كيف تؤمن نفسك من الوقوع في فخ شراء تليفون «مبلول»؟
في القاهرة الكبرى أسواق عديدة لبيع الأدوات والأجهزة المستعملة، ومن أشهرها وتحديدًا فى مجال بيع تليفونات المحمول، شارع عبد العزيز بالقاهرة، وسوق منطقة المؤسسة بشبرا الخيمة، وكذلك يوجد نطاق بسوق الجمعة لبيع مثل تلك الأجهزة، إذ يمكن أن تجد الهواتف المحمولة تباع فى تلك الأسواق بمبالغ زهيدة، تبدأ من 100 جنيه، وحتى الأجهزة الأحديثة منها تباع بأثمان بخسة مقارنة بقيمتها الفعلية.
ويوجد علم عام دون الحاجة إلى دليل مادى، أن تلك التليفونات تباع بأسعار زهيدة ليس فقط لأنها مستعملة، أو ربما بها عيوب فنية، بل أيضًا لأنها مجهولة المصدر، ويحتمل أن يكون أي منها مسروقا، ومن المتعارف عليه بين المترددين على تلك الأسواق وأصحاب فتارين البيع بها، أنهم يطلقون على التليفونات المسروقة لفظ "مبلولة"، كناية عن عدم نظافة مصدرها، وبخس ثمنها، كأنها معيبة أو سقطت فى المياه وتضررت بأن أصبحت مبللة.
وفى أغلب الأحوال فإن تجار التليفونات المسروقة لا يخسرون كثيرًا، إذ لديهم من الخبرة فى التعامل ما يفرقون به بين بائع تليفون مستعمل وآخر يبيع تليفونا مسروقا، وعلى كل حال يقدرون كل موبايل بما يناسبه ويبيعونه بأعلى مما اشتروه، ليقع الضرر الأكبر على المشترى، الذى قد يتعرض للمساءلة القانونية بمجرد تشغيل تليفون مسروق، إذ يتم تتبع تلك الهواتف من خلال أرقام التسلسل الخاصة بها، وتظهر لدى شركات الاتصالات بمجرد وضع شريحة محمول وإعادة تشغيل الموبايل، وهو ما يعرض المشترى لأضرار عدة.. نرصدها فى السطور التالية.
مشتري التليفون «المبلول» كسارقه
يوضح وليد الشواربى، المحامي بالنقض، أن من تم ضبطه بحوزته تليفون مسروق، يعامل قانونًا معاملة السارق، حتى وإن كان اشتراه بحسن نية، ولا يشفع له إلا أن يرشد عن الشخص الذى باع له الهاتف، وإلا فلا مفر من عار الاتهام بالسرقة، قائلًا: إذا اشترى الفرد شيئا مسروقا من شخص مجهول أو متشرد لا يعرفه، فإن حلقة الاتهام تقف عنده، ويصبح هو اللى بيشيل الليلة".
وأكد المحامى أن مشترى شيء مسروق هو الخاسر الوحيد قانونًا، فاللص عادة ما يختفى ولا يفلح أحد فى تقفى أثره، أما مالك الشيء فيسترده حال ضبطه بقوة القانون، بينما حائز المسروق يعاقب على أنه سارق، ولا يعفيه من العقاب إلا لو كان المجنى عليه أدلى تفصيليا بأوصاف السارق، وأنها لا تنطبق مع المقبوض عليه وبحوزته التليفون المسروق، وفى أخف ضرر إذا أثبت شراءه "المنقول" من شخص معين، فتتم مصادرته منه ويصبح خسر ماله بخلاف الشبهة الجنائية.
وتعد جريمة السرقة جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس من أشهر إلى 3 سنوات، وفى المعتاد تكون العقوبة 6 أشهر لو لم تكن الجريمة مقرونة بجرائم أخرى، كما أن حيازة شيء مسروق أو محاولة إخفائه، تعد جريمة منفصلة فى حد ذاتها يعاقب عليها قانونا أيضًا لكن بعقوبة أخف من جريمة السرقة، ويكون من الصعب إثبات حسن النية فيها، سواء لعدم التحقق من هوية البائع، أو بسبب الشراء بثمن بخس يثير الشبهة فى مصدر "المنقول".
ويوضح المحامى أنه إذا ثبت أن المشترى أحد ضحايا اللص ووقع ضحية نصب بأن اشترى منه شيئا مسروقا دون علمه، فإنه يمكن أن يحضر أمام المحكمة التى تحاكم اللص، ويدعى مدنيا فى القضية، مطالبًا بالتعويض عن الضرر الذى لحق به، وفى هذه الحالة يمكن أن تشمل المحكمة حكمها بشق تعويضي للمتضرر، أو تحيل دعواه إلى المحكمة المدنية، ولكن كثيرا من الأشخاص لا يفعل ذلك، لأن السعى فى المحاكم وتوكيل محام لتمثيله قانونًا يعد أكثر تكلفة بكثير من قيمة التليفون المحمول حتى لو كانت ألفين أو ثلاثة آلاف جنيه، ومن ثم يستعوض الله فى خسارته وانتهى الأمر.
كيف تنجو من فخ شراء تليفون مسروق؟
نصح المحامى أى مواطن بسيط يريد الشراء من أسواق الأدوات المستعملة لرخص ثمنها، أن يأخذ إقرارا من البائع، باسمه ورقم بطاقته القومية، بأنه باعه التليفون أو الجهاز، موضحًا ماركته والرقم المسلسل عليه، فتلك مجرد ورقة لن تستغرق كتابتها ثواني، لكن لها حجية قانونية فى تبرئة ذمة المشترى، وإثبات حقه لدى البائع حال التورط فى اتهام بجريمة كالسرقة، كما أشار المحامى كذلك على المشترين بطلب فاتورة الجهاز الذى يشتريه، أو العبوة الخاصة به "كرتونته"، فمن الصعب أو المستحيل أن يسرق لص تليفونا بمشتملاته وعبوته، وهنا يصبح المشترى فى مأمن، إن كانت إمكانياته تجبره على اللجوء لأسواق الشارع للشراء منها.