راغب علامة: كل أغنية أقدمها تنبع من تجربة سابقة عايشتها
A A راغب علامة قال الفنان راغب علامة، إن النجاحات التي يحققها الفنان عامة هي عصارة عناصر محددة يتمتع بها فتؤلف إطاره العام. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب من الفنان أن يقدم أعمالا تحفر في ذاكرة المستمع فلا ينساها في اليوم التالي. فأن نقدم أغنية ناجحة تترك أثرها على الناس لهي عملية جهد دؤوب يحيط بها رؤية معينة، بحيث يتم تناول تفاصيلها بدقة وعلى نار هادئة يستغرق تحضيرها أشهرا كثيرة. إذ لا يمكن الاستهانة بهذا الموضوع بتاتا». وتابع: «برأيي أن مصلحة الأغنية تأتي فوق كل اعتبار، بحيث يجب على الفنان أن يسخو في عطائه الفني عامة. كما يجب أن يعلم تماما بأن هناك ضريبة للنجاح الذي لا يمكن أن يأتينا على طبق من فضة، بل يكون نتاج جهد نقوم به. وقد يكون تعلقنا بأحلام الطفولة حافزا أساسيا في نجاحنا، فإنا ما زلت أشعر حتى اليوم بأنني أحقق الحلم الذي رافقني منذ نعومة أظافري، وأنني ما زلت في أول الطريق. فأنا أحب صناعة الأغنية، وهو الأمر الذي أثمر مكتبة بحد ذاتها يحب الناس الاستماع إلى قديمها كما جديدها تماما».
وعن وضع الساحة الفنية كما يراها بعين الفنان المحترف أجاب: «إنها تحمل نفس إيقاع الدنيا التي نعيشها، أي الفلتان والفوضى العارمين، والتي باتت تعاني منها جميع القطاعات، ولا سيما الإعلام. فبرأيي هناك فلتان غير مقبول نلحظه على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام والدوائر الرسمية ومؤسسات الدولة، وفي أماكن أخرى كثيرة، تجعلنا نتحسر على ماض قريب كان الوضع الفني فيه أفضل».
ويعد راغب علامة من الفنانين الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ لا يترك مناسبة إلا ويكون على اتصال خلالها بمتابعيه. «هي طريقة تواصل كما يدل عليها اسمها تجعلني على تماس مع جمهوري عن قرب وبشكل مباشر؛ فأعرف ردود فعله وأقف على آرائه البناءة. وهذه أمور آخذها بعين الاهتمام لأن جمهوري هو سبب استمراريتي في النهاية». وأضاف: «أعطي رأيي بمواقف إنسانية قد يصفها البعض بالسياسية، لكنها نابعة عن اهتماماتي بالإنسان وبوضع بلدي لبنان. كما أن هذه الوسائل تضعك على علم بمن يحبك أو العكس، وأحيانا ألحظ هذا الكم الهائل من أصحاب النوايا السيئة والطاقة السلبية إلى حد يجعلني أتساءل لماذا يتواجد هؤلاء في حياتنا؟».
دأب راغب علامة منذ بداياته حتى اليوم على المشاركة في الحملات الاجتماعية الهادفة إلى تحسين أوضاع الناس، وكذلك في حملات تصب في مساعدة المحتاجين. فلا يترك مناسبة أو حدثا لا يشارك فيه من موقعه سفيرا للنوايا الحسنة للأمم المتحدة، ومواطنا عاديا يخاف على مستقبل بلده. «لدي هذه الناحية في شخصيتي منذ صغري وليس فقط بسبب موقعي سفيرا نوايا حسنة في الأمم المتحدة. فأنا شغوف بالعمل الاجتماعي على أنواعه وأحب المشاركة فيه. كما أن مشاهد حياتية معينة تستفزني، كمحاسبة لص صغير، في حين السارق الأكبر يتربع على عرشه، ويعاقب شخص ما لأنه كان يسير عكس السير، في حين سيارات المواكبة الخاصة بالزعماء تقوم بالأمر نفسه أمام أعين الجميع دون أي محاسبة».
ولكن تواجدك هذا في كل مكان وزمان دفع البعض إلى استخدامه وعن طريق المزاح في أحداث ومحطات سياسية وميدانية كثيرة، ألا يزعجك هذا الموضوع؟ يبتسم راغب ويرد: «أبدا، إنه دليل واضح على أني مالئ الدنيا وشاغل الناس، ومؤخرا استخدموا اسمي وصورتي في معركة عرسال وعلقوا (راغب علامة كان هنا). فليس بالضروري أن تكون هذه التعليقات ذات صبغة سيئة وفي كلتا الحالتين فأنا أشغل محبيني من ناحية وأزعج الذين يكنّون لي الحقد، في الوقت نفسه، والدليل على ذلك أنني أشغل تفكيرهم».
يحب راغب علامة أن يتحدث في الأمور السياسية حتى أن بعض متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي ينتظرون تعليقاته وملاحظاته في هذا المجال؛ كونها تحمل دائما رسائل مباشرة إلى أهل السياسة في لبنان دون مواربة… «أعتقد أن الشعب اللبناني يشعر بالاختناق من ممارسات وتصرفات شاذة يمارسها علينا أهل السياسة في لبنان، وأنا أحاكيهم بلسان حالهم كوني واحدا منهم وأعاني ما يعانونه تماما، فهناك من يعمل على سرقة نفس المواطن وهو أمر غير مقبول أبدا؛ مما يدفعني إلى كتابة تغريدات أو تعليقات بهذا الخصوص يحبها الناس لأنها تلامسهم».
ولكن لماذا لا تدخل عالم السياسة من بابه العريض، ولا سيما أن لديك ركيزة شعبية تفوق أحيانا تلك التي يتمتع بها بعض الزعماء؟ «لا أفكر بدخول هذا المجال؛ لأنه ليس سليما أبدا، وتشوبه أجواء غير نظيفة يعترف بها السياسيون أنفسهم. نعم أحب أن ألقي الضوء على أحداثنا اليومية، وأتابع نشرات الأخبار ومستجدات السياسة، لكن بعيدا عن إطار (رجل السياسة)». ويتابع: «إن الشعب اللبناني تتم سرقته أمام أعينه؛ ولذلك أرى أنه لا يجب أن يبقى صامتا تجاه ما يمارس عليه، وأنا بصفتي مواطنا لبنانيا يستفزني ما يستفزه فأعبر عنه على طريقتي». وما الخطوة الجديدة التي سيلجأ إليها راغب علامة في موسم الانتخابات اللبنانية التي سنشهدها قريبا؟ «لقد وضعت رؤية وخططا خاصتين بهذا الموضوع، وانتظروا الوقت المناسب لتعرفوا كيف سأطبق نظريتي بضرورة اعتمادنا التغيير في هذه الانتخابات؛ لأن الشعب في حاجة إلى من يضع يده على جرحه».
وبالعودة إلى موضوع الفن، فلقد قدمت مؤخرا أغنية «تركني لحالي» وحققت نجاحا كبيرا مرة أخرى، ولا سيما أنها تحمل الرومانسية بامتياز، وأديتها بإحساس عال، فما سرك؟ «لا شك في أن هذه الأغنية جميلة ومميزة بكلماتها ولحنها فكانت خيارا موفقا. فبعد كل هذه الخبرة التي أتمتع بها أصبح لدي ما يكفيني من توقعات صحيحة لنجاح عمل ما. أما عن الإحساس الذي تتكلمين عنه فهو يرافقني في جميع أعمالي فأنا لم اغن منذ بداياتي حتى اليوم إلا مواضيع قصص عشتها في مرحلة ما من عمري، وأعتقد أننا جميعنا مررنا في مراحل عاطفية مشابهة فعندما أغنيها أسترجع في أعماقي المشاعر التي رافقتني في حالة ما فيأخذني خيالي إلى التفكير خلالها بأكثر من شخص».
راغب علامة صاحب لقب «السوبر ستار» بامتياز والذي ما زال يتربع على عرش النجومية العربية في الغناء منذ نحو ثلاثين عاما، يتابع مستجدات الساحة الفنية باستمرار: «لا يمكننا أن نمارس مهنتنا هذه دون أن نتابع أعمال زملاء آخرين، وكذلك الاهتمام بأحدث إصدارات هذه الساحة. وهناك عدد كبير من الفنانين الذين أتابع أعمالهم، أمثال وائل جسار، ووائل كفوري، وإليسا، وعاصي الحلاني؛ فهؤلاء يعدون من الفنانين الذين يعرفون ماذا يقدمون من أعمال جميلة وضاربة». وعما إذا كان أخذ قراره النهائي بعدم المشاركة في برامج مواهب غنائية، أوضح: «لم أتخذ قرارا مشابها أبدا، ولا سيما أنني نجحت في هذا المضمار، والأمر يتوقف على العرض ووضع البرنامج الذي سأشارك فيه».
وعن موعد العمل الجديد الذي سيقدمه لمستمعيه، أكد راغب علامة أنه ينوي إصدار أغنية جديدة نحو نهاية السنة الحالية، وهي لن تكون مشابهة لتلك التي سبقتها «تركني لحالي» بموسيقاها. وينطلق علامة في جولة حفلات طويلة الأمد لموسم الصيف الحالي تشمل مهرجانات جرش (الأردن) واهدن وبكاسين واميون (لبنان) وسوسة (تونس) وموناكو (فرنسا) واليونان وغيرها، هو الذي سبق وشارك في حفلات أخرى في مناطق لبنانية وبلدان عربية هذا الصيف مبرهنا مرة جديدة بأنه نجم لن يتكرر.