسر المدافع الذي يجيد فيه كثيرا.
وخلال كأس العالم، جذب عبد الوهاب أنظار نادي الظفرة الإماراتي الذي يلعب في الدرجة الثانية، وضمه من الألومنيوم لمدة أربع سنوات.
لكن عبد الوهاب لم يرتد قميص الظفرة أبدا، فالنادي الإماراتي أعاره في الموسم الأول إلى إنبي الذي كان في بداية بزوغ نجمه في الدوري الممتاز ومن ثم ضمه الإيطالي ماركو تارديللي للمنتخب الأول استعدادا لبدء تصفيات كأس العالم، ووضع عبد الوهاب بصمته في مشاركته الأولى الدولية بهدف في شباك السودان في مستهل مباريات التصفيات.
ولم يفت تألق عبد الوهاب الشديد على مسئولي الأهلي، الذين سارعوا باستعارته لمدة موسمين من الظفرة.. لكن عبد الوهاب لم يلق ذات النجاح في بدايته مع الأهلي، فلم يشارك طوال الدور الأول لموسمه الأول مع الفريق سوى في شوط واحد أمام أسمنت أسيوط وتم استبداله.
وواصل عبد الوهاب سعيه الحثيث للحصول على مكانة أساسية في الجبهة اليسرى للأهلي في ظل منافسة شرسة من لاعب بحجم الأنجولي جيلبرتو، والمثير أن اللاعب الراحل كان صاحب مكانة أساسية في تشكيلة منتخب مصر رغم عدم مشاركته مع الأهلي.
الموسم الثاني لعبد الوهاب مع الأهلي شهد دخول اللاعب في تشكيلة البرتغالي مانويل جوزيه لوقت أكبر، لكن نقطة التحول الأساسية جاءت خلال مباراة الأهلي والنجم الساحلي التونسي في نهائي دوري أبطال إفريقيا نوفمبر 2005
دخل عبد الوهاب بديلا لجيلبرتو بعد مرور عشر دقائق فقط من البداية، واستغل اللاعب الراحل الفرصة وقدم أداء مبهرا تخلله كرة عرضية متقنة أحرز منها أسامة حسني هدفا من بين ثلاثية الأهلي يومها، ونال استحسان مدربه البرتغالي.
وحصل عبد الوهاب على فرصة أخرى ذهبية لتثبيت أقدامه مع الفريق الأهلاوى بعد إصابة جيلبرتو البالغة بينما كان اللاعب الراحل يشارك مع منتخب مصر في كأس الأمم الإفريقية.
وبات عبد الوهاب لاعبا مهما في صفوف الأهلي ومنتخب مصر لاسيما بعد مشاركته الإيجابية في فوز “الفراعنة” بكأس الأمم الإفريقية 2006، ليصبح بعدها أحد أبرز نجوم القلعة الحمراء.
وضح النضج على عبد الوهاب رغم أنه لم يكمل عامه الـ23 بعد، وقاد الجبهة اليسرى للأهلي بثبات وثقة في النصف الثاني من موسم 2005/ 20006، وكان سببا في انتصارات عديدة للفريق الأحمر محليا وإفريقيا.
عاش محمد عبد الوهاب فترة عصيبة للغاية بعد انتهاء موسم 2005/ 2006، بعد أن ماطل مسئولو الظفرة في عرض النادي الأهلي بضم اللاعب بصفة ناهئية لصفوف الفريق، بعد أن انتهت فترة إعارته، وهو ما أبعد عبد الوهاب عن الأهلي في افتتاح مباريات دور الثمانية لدوري أبطال إفريقيا 2006، حتى نجحت مساعي مسئولي الأهلي في تقريب وجهات النظر مع نادي الظفرة الإماراتي وتم الأتفاق بشكل نهائي على أنضمام عبد الوهاب للفرق، إلا أن القدر لم يمهل اللاعب حيث ودع الدنيا وانتقل إلى جوار ربه، لتتوقف مسيرته الحافلة برغم عمره القصير.
ورغم أن عبد الوهاب لم يقض في الأهلي إلا عامين فقط، فقد نجح خلال هذه الفترة القصيرة في أن يحصد قبل البطولات حب الجماهير الحمراء، بفضل حسن خلقه وتدينه وعدم إثارته لإي مشكلات، حتى أن جماهير الأهلي أصابتها حالة من الهلع خلال لقاء الأهلي والزمالك في نهائي كأس مصر موسم 2005 / 2006 عندما سقط عبد الوهاب مغشيا عليه بعد التحام مع أحد لاعب الزمالك، ولم تكن الجماهير التي أحبت عبد الوهاب تعلم أن القدر ادخر لهم صدمة أكبر بعد فترة قصيرة، ليسقط عبد الوهاب في المكان الذي أحبه وشهد تألقه ليسدل الستار على مسيرة حافلة للاعب شاب فقدته الكرة المصرية.
مشاركاته مع المنتخبات المصرية:
حقق الراحل محمد عبد الوهاب ثلاث بطولات مع المنتخبات المصرية بدأها مع منتخب الشباب بالفوز بكأس الأمم الإفريقية عام 2003 في بوركينافاسو، ثم الفوز مع المنتخب العسكري بكأس العالم رقم 41 في المانيا عام 2005، وهي البطولة التي أحرز فيها محمد عبد الوهاب 3 أهداف أحرزها في مرمى ايطاليا بدور الـ8 ومرمى المانيا بدور الـ4 ثم سجل هدف الفوز بالبطولة أمام الجزائر في النهائي ليقتنص لقب الهداف برغم كونه لاعبا مدافعا.
كما شارك عبد الوهاب في كأس الأمم الإفريقية رقم 25 التي أستضافتها مصر على ملاعبها 2006 وفازت بها.
شارك عبد الوهاب في كل مباريات البطولة الست التي خاضتها مصر، وأحرز ركلة ترجيح في النهائي أمام كوت ديفوار، ليساهم في فوز الفراعنة باللقب الغائب 4/ 2.