نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان “رئة العالم تحترق” جاء على النحو الآتي :-
هناك حرائق مشتعلة فى غابات الأمازون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. الحرائق بعيدة عنا بآلاف الأميال، لكن نتائجها سوف تصيب العالم أجمع إن لم يكن اليوم فغدا أو بعد غد، باعتبار أن هذه الغابات هى الرئة الاكبر التى تتنفس منها كل البشرية. فما هى قصة هذه الغابات التى صارت خبرا فى كل وسائل الإعلام بمختلف أنواعها فى الفترة الأخيرة؟
السؤال ليس درسا فى الجغرافيا، أو سردا لمعلومات صماء من المواقع والصحف العالمية، ولكنها محاولة للفت أنظار الجميع إلى خطورة الحرائق المشتعلة هناك، على مستقبلنا ومستقبل أولادنا، بل ومصير الكوكب الذى نعيش عليه جميعا، خصوصا ان الخبراء يتوقعون ان تستمر شهورا.
الأمازون تشكل أكثر من نصف الغابات المطيرة فى العالم، كما أنها أكبر غابات استوائية فى العالم، وتمثل ما بين ٤ــ٦٪ من إجمالى مساحة الأرض، وما بين ٢٥ــ٤٠٪ من مساحة أمريكا الجنوبية. وطبقا لتقارير متنوعة فى العديد من وسائل الاعلام، ومنها ما نشرته صحيفة النهار اللبنانية، فإن منطقة الأمازون تغطى مساحة ٧٫١٥ مليون كيلومتر مربع، او أكثر من 1.5 مليون فدان، تمثل بدورها ٥٤٪ من إجمالى مساحة الدول الأعضاء الثمانية، فى منظمة معاهدة تعاون دول الأمازون، والدول هى: البرازيل وبوليفيا وكولومبيا وأكوادور وغيانا وبيرو وسورينام وفنزويلا، والنسبة الاكبر من هذه الغابات تقع فى البرازيل، وتشكل اكثر من نصف مساحتها ،و13 % من بيرو،و10 من كولومبيا.
الصندوق العالمى للطبيعة يؤكد أن ٢٠٪ من غابات الأمازون اختفت خلال الخمسين عاما الماضية، وهذه الظاهرة تتسارع، وتقديرات الصندوق أن ٢٧٪ على الأقل من منطقة الأمازون الاحيائية ستكون خالية من الأشجار بحلول عام ٢٠٣٠، إذا استمرت إزالة الغابات بالوتيرة الحالية، كما انخفض معدل سقوط الامطار بنسبة 25 %، وحينما تسقط بغزارة الآن تتسبب فى حدوث فيضانات هائلة.
يسأل البعض ولماذا هذا القلق العالمى من الحرائق فى غابات الأمازون؟!
السبب ببساطة هو المميزات الاستثنائية التى تتمتع بها هذه الأرض اللا ممدودة، ولا تتوفر فى أى مكان آخر بالعالم. هذه الغابات تحافظ على توازن المناخ العالمى، ولها تأثير كبير على الحرارة والماء، وكذلك عزل الكربون فى الجو، وبالتالى المساعدة فى تقليل عملية الاحتباس الحرارى.
ثم إن منطقة الأمازون هى العنوان الأبرز ليس فقط للتنوع البيولوجى، بل للتنوع الثقافى، بسبب التفاعل بين مجموعات عرقية وجغرافية مختلفة. سكانها الـ٣٤ مليون نسمة يمثلون ١١٪ من سكان دول الأمازون الثمانى. ويعيش فى المنطقة حوالى ٤٢٠ من الشعوب الأصلية والقبلية، تتحدث ٨٦ لغة و٦٥٠ لهجة وتعيش فيها ٦٠ أمة على الأقل من السكان الأصليين فى عزلة تامة.
أحد الملامح البارزة للمنطقة، هو نهر الأمازون الذى يجرى فى قلبها، وينبعث من جبال الإنديز فى البيرو، على ارتفاع ٥٩٧٩ مترا فوق مستوى البحر ويمتد إلى مصب المحيط الأطلسى، ويساهم حوض الأمازون بنسبة ٢٠٪ على الأقل، من المياه العذبة فى العالم، وهو النهر الأطول فى العالم بـ 6992 كيلومترا،والمنطقو بها ما يسني بالانهار الطائرة عبر عملية “الطفح التبخيري” وكل شجرة قطرها 10 امتار مثلا تضخ اكثر من 300 لتر بخار ماء يوميا تؤلف السحاب الحامل للمطر الي الزروع والانهار والبحيرات والسدود..
منطقة الأمازون أيضا موطن لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات،بها حوالي 390 مليار شجرة تتوزع علي 16 الف صنف مختلف مما يتيح تنوعا بيولوجيا عالميا، كما أنها محمية للموارد الجينية وتتميز بنظام بيئى فريد غنى بالتنوع البيولوجى لنحو ربع كل الأجناس فى العالم. فهناك ٣٠ ألف صنف من النباتات الوعائية . غابات الأمازون هى موطن لـ٢٫٥ مليون نوع من الحشرات، ٢٥٠٠ نوع من الأسماك و١٥٠٠ نوع من الطيور، و٥٥٠ نوعا من الزواحف، و٥٠٠ نوع من الثدييات و عشرة الاف نوع من النباتات لانتاج الادوية والعطور والادوية العشبية وبعض المواد الغذائية.
السؤال الآن هو: ما الذى حدث فى الغابات، ومن الذى أشعل الحرائق هناك، وهل هم المزارعون، ام الرعاة الذين كانوا يريدون توسيع مساحة مراعيهم، ام المطورون العقاريون، الذين يريدون بناء مساكن تدر عليهم ارباحا ضخمة، أم أن الأمر أكبر من ذلك ويتمثل فى توجه من الحكومة البرازيلية اليمينية، ودول كبرى اخرى مثل «امريكا ترامب» لا تكترث، لما يهدد كوكب الأرض بأكمله؟!