بعد خمس سنوات من ثورة 25 يناير، تعرضت السياسة الخارجية المصرية لتغيرات ومنحنيات أثرت على مسارها طيلة السنوات الماضية.
فبعد أن شعر المصريون بالتحرر من العباءة الأميركية بعد الثورة التي أسقطت نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وتخلي الأمريكون عنه، لم يستمر هذا الشعور كثيراً حتى جاء الإخوان بعباءة جديدة ذات “صناعة تركية” ترتبط بأجندة التنظيم الدولي للإخوان، حتى قامت ثورة 30 يونيو التي انتهجت سياسة الانفتاح على الجميع والتحرك شرقاً وغرباً، وأن يكون لدى مصر أصدقاء أكثر من الأعداء بما يحقق مصلحة الشعب المصري فقط.
ووصفت مساعد وزير الخارجية المصري السابقة السفير جيلان علام، مسار السياسة الخارجية المصرية منذ ثورة 25 يناير، وحتى الآن بـ”الرسم البياني” الذي اقتصر على حليف تارة، ثم أصبح يملك حليفين تارة أخرى، وأخيراً انطلق المؤشر عالياً لينفتح على الجميع ويتجه في كافة الإتجاهات، موضحة أن الاتجاه الذي تسلكه الخارجية المصرية الآن هو الأفضل للدول التي ترغب في تحقيق المكاسب الاقتصادية والسياسية بما يعود بالنفع على شعبها.
وقالت السفيرة جيلان جبرإنه بعد ثورة 25 يناير وبعد أن سقط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، حاولت الولايات المتحدة أن تعزز موقعها وراهنت على مساندة تيار الإسلام السياسي المتمثل في الإخوان وغيرهم لدعم الوجود الأمريكي في المنطقة التي شهدت تغيرات واسعة بسبب الربيع العربي، وبالفعل حين تولى الإخوان السلطة اتجهوا إلى الأطراف التابعة لنفس النهج الأمريكي الإخواني دون العمل مع الآخرين، وكأنه لا توجد دول أخرى لها مصالح مع مصر سوى تلك الأطراف.
وانتقدت شخصيات سياسية وإعلامية وكثير من أطياف الشعب المصري، سياسة الإخوان المقتصرة على التنسيق مع أطراف بعينها، الأمر الذي وصل إلى التدخل في الشأن المصري إلى أبعد الحدود، مما دعا المصريين إلى رفض هذا الأمر والتظاهر ضد الإخوان لوقف ما يحدث، حسبما روت السفيرة جيلان جبر.
تنويع
ورأى وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي أن ثورة 25 يناير كانت تهدف لتنويع سياسة مصر الخارجية وعدم دورانها فقط في الفلك الأمريكي، ولكن مع تولي الإخوان للسلطة اقتصروا على تعزيز علاقتهم مع الدول التي تتبنى أجندتهم وتدعمها، إلا أن الشعب المصري وقف لهذه السياسة الغامضة والتي تسمح بتدخل تلك الدول في الشأن المصري، حتى قامت ثورة 30 يونيو وأصبح هناك تنوع وانفتاح على الجميع فاتجهت مصر إلى روسيا دون استبدالها بالولايات المتحدة، موضحاً أن العلاقات مع واشنطن أصبحت “ندية” وليس كما كانت في الماضي سواء وقت مبارك أو الإخوان.
وأوضح السفير العرابي أن مصر الآن ترسخ سياستها الخارجية مع دول الخليج، لتعزيز الاستقرار في المنطقة وتتجه إلى موسكو أيضاً حتى لا تعتمد على مصدر واحد في السلاح، كما عززت من التعاون مع دول أوروبا خاصة فرنسا واليونان وقبرص كما اتجهت إلى الصين واليابان أيضاً لتعزيز وتقوية الاستثمارات في البلاد، دون أن تتوقف على دولة واحدة او اثنتين.
ويرى الكثير من المصريين الآن أن مصر أصبحت تنتهج نفس النهج التي تسير عليه الصين في سياستها الخارجية، والذي يعتمد على عدم التدخل في شؤون الآخرين مع رفض أي تدخل في الشأن المصري وضرورة التعاون مع الجميع دون الاقتصار على دولة فحسب، وأن يكون لديها أصدقاء دون خلق عداوات مع أحد.