في الثالث من أكتوبر الحالي، عقد مركز ابن رشد لمكافحة التطرف محاضرة داخل مجلس الشيوخ الإيطالي، حيث عرض سلسلة من الانتهاكات الممنهجة والخطيرة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط والتي تستمر الأمم المتحدة والحكومات الغربية بتجاهلها.
وفي هذا السياق، أوضحت الصحافية الإيطالية سعاد سباعي أنّ مجلس الأمن ومن خلال القرار 2216 اتهم الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً بعدم احترامها للقانون الإنساني واستخدام الألغام المضادة للأفراد والاستيلاء على المساعدات الإنسانية.
ويعاني اليمنيون من أزمة مطولة سببها الحوثيون أنفسهم الذين احتلوا جزءاً من البلاد وخصوصاً العاصمة صنعاء. لكن بالرغم من ذلك، تبنى التقرير الأخير لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لغة غامضة ومحايدة وفشل في الاعتراف بأنّ من أطلق النزاع المسلح بين الحوثيين والحكومة الشرعية في اليمن هو السلوك العدواني للحوثيين ورعاتهم الإيرانيين.
العبودية داخل قطر
في قطر، هنالك عشرات الآلاف من المهاجرين الآسيويين والأفارقة والشرق أوسطيين الذين يواصلون العمل في بناء ملاعب كرة القدم لبطولة كأس العالم 2022 وسط أجواء عبودية مطلقة تعبّر عنها حوادث ووفيات متكررة في منشآت البناء، ظروف صحية ومعيشية غير محتملة، جوازات سفر محتجزة ورواتب غير مدفوعة. تم توثيق جميع هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان من قبل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ووكالات أممية مختلفة. لكنّ الصرّاف الآلي الذي حرّكه الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يضم دولاً أعضاء أكثر من الأمم المتحدة نفسها، لا يتوقف حتى في مواجهة العبودية متناسياً أنّ حقوق الإنسان ليست رياضة.
اعتقالات وتعذيب ونفي
هنالك أخبار أخرى صادرة من قطر. تعرض معارضو نظام حمد وتميم آل ثاني لتمييز قاس، أعمال تعذيب، اعتقالات غير قانونية، مصادرة ممتلكات ونفي لأكثر من 20 سنة. كانت قبيلة الغفران واحدة من الذين تعرضوا لقمع الدولة فيما يحاول أعضاؤها المنفيون بشكل يائس إقناع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة باتخاذ إجراءات حازمة بحق النظام، لكن من دون جدوى حتى الآن. وفي الواقع، ستحصل قبيلة آل غفران من الدول الأوروبية على دعم أقل، إذ تتابع هذه الدول الاستثمار في “علاقات سياسية واقتصادية ممتازة” مع نظام آل ثاني، وفقاً للتعبير الصادر عن وزير الخارجية الإيطالي.
ماذا عن العراق وإيران؟
يجب أن تكون التطورات الأخيرة في العراق على رأس اهتمامات المجتمع الدولي. تستخدم الميليشيات الشيعية الجهادية المدعومة من إيران الإرهاب لبسط سيطرتها السياسية على الدولة، كما فعل داعش في وقت سابق. تداعيات ذلك على حقوق الإنسان ثقيلة بالحد الأدنى: يتم اعتقال المعارضين وتعذيبهم وإسكاتهم أو إزالتهم من الساحة خصوصاً النساء من بينهم كما حصل مع الناشطتين تاره فارس وسعاد العلي. والجهاد ضد النساء الذي تطلقه الميليشيات الشيعية ينبثق من مقاربة كارهة للنساء متماثلة مع تلك التي يكنها النظام الخميني الإيراني. منسقة الشؤون السياسية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ورئيسة المفوّضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشال باشليه وهما يساريتان ومؤيدتان للحركات النسوية، تغضان الطرف عن السجينات في سجن إفين البارز بالقرب من طهران.
أوروبا تدعم أردوغان
في السجون التركية أيضاً، تعلو صرخات الناشطين والصحافيين والمعارضين الذين تجرأوا على القول لا لنظام أردوغان الإسلامي. إنّ البديل عن السجن يبقى الحفاظ على الصمت أو الاستقالة من الصحف المهمة. وكان مراد يتكين الصحافي الأخير في هذا المجال بعدما غادر “طوعاً” صحيفة حرييت المستقلة التي اشترتها مجموعة مقربة من نظام السلطان. وبالرغم من أنّ أوروبا يقظة تجاه ما يجري في البوسفور ومحيطها، فهي لا تعمد إلى ترجمة مطالباتها بحرية الرأي والصحافة إلى إجراءات ملموسة لمواجهة الديكتاتورية الخطيرة التي أسسها أردوغان بطريقة تسلطية. على العكس من ذلك، يستمر السلطان بتعزيز قوته المطلقة بفضل أوروبا نفسها المستعدة لتأمين المساعدة المالية والاقتصادية كي يتمكن من مواجهة الأزمة الاقتصادية التركية التي تسببت بها سياساته الخاصة.
العقيدة الإخوانية الجامعة
إنّ أيديولوجيا الإخوان المسلمين توحد إيران وقطر وتركيا التي تشكل القوى الثلاثية للتطرف المعاصر. النساء هنّ أسوأ أعدائها في إيطاليا أيضاً، ولهذا السبب فإنّ المحاضرة حول حقوق الإنسان التي نظمها مركز ابن رشد شهدت إطلاق رقم طوارئ جديد تحت شعار “لن تكوني أبداً وحدك مجدداً” والهادف إلى مساعدة النساء اللواتي يقعن ضحية للعنف. لا تزال أعداد ضحايا النساء مرتفعة خصوصاً أولئك اللواتي يعشن في بيئة يؤثر عليها التطرف الإخواني. لقد سمع مجلس الشيوخ الإيطالي رسالة مركز ابن رشد وحان الوقت لتحويلها إلى إجراءات ملموسة كمنع التمويل المتأتي من دول مارقة مثل قطر وإيران. تواصل هذه الدول إرسال الأموال إلى مساجد غير شرعية ومراكز ثقافية مزيفة وأئمة مضللين، وهؤلاء عناصر أساسية في زرع التطرف في إيطاليا وسائر الدول الأوروبية. إيقافهم هو واجب باسم حقوق الإنسان.