السياسة والشارع المصريعاجل

سامح شكرى: مصر تدعم وحدة واستقرار وسلامة اليمن وحكومة الرئيس هادى

قال وزير الخارجية سامح شكرى، إن البحر الأحمر شريان مائى هام كان ومازال جسرا للتواصل بين الحضارات العريقة التى عاشت على شواطئه منذ فجر التاريخ، موضحا أن البحر الأحمر بموقعه المتميز يمثل نقطة التماس بين الجوار العربى والأفريقى، ونقطة التقاء قارات العالم القديم.

وأكد شكرى فى كلمته بمؤتمر الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، التى ألقاها السفير حمدى لوزا نيابة عنه، أن البحر الأحمر شهد موجات الهجرات الأولى فيما بينها وكذا بواكير حركة التجارة بين أرجاء العالم منذ العصور القديمة، موضحا أنه يعد أحد أهم طرق الملاحة الدولية التى تنقل حوالى 15% من التجارة العالمية، كما يعيش فى دوله أكثر من 200 مليون نسمة يطمحون إلى تحقيق السلم والاستقرار والنمو.

وشدد شكرى على موقف مصر الثابت والداعم لوحدة واستقرار وسلامة اليمن وللرئيس هادى وحكومته الشرعية، وضرورة الالتزام بالحل السياسى على أساس المرجعيات المتعارف عليها خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2216.

وأكد أن التاريخ الحديث شهد مساع عدة، سواء فردية أو جماعية، قامت بها دولنا لتنظيم شئون البحر الأحمر ومجابهة تحدياته، إلا أن هذه المساعى – رغم جديتها – لم ترق بعد إلى مستوى التنسيق الذى نأمله فلا نزال فى حاجة إلى إطار مناسب يرسى قواعد تعاون اقتصادى إقليمى متناغم يحقق المنفعة المشتركة، ويؤدى إلى إجراء حوار كاشف حيال الأوضاع السياسية فى إقليم البحر الأحمر ومحيطه، ويوفر فى الوقت ذاته صيغة للتنسيق المشترك الفاعل لمجابهة التحديات الأمنية فى المنطقة.

وشدد على أن الفرصة لا تزال سانحة اليوم لتدارك ما مضى، ويتسق ذلك مع ما دعت إليه القمم العربية الأفريقية الماضية – لا سيما القمة العربية الأفريقية الأخيرة فى مالابو عام 2016 – من أهمية تعزيز الحوار السياسى لتنسيق المواقف من القضايا الإقليمية وتشجيع الاستثمار وتعزيز التجارة الإقليمية بين الدول العربية والأفريقية، مضيفا “وتدعونا طموحات تعزيز التعاون المشترك وما يحمله ذلك من فرص، فضلاً عن التحديات الراهنة التى تواجهها المنطقة، إلى البدء دون إبطاء فى جهود تحقيق التنسيق والتكامل اللازمين بين الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر”.

وأشار أن الفترة الماضية شهدت تركيزا من مختلف الأطراف على جهود مكافحة القرصنة فى منطقة القرن الأفريقى سعيا لتقويض هذه الظاهرة السلبية ولضمان عدم امتدادها إلى البحر الأحمر، غير أنه مع الانحسار النسبى لحدة تهديدات القرصنة، فأن تحديات جديدة تبرز اليوم وتستوجب إيلاءها اهتمامنا وتكاتفنا.

وأكد أن الأوضاع السياسية فى منطقة البحر الأحمر لم تكن أكثر اضطرابا فى يوم من الأيام، أخذا فى الاعتبار الأطماع الخارجية التى تحيط بالإقليم، وما تشهده بعض الدول المحيطة من اضطرابات سياسية وأمنية، وفى هذا الإطار تثير تطورات الأوضاع فى اليمن مخاوف عدة إذ تشكل تهديدا للسلم والاستقرار ليس فى الداخل اليمنى فقط، وإنما فى الإقليم ككل.

وأوضح أن شطا البحر الأحمر يشهدان أيضا تزايدا فى موجات الهجرة غير الشرعية والاتجار فلا البشر، كما تظل أخطار الإرهاب ماثلة فى المنطقة، مع إصرار الدول الداعمة له على نشر بذور الفتنة وعرقلة جهود التنمية من أجل مصالحها الخاصة، مؤكدا حرص مصر على أن تكون فى مقدمة الدول المتصدية للإرهاب بالمنطقة فى إطار مشاركتها فى التحالف العربى، وفى هذا السياق تشارك القوات البحرية المصرية فى تأمين الملاحة فى مضيق باب المندب والبحر الأحمر ومنع تهريب السلاح، بما يتماشى مع القرارات الدولية ذات الصلة.

وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية لدول البحر الأحمر تتأثر سلبا بمثل هذه التحديات السياسة والأمنية، وعلى الرغم من أن الإقليم يمكن أن يمثل منظومة تتكامل فيها عوامل التنمية الاقتصادية من عمالة وفيرة وخبرات عالية ومصادر استثمار وموارد وسوق واسعة، إلا أنه لا تزال هنالك مساحة كبيرة أمام الدول العربية والأفريقية المشاطئة للاستغلال الكامل لإمكانات وفرص التعاون المشترك فيما بينها، بما من شأنه تعظيم الفوائد الاقتصادية لهذه الدول. وقد حرصت مصر على تطوير قناة السويس والمنطقة الاقتصادية المحيطة بها بما من شأنه دعم وتعزيز فرص التكامل الاقتصادى فى منطقة البحر الأحمر.

وأضاف مع إدراكنا لوجود قدر من الخلافات بين بعض الدول المشاطئة للبحر الأحمر، إلا اننا مقتنعون أنها لا تبلغ الحد الذى يمكن أن يعيق جهودنا فى تعظيم استفادتنا المشتركة من البحر الأحمر، وإيجاد محفل جامع لدوله العربية والأفريقية يحقق منفعتها المشتركة.

وأوضح أن إطار التعاون المأمول ينبغى أن يأخذ فى الاعتبار التفاوت بمستويات النمو الاقتصادى بين دول البحر الأحمر، ومن ثم تباين أهدافها وخططها التنموية، الأمر الذى يعنى ضرورة تنوع مجالات مشروعات وآليات التعاون، والسماح كذلك بسرعات متفاوتة للتنفيذ بما يمكن كل دولة منهم من اللحاق بأى مشروع إقليمى وفقا للملاءمة الوطنية.

وأشار أن أطر التعاون فى منطقة البحر المتوسط خير شاهد على أن وجود اختلافات فى وجهات النظر أحيانا أو قدر من التفاوت الاقتصادى بين الدول المشاطئة لا تعنى بالتبعية انتفاء سبل التعاون والتنسيق لتحقيق المنفعة المشتركة، مضيفا “نحن على ثقة من قدرتنا على التوصل إلى صيغة تفاهم تعزز من التنسيق والتعاون سعيا وراء هدف واحد هو تحقيق السلام والرخاء لشعوبنا التى تستحق منا ذلك”.

وأوضح أن مصر تطرح مبادرتها هذه اقتناعا منها بأهمية تعزيز ملكية الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر لشئونه، وضرورة التنسيق بينها لمجابهة تحدياته، مؤكدا حاجتنا للبناء على مؤتمر اليوم ومتابعة وتفعيل ما سينتج عنه من توصيات، مؤكدا على استعداد مصر لاستضافة مؤتمر ثان للدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر العام المقبل، كما ترحب باستضافة أية اجتماعات قد تقترحها الدول المشاطئة سواء لمجموعات العمل المعنية بالبحر الأحمر أو للقطاع الخاص والمستثمرين.

وأكد حرص مصر على أن يتيح جدول أعمال المؤتمر هذه الفرصة لكافة الوفود المشاركة للتداول الكافى حول كيفية تعزيز التنسيق فيما بين دولنا فى المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وصولا إلى خلاصات عن أفضل السبل لتعاوننا المشترك، مؤكدا ثقته فى أن النقاشات والمداولات البناءة التى ستشهدها جلسات المؤتمر على مدار يوميه ستتسم بالعمق والموضوعية والرغبة فى التقارب وتحقيق المنفعة المشتركة بين الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر، معبرا عن ثقته فى أن المؤتمر سيأتى بأفكار وأطروحات جديدة من شأنها تعزيز مصالح دولنا وترسيخ التعاون فيما بيننا.

زر الذهاب إلى الأعلى