تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
التسبيح سنة من سنن الصلاة، ولا يجب التسبيح لا في الركوع ولا في السجود، وإنما الواجب هو الركوع والسجود حتى يطمئن الراكع والساجد فيهما، وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث المسيء صلاته الذي رواه رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، وَكَانَ بَدْرِيًّا، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ فَصَلَّى وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمُقُهُ وَلَا يَشْعُرُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: ((ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ))، قَالَ: لَا أَدْرِي فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ: وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَقَدْ جَهِدْتُ فَعَلِّمْنِي وَأَرِنِي، قَالَ: ((إِذَا أَرَدْتَ الصَّلَاةَ فَتَوَضَّأْ فَأَحْسِنِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قُمْ فَاسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ كَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِدًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، فَإِذَا صَنَعْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، وَمَا انْتَقَصْتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا تَنْقُصُهُ مِنْ صَلَاتِكَ)) أخرجه أبو داود والترمذي، والنسائي واللفظ له.
ويسن التثليث في تسبيح الركوع، وهو “سبحان ربي العظيم”، وفي تسبيح السجود، وهو “سبحان ربي الأعلى”، وذلك لما ورد من أحاديث في الباب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- منها:
1- حديث سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنِ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: ((رَمَقْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلَاتِهِ، فَكَانَ يَتَمَكَّنُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ قَدْرَ مَا يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا)) أخرجه الإمام أبو داود في “باب مقدار الركوع والسجود”.
2- حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ، وَإِذَا سَجَدَ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى ثَلَاثًا، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ))، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا مُرْسَلٌ، عَوْنٌ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ اللَّهِ، أخرجه الإمام أبو داود في “باب مقدار الركوع والسجود”.
3- حديث ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((إِذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ ……..)) الحديث.
أخرجه الترمذي في سننه “بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ”، قال الإمام الترمذي: وفي الباب عن حذيفة، وعقبة بن عامر، حديث ابن مسعود ليس إسناده بمتصل، عون بن عبد الله بن عتبة لم يلق ابن مسعود، والعمل على هذا عند أهل العلم: يستحبون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود من ثلاث
تسبيحات، وروي عن ابن المبارك أنه قال: [أستحب للإمام أن يسبح خمس تسبيحات؛ لكي يدرك مَن خلفَه ثلاث تسبيحات] وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم.
وتستحب الزيادة على الثلاث بعد أن يختم على وتر خمس أو سبع أو تسع عند الحنفية والحنابلة، أو إحدى عشرة عند الشافعية. هذا إذا كان منفردا، وأما الإمام فلا ينبغي له أن يطول على وجه يمل القوم، وعند الشافعية تكره للإمام الزيادة على الثلاث.
ثم بعد التسبيح يعظم الله تعالى بما شاء في الركوع ويدعو في السجود، وخاصة بما ورد من أدعية، ولا يطيل على قدر عشر تسبيحات، لما ورد عن أنس بن مالك، يقول: ما صليت وراء أحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى – يعني عمر بن عبد العزيز – قال: “فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده” أخرجه أبو داود والنسائي في سننيهما، وأحمد في مسنده.
والله تعالى أعلى وأعلم.