تحقيقات و تقاريرعاجل

محكمة الحريري تكشف صورة حزب الله الإجرامية في العالم

لم يكن رد حزب الله عادياً على قرار المحكمة الخاصة بلبنان مع كشفها مسؤولية أحد القياديين الأمنيين في بعملية اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وكذلك لم يكن مفاجئاً أن المحكمة أشارت من خلال التفاصيل إلى دور حزب الله ومسؤوليته المباشرة مع حلفائه عن الاغتيال من دون تسميته.

رد الميليشيات اللبنانية بدأ بإشعال المفرقعات، وزاد إلى رفع صور المجرم سليم عياش في مناطق مختلفة، رغم أن المحكمة أعطت المبررات الكاملة لاتهامها، وبرأت 3 من الميليشيات لعدم اكتمال الأدلة ضدهم.

وقع الحكم لم يكن عادياً أيضاً لمن طالبوا بها، فهم اعتقدوا أنها ستعطيهم الأسماء الكاملة لكافة المشاركين والمسؤولين عنها، ولكن المحكمة أكدت أن ما لديها من معطيات سمحت بالوصول إلى هذه النتائج، وهي كمحكمة لقضاتها تاريخ طويل بالعدالة لن تنجر إلى مواقف سياسية تدمر صورتها.

ولكن لنعد إلى القرار، سليم عياش عمل مع عشرات الأشخاص في ملاحقة الحريري ومراقبته وتركيب العبوة وشراء شاحنة التفجير وإقناع “الانتحاري” وخطف الشاب الفلسطيني أحمد أبو عدس، وتفجير الموكب وقتل الحريري وتدمير عدد من الشوارع بالموجودين فيها. عياش نفسه هو قيادي بالجهاز الأمني السري التابع لحزب الله. أي أنه استعان بعناصر حزبه بأوامر من مسؤوله مصطفى بدر الدين الذي قتل لاحقا في سوريا.

وكما اتضح فإن القرار وضع مسؤولية تسليم عياش على الدولة اللبنانية، ولكن زعيم الميليشيات حسن نصرالله رفض ذلك، ووصف عناصره بالقديسين، أي أنه سيرفض تسليمه، ما يعني أن العقوبات ستزداد وتتحول إلى أممية بدل أن تكون أمريكية.

هدف محكمة اغتيال الحريري الوصول للحقيقة والعدالة، وهي كشفت ما يكفي لتهشيم صورة المجرم ومن خلفه في العالم أي “حزب الله” بعدما أطاحت بصورته مجازره في الحرب السورية.

رواية الجريمة التي سارت بخط أفقي داخل 3000 صفحة، كشفت المجرمين، وتحركاتهم، وكيف اشتروا خطوط الهاتف والشاحنة المتفجّرة، وكيف راقبوا موكب الحريري، لكنّها أبقتهم أرقاماً ملوّنة، لعدم كفاية الأدلة على هوياتهم، لسبب واضح، هو عدم تعاون “حزب الله” مع التحقيق، وتخريب موقع الجريمة ومنع المعلومات ومنها شبكات الاتصال عن لجنة التحقيق الدولية.

صدر الحكم على المجرمين بعد 15 عاماً من اغتيال الحريري ورفاقه. الحكم لا يشكل فقط إعادة اعتبار للعدالة الحقيقية التي قد لا تتكرر بسهولة إطلاقاً في المستقبل القريب أو البعيد، بل شكل الإدانة التاريخية الأقسى للدولة اللبنانية الفاشلة التي لم تتوقف إدانتها أصلاً في الانهيارات التسلسلية التي تعاقبت منذ خريف العام الماضي على نحو مذهل ومتسارع، بل لم تشأ الا تتوج تقدمها الى رأس لائحة الدول الفاشلة في العالم بانفجار المرفأ قبل أسبوعين.

انفجار المرفأ هو أيضاً يحتاج لتحقيق دولي، فالمجرم نفسه، دمر نصف بيروت، كما قتل سابقاً القائم بمشروع إعادة بنائها أي رفيق الحريري.

زر الذهاب إلى الأعلى