بدأت القوات العراقية عملية عسكرية لتحرير مدينة « الموصل « شمال العراق من قبضة التنظيم الإرهابي ، حيث يعد تحرير المدينة ضمن سلسلة انتصارات حققها الجيش العراقي في تحرير المدن العراقية من قبضة التنظيم ، الذي أصبح يسيطر على (30%) فقط من الأراضي العراقية .
وقد استولى تنظيم داعش على مدينة الموصل – التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليون و(300) ألف نسمة – في شهر يونيو عام 2014 ، وهي أكبر مدينة خاضعة لسيطرة التنظيم الذي تمتد مناطق وجوده عبر الحدود من شمال العراق إلى شرق سوريا .
ويمكن الإطلاع علي أهمية مدينة الموصل وتفاصيل بدء عملية تحريرها وجهود القوات العراقية لطرد تنظيم داعش الإرهابي منها من خلال
أهمية مدينة الموصل
تعتبر مدينة الموصل أحد مركزي الثقل بالنسبة لتنظيم داعش في العراق ، حيث أعلن منها زعيم التنظيم ” أبو بكر البغدادي ” نشأة التنظيم .
- تختلف معركة الموصل عما سبقها من معارك في ( تكريت / الرمادي / الفلوجة ) ، بسبب أهميتها وكبرها وأعداد المدنيين المتواجدين بها، ولذلك ستكون أكثر عنفاً وتحتاج إلى أضعاف الوقت الذي احتاجته المعارك السابقة .
- تحتل المدينة موقعاً استراتيجياً ، فهي حلقة الوصل بين ( تركيا / سوريا / العراق ) بما فيه إقليم كردستان ، كما أنها تقع على ( طريق الحرير الجديد ) الذي تنظر إيران له كأهمية استراتيجية ، حيث ينقسم إلى فرعين ( الفرع الشمالي : يمر عبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم حتى البحر الأسود وصولاً إلى البندقية / الفرع الجنوبي : يمر عبر العراق وتركيا إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر سوريا إلى مصر وشمال إفريقيا ) .. لذلك تسعى جميع الأطراف المتأثرة بنتائج معركة الموصل للاشتراك بها لتأمين مصالحها .
بدء عملية التحرير
أعلن رئيس الوزراء العراقي ” حيدر العبادي ” في كلمة متلفزة يوم (16) سبتمبر 2016 عن بدء العملية العسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة ” الموصل ” من قبضة مسلحي تنظيم داعش ، داعياً أهل الموصل للتعاون مع القوات المسلحة .. مؤكداً أن دخول الموصل سيقتصر على الجيش العراقي والشرطة .
التشكيلات العسكرية المشاركة في عملية تحرير « الموصل «
تشارك في العملية العسكرية قوات عراقية تقدر بنحو (65) ألف مقاتل تشمل ( جهاز مكافحة الإرهاب / الجيش العراقي / قوات الشرطة الاتحادية / قوات البيشمرجة الكردية / إسناد جوي من قوات التحالف الدولي ) بالإضافة إلى مشاركة متطوعين من ( الحشد العشائري / الحشد الشعبي / الحشد السني) ، كما يوجد دور للقوات التركية والإيرانية . ، وفيما يلي عرض للقوات العراقية المشاركة في العملية العسكرية :
الجيش العراقي:
استعاد الجيش العراقي قدراته من خلال التدريب المكثف والعمل مع مستشاري دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة ، مما مكنه من لعب دور أكبر وتحقيق انتصارات ضد عناصر تنظيم داعش .
الشرطة العراقية:
تشمل وحدات خاصة من الشرطة الاتحادية والمحلية ، ولعبت جميعها دوراً مسانداً لقوات الجيش خلال المعارك ضد عناصر تنظيم داعش .
قوات مكافحة الارهاب:
تمثل قوات النخبة الأكثر قدرة في العراق حالياً ، ولعبت دوراً رئيسياً في حسم أغلب المعارك ضد العناصر الإرهابية ، والاعتماد المتواصل على هذه القوات خلال العامين الماضيين ألقى عليها مسئولية تطلبت جهداً كبيراً من عناصرها .
قوات الحشد الشعبي:
- قد شكلت قوات الحشد الشعبي عام 2014 وأصبحت حالياً قوة كبيرة تعمل وفق نظام مماثل للسياق العسكري بإشراف حكومي ، ويتمتع أفرادها بعدة مهارات ، وتتألف غالبيتها العظمى من فصائل شيعية يتلقى البعض منها دعم من إيران .. وقد لعبت قوات الحشد الشعبي دوراً كبيراً في وقف تقدم العناصر الإرهابية واستعادة السيطرة على مناطق واسعة من قبضتهم .. ويُقدر عدد قوات الحشد الشعبي بحوالي (100) ألف مقاتل ، بينما تشير الوقائع على الأرض أن العدد الفعلي يقدر ما بين ( 30 : 40 ) ألف مقاتل .
- تعتبر مشاركة قوات الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل مثيرة للجدل وترفضها القوى السنية ، بسبب ما ارتكبته هذه الميليشيات من انتهاكات في معارك سابقة في ( تكريت / الرمادي الفلوجة ) .
تتولى قوات الحشد الشعبي مهمتين أساسيتين :
المهمة الأولى : لوجستية لتأمين طرق الإمدادات من شمال محافظة صلاح الدين وصولاً إلى قاعدة ” القيارة ” .
المهمة الثانية : تتعلق بالمشاركة مع الشرطة الاتحادية في تطويق وعزل مناطق ( الشورى / حمام العليل ) بالإضافة إلى تأمين طريق (القيارة-حمام العليل ).
قوات البيشمرجة الكردية:
قوات مسلحة تابعة لإقليم كردستان الذي يتمتع باستقلال ذاتي ، وتمثل هذه القوات جزءاً من القوات التابعة للحكومة المركزية ، لكنها تنفذ عملياتها بشكل مستقل ، وتخوض معارك ضد عناصر تنظيم داعش على امتداد خط مواجهات يمتد لمسافات طويلة شمال العراق ، ويتوقع أن يشارك منها (3) ألوية بالإضافة إلى وحدة مدفعية وفرق هندسة .
قوات التحالف الدولي:
تشرف قوات التحالف على عمليات الإعداد والتدريب وتسليح وتأمين معدات للقوات ، وتقديم الاستشارات العسكرية ، كما تقدم الإسناد الجوي والمدفعي للقوات المشاركة ، ويتواجد آلاف العسكريين في العراق ، أكثر من نصفهم من الأمريكيين ، ويقدم أغلب هؤلاء التدريب والمشورة بشكل رئيسي ، كما شاركت قوات خاصة في القتال على الأرض ضد عناصر داعش ، وتنفذ قوات متواجدة قرب مدينة الموصل ضربات مدفعية ضد مواقع تنظيم داعش .
القوات التركية:
تنتشر قوات تركية في معسكر ” الزلكان ” في مدينة ” بعشيقة ” قرب الموصل ، حيث يرفض العراق مشاركة هذه القوات في استعادة المدينة ، مما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين ، كما تتمركز قوات برية تركية في إقليم كردستان على الرغم من رفض الحكومة العراقية ذلك ومطالبتها بمغادرتها من دون اتخاذ موقف حازم من هذا الأمر .
القوات الإيرانية:
تقدم القوات الإيرانية المشورة والمساعدة والتمويل لبعض الفصائل الشيعية التي تندرج تحت قوات الحشد الشعبي التي تقاتل ضد الإرهابيين في العراق .
قوات الحشد السني:
تقدر الأعداد الأولية بـ (4) آلاف مقاتل ، يُضاف لها الحشد العشائري ، ويسعى كلاهما لتأدية دور بارز في معركة تحرير الموصل .
…..في المقابل نجد القوات التابعة لتنظيم داعش داخل مدينة الموصل والتي تقدر بنحو ( 3 ) آلاف مقاتل أجنبي و( 7 ) آلاف مقاتل محلي داخل المدينة ، ينتشرون في الأقضية والنواحي حول المدينة ، كما بدأ التنظيم بحفر الخنادق وإنشاء الأسوار الترابية وإعداد المواقع القتالية وحرق بعض آبار النفط استعداداً للمواجهة مع القوات العراقية .
محـــاور العمليـــات العسكريـــة
تسمح طبيعة أرض المعركة بتوفير عدة محاور عسكرية رئيسية تتمثل في الآتي :-
المحور الجنوبي:
يبدأ من مدينة ” القيارة ” في الجنوب ، ويمتد بمحاذاة النهر إلى مدينة ” الموصل ” ، وستعمل علية قوات الجيش والأمن العراقية .
المحور الشمالي الغربي:
يبدأ من المناطق المحيطة بسد الموصل ، وتعتبر مناطق حشد مناسبة ، وستعمل عليه قوات الحشد الشعبي .
المحور الشرقي:
يبدأ من عمق أراضي إقليم كردستان وستعمل عليه قوات البيشمرجة ، وستعمل عليه جزء من قوات الحشد السني .
المحور الغربي :
يبدأ من مدينة ” تل أعفر ” ، وستعمل عليه قوات الحشد الشعبي في حال استخدامه ، وربما يفضل المخطط العسكري الإبقاء على بعض مناطقه غير مشغولة بالقوات لإغراء قوات تنظيم داعش على الانسحاب باتجاه الحدود السورية .
مراحــل العمليـــات العسكريـــة
نظراً لطبيعة المدينة الجغرافية وامتدادها الواسع وتنوع القوات المحتمل مشاركتها في القتال ، سيتم تنفيذ العمليات العسكرية على عدّة مراحل هي كالآتي :
-
المرحلة التحضيرية : بدأت منذ عدة أشهر ولا تزال مستمرة ، واشتملت على السيطرة على عدة بلدات وقاعدة ” القيارة ” التي يتم تحسينها لتكون قادرة على استقبال طائرات الشحن ، وتعتبر قاعدة ” القيارة ” منطقة الحشد للجهد القتالي الرئيسي ، فيما ستكون مناطق حشد قوات البيشمرجة في مواقعها الحالية .
-
مرحلة تقرب القوات من المدينة : ستقوم خلال هذه المرحلة بتأمين الأراضي وتطهير الطرق ، ولا يتوقع أن تواجه معارك حاسمة ولكنها ستواجه الكثير من حقول الألغام والعبوات الناسفة والهجمات السريعة المفاجئة لإعاقة تقدم القوات المهاجمة .
-
مرحلة التطويق : سيتم خلالها تطويق مدينة الموصل كلياً ب، ما يحمل ذلك من مخاطر تتمثل بإجبار عناصر تنظيم داعش على خوض معركة بقاء ، مما يعني سقوط عدد كبير من الإرهابيين ، أو تطويق جزئي لإغراء عناصر التنظيم على الانسحاب باتجاه الحدود السورية .
-
مرحلة الاقتحام : سيتم تجزئة هذه المرحلة على العديد من المراحل الفرعية ، ويعتمد عددها على طبيعة الخطة الدفاعية المعتمدة وعلى تصميم الخطة الهجومية ، وهل سيتم عمل القوات على محاور متلاقية أم محاور متوازية .
خرائط توضيحية لمناطق السيطرة ومحاور تقدم القوات لتحرير مدينة الموصل
الوضع الميداني على أرض المعركة
تقدم القوات العراقية المشتركة:
- حققت القوات العراقية بدعم ( جوي / بري ) من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ، تقدماً ميدانياً بعد انطلاق عملية استعادة مدينة الموصل ، حيث وصلت ( الفرقة 9 ) المدرعة إلى مشارف قضاء ” الحمدانية ” جنوب شرق الموصل ، بينما انسحب عناصر داعش من قرى في الجنوب .
- تمكنت القوات العراقية من صد هجوم لمسلحي تنظيم ” داعش ” جنوب الموصل ، وقتلت (6) من عناصر التنظيم .. من ناحية أخرى أسقط الجيش عشرات الآلاف من المنشورات فوق الموصل لتنبيه السكان بأن الاستعدادات لعملية انتزاع السيطرة على المدينة من تنظيم ” داعش ” دخلت مراحلها الأخيرة ، وحملت المنشورات عدة رسائل من بينها طمأنة السكان على أن وحدات الجيش والضربات الجوية لن تستهدف المدنيين ، فيما نصحهم منشور آخر بتجنب مواقع متشددي التنظيم .
- سيطرت قوات البيشمرجة الكردية على (7) قرى شرق مدينة الموصل بعد بدء العملية العسكرية لاستعادة مدينة الموصل وضواحيها ، وتشمل هذه القرى ( باصخرة / شيخ / بدنة الكبرى / بدنة الصغرى / شاقولي / خرابة سلطان / أسقف ) .. كما وصلت قوات البيشمرجة إلى ( مفرق الحمدانية ) الذي يبعد عن مدينة الموصل (7) كيلومترات .. كما تمكنت من قطع الطريق الرئيس الرابط بين ( الموصل – أربيل ) .
- وتحقق المرحلة الأولى من استعادة الموصل نتائج إيجابية ضمن الأهداف المرسومة لها والتي من المفترض أن تصل خلالها قوات البيشمرجة عند محور ” الخازر ” شرق الموصل إلى قضاء ” الحمدانية ” .
- وتشير التقديرات الأولية إلى انهيار خط الدفاع الأول لعناصر داعش في محور بعشيقة شمالي شرق المدينة قد انهار مع تقدم للقوات العراقية المشتركة.
تقدم القوات التركية:
دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية إلى الحدود مع العراق ، بالتزامن مع العملية العسكرية لتحرير الموصل ، حيث أرسل الجيش التركي تعزيزات إلى أطراف بلدتي ( شرناك / سلوبي ) التركيتين على الحدود العراقية ، كما أوضحت مصادر في الجيش التركي أن نحو نصف المقاتلين العراقيين الذين دربتهم تركيا في معسكر ” بعشيقة ” شمال العراق وعددهم (3) آلاف مقاتل يشاركون في عملية طرد داعش من الموصل .