كم تُنفق من الوقت يوميًا على تصفح الإنترنت؟ ساعتين .. أم ثلاثة .. أم ستة .. أم أنّك من المُدمنين على استخدام الإنترنت لدرجة استخدامه أكثر من 12 ساعة يوميًا؟
قبل أن تُفكّر في استخدامك للإنترنت يجب أن تأخذ في الاعتبار أنّ استخدام الفيسبوك وتويتر وسناب شات وغيرها من التطبيقات والمنصات الاجتماعية يُحتسب ضمن وقت استهلاك الإنترنت.
الآن أستطيع أن أجزم بتكوينك فكرة عامة عن أهمية الإنترنت في حياتنا اليومية، فمنّا من يستخدمه في تصفح الشبكات الاجتماعية والترفيه وربما مشاهدة بعض الأفلام التي تُبث مباشرة عبر الإنترنت، ومنّا من يستخدمه في العمل والتواصل مع موظفي الشركة الموجودين في أكثر من مكان حول العالم، ومنّا أيضًا من يستخدمه في نشر أعماله المختلفة في التصميم أو البرمجة أو حتى كتابة المقالات.
بالتأكيد سمعت عن الاستحواذات التي تتم على خدمات وتطبيقات تعتمد بشكل كامل على التواجد الافتراضي وليس لها أي وجود واقعي، خدمات مثل أوبر وعلي بابا وغيرها.
ماذا لو اختفى الإنترنت فجأة من الحياة؟
الإجابة على هذا السؤال تشمل العديد من الجوانب التي يدخل الإنترنت في نطاقها اليوم، فعلى الجانب الاقتصادي -وهو الأهم- ستتأثر الكثير من الاقتصادات سلبيًا حول العالم إلى الحد الذي يصل للانهيار التام، والأمر نفسه سيتكرر اجتماعيًا وسياسيًا وعسكريًا.
شخصيًا، اهتمامي الأكبر سينصب على المساوئ الاقتصادية التي سينتج عنها سقوط الإنترنت، ربما بسبب دراستي للاقتصاد والإدارة، لذا ستجدني أُخصص لهذا الجانب النسبة الأكبر من هذا المقال.
تخيّل استيقاظك من النوم غدًا، تذهب لدورة المياه وتغتسل ثم تُحضّر الفطور وتُمسك بهاتفك الذكي لتصفح آخر الأخبار أو تستعرض أحدث النشاطات على الشبكات الاجتماعية، لتجد أنّ المتصفح لا يعمل والتطبيقات تُعطيك رسالة «فشل في الاتصال أو connection failed». ربما لن تُعطي الأمر اهتمامًا وتظن أنّ مزود الإنترنت لديه مشكلة وسيحلها في أي وقت قريب.
تخرج من المنزل للتوجه إلى العمل وبينما أنت بالطريق ترى كُشك الجرائد -الذي يندر وجوده الآن- وتُقرر شراء أحد الجرائد العامة ثم تقرأ المانشيت الأكبر في الصفحة الأولى «سقط الإنترنت» وبعد الإصابة بالصدمة الأولى يبدأ هذا الشعور بانهيار حياتك الكاملة في التسلل إليك رويدًا رويدًا.
ماذا؟! سقط الإنترنت! كيف؟ أليست الولايات المتحدة هي المسئولة عن إدارة الشبكة؟ كيف يحدث هذا الأمر من دولة هي الأعظم حول العالم في جميع الجوانب؟!
الأمر ليس بعيدًا، لكن الأهم كيف سيؤثر ذلك على جوانب الحياة. على الصعيد الاقتصادي، لم يعد هناك مجال لإدارة حساباتك في البورصة، والشركات التي تُساوي مليارات الدولارات وتُقدّم خدمات إنترنتية ستُصبح صفرًا وجميع المستثمرين فيها سيخسرون أموالهم، أمّا ملايين الأشخاص من أصحاب العمل الحُر حول العالم فلا عزاء لهم.
اقتصادات الدول الكُبرى ستهتز، ربما الصين ضمن قلائل الدول التي ستصمد أمام سقوط الإنترنت، فهي دولة إنتاجية بالأساس وتُقدّم الملايين من السلع الحقيقية، أمّا دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية فستكون أكثر الدول تأثُّرًا بسقوط الإنترنت ومصطلح وادي السليكون الموجود في كاليفورنيا سيختفي من الوجود.
شخصيًا ماذا أفعل؟ إذا كان هذا السؤال يراودك الآن فأعتقد النصيحة المُثلى في هذه الحالة أن تقوم بتنويع استثماراتك المالية، لا تضع استثماراتك بالكامل في البورصة أو الإنترنت بشكل عام، استثمر في العقار أو حتى في إنشاء مشروع على أرض الواقع.
أمّا على الجانب الاجتماعي فسيكون التأثير جيد -من وجهة نظري- لأنّه سيساعد على التواصل الاجتماعي الحقيقي بشكل أفضل بدلًا من الاعتماد على الشبكات الاجتماعية في التواصل، وستجد نفسك تبدأ بالسؤال عن أقاربك الذين لم تراهم منذ فترة طويلة، أو الأصدقاء الذين لم تعد تخرج معهم، وحتى عند خروجك مع الأصدقاء سيكون الوقت للحديث والاستمتاع بدلًا من الجلوس مع الهاتف الذكي مثلما هو الحال حاليًا.
عسكريًا ستخسر الدول المتطورة كثيرًا، لك أن تتخيل مئات أو آلاف العُملاء من المخابرات والمنتشرون حول العالم ينقطع الاتصال بهم فجأة، سيتسبب هذا بالذعر لهؤلاء العملاء بكل تأكيد، كما ستختلف لعبة المخابرات كثيرًا كونها تعتمد بشكل كامل على المعلومات.
وكالة مثل الاستخبارات المركزية الأمريكية أو الأمن القومي الأمريكية لن تستطيع جمع المعلومات عن الأشخاص بشكل غير قانوني مثلما تفعل حاليًا وتم فضيحتها عبر تسريبات إدوارد سنودن المعروفة باسم «بريزم». كما أنّ عبارة «الحروب الذكية» ستختفي من الوجود مرة أخرى ويُصبح الاعتماد على الكفاءة البشرية هو الفيصل فيها.
هذه نبذة مُختصرة فقط عن ما يُمكن أن يحدث. السؤال هنا: هل أنت مستعد للتخلي عن الإنترنت؟ أم أنّك ستسقط مع سقوطه؟!