نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان (حتي لا تغرقنا إثيوبيا في «المصيدة الإسرائيلية»!) جاء على النحو الآتي :-
حتي لا تغرقنا إثيوبيا في “المصيدة الإسرائيلية “!
إلى الفريق المصرى فى مفاوضات سد النهضة: احذروا التكتيك الإثيوبى فى المفاوضات على الطريقة الإسرائيلية.
هم تمكنوا حتى الآن من المماطلة والتسويف لمدة تسع سنوات، ويخططون لاستهلاك ما بقى من وقت حتى يضعونا أمام أمر واقع لا فكاك منه.
لن نناقش الآن سؤال: هل كان مفروضا أن نصبر عليهم كل هذا الوقت أم لا، أو حتى سؤال: هل كان فى أيدينا أوراق ضغط لم نستخدمها جيدا أم لا.
السؤال الجوهرى الآن هو: كيف نتجنب كل الفخاخ الإثيوبية التى تحاول ملاعبتنا على الطريقة الإسرائيلية؟.
نتذكر أنه عندما ضغط الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الأب، على رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق شامير وآرييل شارون للمشاركة فى مفاوضات مدريد وفاء للوعد الذى قطعه بوش للدول العربية للمشاركة معه فى تحرير الكويت من غزو صدام حسين، وقتها ذهب الإسرائيليون مضطرين إلى المفاوضات حتى لا يخاطروا بخسارة الراعى الرسمى الأمريكى، الذى كان وقتها قادرا على إجبارهم على عدم معارضة ما يخص المصالح الأمريكية العليا.
آرييل شارون أطلق وقتها عبارة تفيد ما معناه: «سوف نستنزف العرب والفلسطينيين فى مفاوضات عقيمة قد تستمر لمدة عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما».
الذين استمعوا لكلام شارون ومعه شامير، استغربوا، وظنوا أنهما يعيشان فى عالم الخيال، ولم يكن أحد يتصور وقتها أن هناك مفاوضات يمكن أن تستمر ١٠ أو ١٥ عاما!.
لكن ما فعله الإسرائيليون على أرض الواقع، فاق كل أنواع الخيال، وهكذا مانزال من يومها وحتى هذه اللحظة ونحن نتحدث عن المفاوضات أو «عملية السلام». صار الأصل هو «التفاوض»، أو استمرار «العملية»، وليس الوصول إلى حل عادل أو شبه عادل.
تتغير أماكن المفاوضات مثل كامب ديفيد أو «واى ريفر» أو «واى بلانتشين» أو طابا أو أوسلو أو مدريد لكن الجوهر واحد، وهو المماطلة والتسويف وتضييع الوقت لفرض الأمر الواقع!.
فى لعبة المفاوضات على الطريقة الإسرائيلية، وفى كل مرة يتم الاقتراب من الحل أو بوادر الحل. تظهر مشكلة فى إسرائيل تنسف كل شىء وتعيده إلى المربع صفر.
بعد اتفاق أوسلو وجدية إسحاق رابين «النسبية» تم اغتياله، على يد اليمين المتطرف، وانهزم رفيقه شيمون بيريز، وبدأ صعود اليمين العنصرى بزعامة بنيامين نتنياهو. تم تكرر الأمر نفسه بدرجات وصور مختلفة، وفى كل مرة يبيعون نفس البضاعة الفاسدة للعرب، ويقولون لهم: آسفون، نحن غير قادرين على التفاوض أو الحل الآن، لأن الرأى العام لدينا منقسم أو متطرف أو غير موافق، ونرجو منكم أن تنتظروا قليلا!!.
واستمر هذا الأسلوب من يومها حتى هذه اللحظة، ولا ننسى أنه فى اللحظة التى كان هناك تفاهم أمريكى إسرائيلى أردنى مصرى على حل عام ٢٠١٦، يقوم على فكرة تحالف بين حزب العمل والليكود بدعم أمريكى فوجئ الجميع بنتنياهو يتحالف مع ليبرمان وينسف الفكرة من أساسها، مراهنا على أن ما تبقى من وقت للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما أيام معدودة.
تحدثت بالتفصيل عن النموذج الإسرائيلى، لأننى ألمح وأشم رغبة إثيوبية شديدة فى تكرار هذا النموذج. فى الأيام الأخيرة، خصوصا بعد أن هربت إثيوبيا من توقيع الاتفاق الإطارى فى واشنطن بشأن سد النهضة.
سمعنا البعض يقول إن إثيوبيا لا يمكنها التوقيع على الاتفاق الآن، لأن لديها انتخابات عامة فى مايو المقبل، ولديها خلافات داخلية وعرقية كثيرة، وعلى مصر الصبر حتى تمر هذه الفترة وبعدها يتم حل كل المشكلات!!.
إذا قالوا لنا ذلك علينا ألا نصدقهم، لأنهم يتصرفون طبقا للطريقة الإسرائيلية، وإذا صدقناهم، فقد نتفاجأ بتغيرات درامية فى النخبة الحاكمة تقول لنا نحن غير ملزمين بما تم التوصل إليه من تفاهمات أو مفاوضات سابقة ونريد أن نبدأ من جديد!.
تذكروا أننا نتفاوض معهم من سنوات. حتى قبل ثورة يناير ٢٠١١، بشأن اتفاق عنتيبى وبعد الثورة، ومنذ لقاء عصام شرف مع ميليس زيناوى، جلسنا معهم وتفاوضنا مئات المرات، وفى كل مرة كنا نعود للمربع صفر، ابتسموا لنا كثيرا وأقسموا على المصاحف والأناجيل بأنهم لن يضرونا، ثم كشفوا عن وجههم الحقيقى قبل أيام.
نقطة البدء الأساسية هى أنه يجب علينا الإصرار ألا نجلس على أى مائدة تفاوض معهم، إلا إذا قبلت إثيوبيا عدم البدء فى ملء السد، إلا بعد التوصل لاتفاق نهائى، وأن تصل لأديس أبابا رسالة قاطعة، بأنها ستدفع ثمنا كبيرا إذا أصرت على طريقتها الحالية.