في إطار متابعة الأوضاع السياسية في العراق منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021 ، والتي كانت نتائجها فوز الكتلة الصدرية بزعامة رجل الدين الشيعي ” مقتدى الصدر ” بأغلبية أعضاء البرلمان المكون من (329) مقعد ، إلا أن الخلافات والصراعات السياسية بين الأحزاب أدت إلى عرقلة انتخاب رئيس جديد للعراق وأيضاً تشكيل الحكومة الجديدة .
تتركز الأزمة السياسية بين ( الكتلة الصدرية / قوى الإطار التنسيقي ) على النحو التالي :
1 – الكتلة الصدرية بزعامة ” مقتدى الصدر ” التي تترأس : ( تحالف إنقاذ وطن / كتلة تقدم السنية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي / الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني ) بعدد (155) نائباً ، وتهدف لتشكيل حكومة أغلبية .
2 – ( قوى الإطار التنسيقي ) التي تضم كتل شيعية أبرزها ( دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي / كتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران ) ، وتهدف لتشكيل حكومة توافقية تضم جميع الأطراف الشيعية ، كما جرى عليه التقليد السياسي في العراق منذ سنوات .
بشأن القرارات التي اتخذها ” مقتدى الصدر ” بالتزامن مع الجمود السياسي : فقد دعا ” الصدر ” نواب الكتلة الصدرية داخل البرلمان إلى تقديم استقالاتهم ، بالإضافة إلى إغلاق غالبية المؤسسات التابعة للتيار الصدري – باستثناء البعض – في المرحلة الحالية ، قائلاً : (( إن هذه الخطوة تضحية مني للبلاد والشعب لتخليصهم من المصير المجهول )) ، داعياً خصومه – الإطار التنسيقي – إلى تشكيل الحكومة العراقية ، الذي بدأ إجراء مباحثات داخلية لمتابعة تداعيات تلك الخطوة .. من جانبه صدق رئيس مجلس النواب ” محمد الحلبوسي ” على استقالات نواب الكتلة الصدرية ، وفي أعقاب ذلك أعلن مرشح التيار الصدري لمنصب رئيس الوزراء ” جعفر الصدر ” انسحابه من السباق في أعقاب موافقة رئيس البرلمان على استقالات نواب التيار الصدري .. كما دعا ” الصدر ” أيضاً لتنظيم ( الحشد الشعبي ) وقيادته وتصفيته ممن وصفهم بالمسيئين ، وعدم زجه في الشئون السياسية والصراعات الداخلية في العراق ونبذ الطائفية .
رفعت تلك الاستقالات رصيد الكتل السياسية الأخرى من النواب ، بسبب قانون الانتخابات الذي ينص على أن المرشح الأعلى أصواتاً سيكون محل النائب المستقيل في نفس الدائرة ، وهو ما سيرفع نواب عدة تحالفات إلى أرقام أعلى ، وهو ما سيغير توازن القوى بشكل تام .. وإذا تشكلت الحكومة المُقبلة بدون التيار الصدري ، فإنها ستكون ضعيفة وهشة .
تشير بعض التقارير إلى أنه عقب انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان ، فإن ” الصدر ” سيذهب إلى المعارضة الشعبية وسيلجأ إلى الشارع لتحقيق أهدافه ، الأمر الذي يشكل دائماً قلقاً لدى القوى السياسية التي ستشكل الحكومة المُقبلة ، لأن ” الصدر ” في الشارع أقوى من البرلمان والحكومة ، مما قد يفجر احتجاجات شعبية واسعة خلال الفترة المُقبلة .