عزومة الدم.. تفاصيل ذبح «عمدة إمبابة» على الفطار
خلافات وتجارة مشبوهة وضعت حدا لصداقة 3 شبان، بمنطقة إمبابة، بعدما أجهز اثنان منهم على ثالثهما، بينما فشلت محاولات الأهالي في إنقاذ المجني عليه، بعدما أوصد القاتل الباب من الداخل وتركه ينزف حتى قبضت روحه، وإلى التفاصيل..
بخطوات يشوبها الحذر صعد هاني ونبيل إلى شقة صديقهما الثالث محمد البرنس بالعقار رقم 14 بحارة الجندي، وقد أحضرا وجبة الإفطار تعبيرا عن استعدادهما لتجاوز الخلاف معه وتجديد "العيش والملح" بينهم.
وفي تمام العاشرة والنصف صباحا قطعت هدوء الشارع صرخة رجل يحتضر: "إلحقوني هموت"، ليخرج أحد الجيران من شرفة منزله المواجهه لشقة "البرنس" طالبا النجدة "اطلعوا بسرعة محمد بينزف العيال قتلوه".
"الباب الخارجي الحديد مقفول من الداخل وباب البيت مفتوح ومحمد غرقان في دمه على الأرض وصديقه نبيل مكبل اليدين بجواره" يقول "سعد" إنهم طالبوا "هاني" بفتح الباب فكان الرد: "المفتاح مش معايا"، فكرر الجيران نفس الطلب لإنقاذ حياة صاحب الـ36 عاما، دون جدوى.
مع فشل محاولات كسر الباب وعدم استجابة شرطة النجدة، وفقا للشهود، استنجد الأهالي بنقطة شرطة المنيرة التي تبعد نحو 10 دقائق عن محل الواقعة، وحضر أمينا شرطة، فظن الجميع أنهما "طوق النجاة" لكن كانت المفاجأة "مش هنقدر نفتح الباب دي مسئولية لازم يكون في ضباط موجودين".
وقعت كلمات الشرطيين على الأهالي كالصاعقة لتسود حالة من الهرج والمرج وسط إصرار "هاني" على عدم فتح الباب، وأن إصابة صديقه سطحية رغم أن "مدخل الشقة والسلم كان كله دما زي السلخانة ورقبته مفتوحة"، يقول مالك محل بقالة.
بمرور الوقت، حضر ضابطان من قسم شرطة إمبابة وطالبا "هاني" بفتح الباب فكان جوابه "أنا ماليش دعوة.. نبيل هو اللي قتله وأنا كتفته علشان ما يهربش"، أثارت تلك الكلمات غضب الأهالي ليؤكد أحدهم "حرام عليك بطّل افترى"، ليطالب رجال الشرطة الجميع بالانصراف: "محمد مات.. والنيابة جاية دلوقتي تعاين الجثة".
تلقت زوجة "محمد البرنس" التي كانت برفقة "كنزي" 4 أعوام – ابنة محمد من الزوجة الأولى – وطفلتها "ساجدة" عامين، لتطمئن على جدها لمروره بوعكة صحية منذ يومين، اتصالا هاتفيا من أحد الجيران "البقاء لله.. جوزك اتقتل"، لتسقط مغشيا عليها.
حضرت زوجة البرنس حال اصطحاب رجال المباحث هاني ونبيل مكبلي اليدين إلى ديوان القسم، لتنهال بالسباب على المتهمين "اتفوا عليكم.. انتم واكلين عيش وملح مع بعض.. تقتلوه"، كما وجهت اللوم لجارهم المقيم بالشقة المقابلة من ناحية أخرى "إزاي مالحقتهوش؟".
"ماحدش بيقتل حد وهو فايق، هاني كان شارب مخدرات، الشرطة وجدت شريط برشام أبتريل فاضل قرصين فقط"، يؤكد "أحمد إبراهيم"، أحد سكان المنطقة، أن المجني عليه كان يتمتع ببنيان قوي مقارنة بالمتهمين "هاني ونبيل مايجوش حاجة جنب محمد دا كان عمدة الشارع".
يلتقط أحد قاطني المنطقة طرف الحديث مستنكرًا الجريمة "أبو هاني وأمه وأخته ماتوا بحالة تسمم من سنين، واللي كان بيصرف عليه محمد"، مؤكدا أن الضحية كان يساعد "هاني" أثناء سجنه على ذمة عدة قضايا "كان بيقوّم له محامي غير الأكل والشرب".
نهاية «البرنس» أعادت ذاكرة الأهالي إلى مقتل شقيقه "عمرو" منذ 10 سنوات "بعدما اختلف وصديقه على شريط برشام، وصاحبه جه علشان يصالحه قدام بيته لكن طعنه في قلبه وهرب"، يقول أحد الجيران.
غربت الشمس، اتشحت المنطقة بالسواد، تجمع الأهل والجيران أمام منزل قديم مكون من 6 طوابق، لمواساة "طارق" و"حمادة" شقيقى الضحية، اللذين انهمرا في البكاء، بينما علت الدهشة الجميع بعد تناقل خبر مقتل "الشاب الجدع" و"عمدة المنطقة"، كما كان يحلو للبعض مناداته، والذي كان يتمتع بدماثة الخلق، وابتعاده عن إثارة المشكلات عقب وفاة والديه منذ 15 عاما، تاركين "5 ولاد و5 بنات".
تحريات الرائد محمد مجدي، معاون مباحث قسم إمبابة، أشارت إلى أن مشادة كلامية وقعت بين "محمد البرنس"، 36 عاما، السبق اتهامه في 17 قضية، وصديقيه "عبد الحميد.م"، 39 عاما، ترزي، وشهرته "هاني"، السابق اتهامه في 6 قضايا، و"نبيل.ح"، 33 عاما، السابق اتهامه في 4 قضايا؛ وذلك بسبب خلافات مالية سابقة بينهم.
وأوضحت تحريات الرائد كريم أبو العباس، معاون مباحث قسم إمبابة، أن "محمد" استدعى صديقيه إلى مسكنه لإنهاء الخلاف، فوقعت مشادة تطورت إلى مشاجرة، تعدى خلالها محمد على "هاني" بسكين محدثا إصابته بجرحين قطعيين بكف اليد اليمنى وأصبع السبابة اليسرى، قبل أن يستخلصها منه الأخير، ويسدد له 8 طعنات بالصدر والرقبة والظهر، أودت بحياته.