يحاول تنظيم داعش الإرهابي، إعادة ترتيب أوراقه عبر عديد من الخطط آخرها كان اتباع أسلوب حرب العصابات، وسبق ذلك استحداث تنظيمات جديدة مثل الرايات البيضاء وأنصار البخاري وأنصار الفرقان، بالإضافة إلى إعدام أكثر من 300 مقاتل من أتباعه، وذلك من أجل العودة إلى الصورة مرة أخرى، خاصة بعد فقدانه السيطرة على حوالي 98% من الأراضي التي استولى عليها في سوريا والعراق، الأمر الذي قضى على مشروع الدولة الإسلامية الذي كان يسعى إليه التنظيم، ويُظهر حالة من التخبط الشديد.
حادث ملبورن
في الساعة الرابعة و20 دقيقة عصرا بالتوقيت المحلي لمدينة ملبورن الأسترالية، يوم 9 نوفمبر الماضي، سمع شهود عيان سمعوا دوي انفجار وشاهدوا سيارة وهي تحترق، في شارع بورك، وسط المدينة، وتفاجئوا بشخص يحمل سكينا واعتدى على 3 أشخاص، أصيب اثنان ولقى الأخير مصرعه، وأعلنت شرطة ولاية فيكتوريا الأسترالية، مصرع المشتبه به في الحادث، مضيفة أنها تتعامل مع الحادث بوصفه «إرهابيا».
وفي اليوم التالي، أعلنت الشرطة الأسترالية، أن عملية الطعن مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي، وردا على سؤال لأحد الصحفيين بشأن صلة الهجوم بالتنظيم الإرهابي، قال إيان مكارتني نائب رئيس الشرطة الاتحادية الأسترالية، إن «هناك صلات بـداعش، لكن الصلة متعلقة بالإلهام وليس عبر الاتصال المباشر»، ورغم ذلك، ذكرت وكالة «أعماق» المرتبطة بالتنظيم الإرهابي، أن منفذ عملية الطعن بمدينة ملبورن هو من مقاتلي داعش، ونفذ العملية استجابة لاستهداف رعايا دول التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد التنظيم.
حادث ستراسبورج
في يوم 11 ديسمبر الجاري، وقع حادث إرهابي في مدينة ستراسبورج عاصمة احتفالات الكريسماس في أوروبا، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، وفي اليوم التالي، قال وزير الدولة الفرنسي للشئون الداخلية لوران نونيز، إن المشتبه في تنفيذه الهجوم معروف لدى الشرطة، إلا أنه لا يمكن تأكيد وجود دوافع إرهابية وراء هذا الشخص، وفي يوم 14 ديسمبر، وصف تنظيم داعش، المُنفذ بأنه “الجندي”، متحملا مسؤولية الهجوم.
وفي يوم 16 ديسمبر، أعلن والد المشتبه به، أن ابنه كان يدعم تنظيم داعش الإرهابي ويؤيد أفكاره ومعتقداته، مضيفا أن ابنه كان يقول على سبيل المثال إن داعش يحارب من أجل قضية عادلة، معترفا بدعم ابنه للتنظيم الإرهابي، لكن دون تأكيد من انضمام ابنه لداعش، وأمس السبت، قال مصدر قضائي فرنسي، إن منفذ الهجوم بايع تنظيم داعش قبل تنفيذه للاعتداء، ما يعني أن التنظيم لم يكن لديه وقتا كافيا لتدريب المنفذ، وقد يعني هذا أنه كان ينتمي لجماعة إرهابية أخرى أو درّب نفسه.
في حادثتي ملبورن وستراسبورج، تبنى داعش الهجوم دون أن يقدم دليلا على التنفيذ، فلماذا تتبنى داعش هجمات لم ترتكبها؟
خلية البيتلز
كانت خلية البيتلز تشكل القوام الأهم في تنظيم داعش الإرهابي، إذ كانت المسؤولة عن الهجمات الإرهابية في أوروبا، وكانت تضم الخلية حوالي 800 بريطاني، قُتل منهم حوالي 130، ساروا جميعهم في الطريق إلى التطرف منذ أن كانوا في بريطانيا، حيث اشتهروا بسبب عمليات الإعدام التي نفذوها ضد رهائن غربيين، حتى انضموا إلى صفوف الأعمال القتالية في دولتي سوريا والعراق، حيث عذبوا وقتلوا عددا كبيرا من الرهائن.وبحسب رهائن سابقون لدى «داعش»، فإن أعضاء مجموعة «البيتلز» مكلفون بالدرجة الأولى بحراسة السجناء الأجانب، فيما أوضح مسؤول في الاستخبارات الأمريكية أن أعضاء المجموعة من بين أكثر الإرهابيين شراسة، ومطلوبون من عدة أجهزة استخبارات غربية، فمن المعروف عن أعضاء «البيتلز» لدى المجتمعات الغربية وحشيتهم الفائقة، إذ إنهم مسؤولين عن إعدام 27 رهينة على الأقل، كما روج أعضاء «داعش» للجماعة من خلال شرائط دعائية مسجلة ظهروا فيها وهم يرهبون ويقتلون رهائن غربيين.
في فبراير 2018، أعلن مسؤولون أمريكيون أن مسلحين أكراد في سوريا اعتقلوا أخر عضوين في خلية «البيتلز»، وقال مسؤول أمريكي إن قوات سوريا الديمقراطية أسرتهما مطلع يناير الماضي في شرقي سوريا، وأكدت الولايات المتحدة هويتهما من خلال اختبارات بيومترية، ومن بينها بصمات الأصابع، لتفقد بذلك داعش أهم خلية لها والتي بثت الرعب في نفوس الأوروبيين، وتزامن هذا مع خسارة التنظيم لعدد كبير من أراضي في سوريا والعراق وصلت حتى الآن إلى 98% من الأراضي التي استولى عليها داعش.
تخبط داعش
فقدان التنظيم لأراضيه، جعله يعيش حالة من التخبط، ودفعته بجانب تبني هجمات إرهابية لم يكن يد لها فيها إلى إتباع أساليب أخرى، منها إعدام أتباعه، حرب العصابات، البحث عن مصادر أخرى للتمويل مثل الابتزاز والاختطاف طلبا للفدية وعمليات السطو والسرقة وتهريب المخدرات والإتجار في التحف الفنية، بجانب استحداث تنظيمات جديدة .