أعرب رياض المالكى، وزير الخارجية الفلسطينى، عن رفض دولة فلسطين القاطع للإعلان الذى أدلى به رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والذى اعترف فيه بالقدس كعاصمة مزعومة لإسرائيل، تلك السلطة القائمة بالاحتلال.
وأوضح فى كلمته خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، إن هذا الاعتراف يشكل اعتداء على كل الشعب الفلسطينى وعلى حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف.
ولفت إلى أن دولة فلسطين تعتبر الإعلان إساءة للقانون الدولى بما فيه ميثاق الأمم المتحدة الذى يُؤكد عدم مشروعية حيازة الأرض بالقوة، بما فيها الحقوق الأصيلة والثابتة وغير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير. مؤكدًا أن هذا التغيير فى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاهنا هو خرق صريح لرسالة الضمانات التى أكدت الولايات المتحدة من خلالها لمنظمة التحرير الفلسطينية التزامها بعدم الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل عام 1993م، بالإضافة إلى العديد من قرارات مجلس الأمن التى لا تعترف بأى من قرارات الاحتلال الاسرائيلى غير القانونية، والتى تسعى لضم القدس الشرقية.
وأكد المالكى إن إعلان الرئيس ترامب يُمثّل مكافأة للاستعمار ولانتهاكات القانون الدولى الجسيمة، بالإضافة للخرق الممنهج لحقوق الانسان. متابعًا إن قرار الرئيس ترامب يُجرّد الولايات المتحدة الأمريكية من أهليتها للعب دور الوسيط فى عملية السلام، وفى العمل لإنهاء الصراع فى المنطقة، ويُظهر مدى تحيّز الولايات المتحدة الأمريكية وعدوانيتها تجاه حقوق الشعب الفلسطينى والقانون الدولي، كما يعزل الولايات المتحدة عن بقية دول المجتمع الدولي، ويُجرّدها من أهليتها لاتخاذ أى دور قيادى فى عملية السلام فى المنطقة.
وأكد المالكى إن اجتماع وزراء الخارجية العرب جاء اليوم، لمناقشة كيفية التعاطى الجمعى العربى مع خطيئة أقدم عليها الرئيس الأمريكى عن سبق إصرار بحق القدس أولى القبلتين، وثانى المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى النبى الكريم، وعاصمة دولة فلسطين. خطيئة تخطت المحتمل عربياً، وتعدت المقبول به أو المسموح له، مهما كان أو على شأنه.
وتابع: القدس أقدس الأقداس ودرة التاج، وقلب العرب النابض، مدينة السلام، مدينة كنيسة القيامة وقبة الصخرة، عاصمة دولتنا. المدينة التى إن قالت تحرك القاصى والدانى من كل صوب، وإن نادت لبى لها النداء كل عربى ومسلم، وإن أنّتْ تداعى لها العالم أجمع، وإن غضبت فلا مُتسع لغضبها فى هذا الكون. والقدس غاضبة اليوم.
وأشار إلى أن هذا القرار إنما يُشجع منتهكى القانون الدولي، بما فى ذلك الخروقات الصارخة لمبادئ حقوق الإنسان على الاستمرار باتباع هذه السياسات، كما ويستخف القرار بموقف وقرارات دول المجتمع الدولى بما فى ذلك ما عبّرت عنه الأمم المتحدة، وهو سيوحى للدول المارقة بأنه بإمكانها خرق القانون الدولى وفرض وتغيير الحقائق بالقوة، وهذا سيُطلِق العنان لحقبة جديدة من العنف وعدم المبالاة بالقانون الدولى ومبادئه.
وتابع: “لا بد من كلمة لكل مَن ابتهج لهذا القرار واحتفى به وتَسرَّعَ بالقول أن هذا القرار يضمن لإسرائيل أن أيَّة مفاوضات مستقبلية ستنطلق من حقيقة جديدة أن القدس هى عاصمة لدولة إسرائيل، هنا لا بد من القول وبكل وضوح وثبات، أن أى اعلان يأتى من إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، أو من الولايات المتحدة الأمريكية، بخصوص واقع مدينة القدس لن يُغير من حقيقة أن الأرض الفلسطينية المُكونة من قطاع غزة والضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية، هى أرض محتلة وفق القانون الدولي، وهى حقيقة راسخة قانونياً. وأن الحقوق الوطنية الفلسطينية وحقوق الانسان للشعب الفلسطينى هى حقوق غير قابلة للتصرف، وهى أيضاً حقائق قانونية وسياسية راسخة بموجب القانون الدولي، وإجماع ودعم من المجتمع الدولي. ولن تتغير هذه الحقيقة بالاعلان غير القانونى للرئيس ترامب بنقل السفارة أو بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل”. لذلك يجب أن نؤكد بمجال لا يدعُ للشك أنه ليس لهذا القرار أو الاعلان أو الوعد أى توابع على المكانة القانونية لمدينة القدس التى هى جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، أو لحقوق الشعب الفلسطينية المكفولة فى القانون الدولي.
وأضاف: نتوقع من الدول الصديقة التى تعترف بدولة فلسطين، أن تؤكد على اعترافها بالدولة وعاصمتها القدس الشرقية، علاوةً على رفضها وادانتها لهذا القرار غير القانونى، ومطالبة كافة الدول تحديد موقفها من قضية القدس بما ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية. ونأمل تكليف وزارى عربى للتحرك السريع تجاه عواصم الدول بما فيها الأوروبية ومطالبتها بالاعتراف الفورى بدولة فلسطين باعتباره الوقت الأنسب لحماية حل الدولتين ولحماية فرصة السلام، وتعبيرًا عن موقفهم الرافض لأى تغيير على حدود العام 1967، بما فى ذلك ما يخص القدس، عملاً بقرارات الأمم المتحدة ومبادئ هذه الدول.
وشدد المالكى على أنه لن يكون هناك سلام بدون إقامة الدولة الفلسطينية، والدولة الفلسطينية لن تقوم بدون أن تكون القدس الشرقية عاصمتها.