تساءلت الصحيفة: ماذا يريد الرئيس الفرنسي من الشرق الأوسط؟ هل يريد إيمانويل ماكرون إظهار النبل أم الفخامة؟، موضحة أن رحلات “ماكرون” المتكررة إلى لبنان والعراق أثارت شكوكاً من محاولة فرنسا إحياء السياسة العربية أو العلاقة الخاصة مع العالم العربي، مشيرة إلى أنه في ظل تراجع التأثير الأمريكي في المنطقة وتركيز بريطانيا على مشاكلها الداخلية وملف الخروج من الاتحاد الأوروبي، قدم “ماكرون” نفسه على أنه القائد الحامل للنور في المنطقة، ويبدو أن رهانه الخطير نجح في لبنان، موضحة أنه في زيارته الأولى التي جاءت عقب انفجار مرفأ بيروت، استُقبل الرئيس الفرنسي استقبال الأبطال، علاوة على عريضة وقّعها (60) ألف لبناني تطالب بعودة الانتداب الفرنسي على بلدهم، وهو الدور الذي تخلت عنه فرنسا عام 1943، ولكن في عودته الثانية لم تكن زيارته ناجحة كما توقع، ورأى الكثيرون أن زيارته التي تزامنت مع توافق النخبة السياسية على رئيس وزراء جديد هي موافقة على هذه النخبة المتهمة بالفساد الكبير.
وأشارت الصحيفة إلى أن “ماكرون” أكد أنه لا عودة إلى الوضع الراهن – أي نظام المحاصصة الطائفية – ، كما التقى بمعظم القادة اللبنانيين بمن فيهم ممثلون عن حزب الله ، مضيفة أن “ماكرون” استطاع الحصول على تعهدات بتشكيل حكومة فاعلة والقيام بإصلاحات شفافة خلال شهرين وذلك حتى يقدم صندوق النقد الدولي حزمة إنقاذ للبلد وإجراء انتخابات في غضون عام، ومع أن هذه التعهدات تعتبر واعدة، إلا أن نائب مديرة المعهد المتوسطي “أجنيس لافلوا” أكدت أن النخبة السياسية هي “قضية خاسرة”، موضحة أن القادة اللبنانيون يرغبون بإظهار أدنى قدر من حسن النية حتى يبدأ الدعم بالتدفق مرة أخرى ثم يعودوا للمخادعة، لكن هذه المرة لن يكون هناك صك مفتوح، وربما يتم فرض عقوبات على عدد من الأفراد.
كما أشارت الصحيفة إلى زيارة “ماكرون” للعراق في أول زيارة له إلى هذا البلد، حيث أقامت باريس علاقات طويلة لكنها خسرت كل التأثير بعد غزو العراق عام 2003، مضيفة أن “ماكرون” يُعد أول زعيم كبير يزور العراق منذ تولي “مصطفى الكاظمي” رئاسة الوزراء في مايو، مضيفة أن “ماكرون” أكد خلال زيارته على أهمية دفاع العراق عن سيادته، كما هاجم تركيا وتدخلها المتكرر فيه.
وأوضحت الصحيفة أن استطلاعات للرأي كشفت أن مغامرات “ماكرون” في الشرق الأوسط أسهمت في زيادة شعبيته، إلى جانب نجاحه مع المستشارة الألمانية ” ميركل” بتمرير حزمة بـ (750) مليار يورو لتعافي الاقتصاد الأوروبي من تداعيات فيروس كورونا، مضيفة أنه رغم ما أنجزه “ماكرون” داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أنه معزول داخل الكتلة الأوروبية في مواجهته مع تركيا، فهو في خلاف معها في ليبيا ومنطقة شرق المتوسط، مضيفة أن “ماكرون” ينتقد الرئيس التركي “أردوجان” ولكن الذي يقوم في النهاية بالعمل الشاق هم الألمان، مشيرة إلى تصريحات مدير معهد أيريس “ديديه بيليون” التي أكد خلالها أن “ماكرون” قد يطلق النار على قدمه لو لم يكن قادراً على التحكم بأسوأ خصاله وهو “الغرور”.