آراء أخرىعاجل

محمد نور فرحات .. لا كرامة لدستور في وطنه!

نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب ” محمد نور فرحات ” تحت عنوان لا كرامة لدستور في وطنه! .. وفيما يلي أبرز ما تضمنه :

إعلان حالة الطوارئ لمدة ثالثة غير دستوري ، ولو تم تسمية ذلك إعلاناً جديداً على سبيل التحايل ، ويحاول فقهاء السلطان الذين يتعيشون في كل عصر إطلاق الفتاوى الزائفة رهباً أو رغباً ، يحاولون الإيهام بالتفرقة بين مد حالة الطوارئ والإعلان الجديد لحالة الطوارئ ، ويقولون بهتاناً إن المادة (١٥٤) من دستور ٢٠١٤ حظرت مد حالة الطوارئ القائمة أكثر من مرتين ، ولكنها لم تحظر إعلانها من جديد إذا حدث فاصل زمنى ، ولو ليوم واحد بين المدة الثانية والإعلان الجديد للمرة الثالثة ، إنهم بذلك النوع من الفتاوى الزائفة يذكروننا بما درجت عليه وزارة الداخلية أيام ” مبارك ” ، فعندما كانت تبلغ مدة احتجاز المعتقل حدها الأقصى تفرج عنه على الورق ، ثم تعيد اعتقاله من جديد ، بقرار يؤرخ بعد فاصل زمنى ، هذا عبث بالقانون والدستور في دولة تتذمر أجهزتها من عبء التقيد بالشرعية ، وتراها تكبيلاً لسلطتها التي يجب في نظرها أن تكون متحررة من كل قيد .

إن المادة (١٥٤) من دستور ٢٠١٤ في فقرتها الأخيرة تجيز لرئيس الجمهورية أن يعلن حالة الطوارئ التي لا تمد إلا لمدة واحدة فقط ، بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية خاصة ، معنى ذلك عدم جواز مد حالة الطوارئ مجدداً حتى لو كانت مسببات إعلانها ما زالت قائمة ، وحتى لو وافق الشعب على مدها في استفتاء ، لأنه لا يصح الاستفتاء على مخالفة الدستور .. المادة (١٤٨) من دستور ٢٠١٢ كانت على خلاف ذلك ، تجيز مد حالة الطوارئ بعد انقضاء مدتها باستفتاء شعبي ، وفقهاء الأمن توصلوا لحيلة مكشوفة للتحايل على عدم جواز المد بأن تعلن حالة طوارئ جديدة بعد فاصل (3) أيام عن المدة المنتهية .

إن قانون الطوارئ هو قانون لإضفاء الشرعية على انتهاك الشرعية ، قد يكون هذا أمراً مبرراً لحماية المجتمع من خطر داهم ولمدة مؤقتة ، ولكن لا يمكن أن يتحول إلى حالة دائمة حتى لو استمر الخطر ، فلم ينجح نظام مبارك طوال (30) عاماً أن يقضي على الإرهاب رغم حالة الطوارئ الممتدة طوال حكمه ، ونجحت دول أوروبية عديدة في مواجهة الإرهاب بعد أسابيع من الطوارئ المنضبطة .. قمع الحريات هو التهديد الحقيقي لأمن مصر .

 نأتي إلى تعديلات قانون الجنسية .. الذين صاغوا التعديلات تجاهلوا الفارق بين نصوص دستوري ( ١٩٧١ / ٢٠١٤ ) بشأن الجنسية ، المادة الـ (6) من دستور ٢٠١٤ تنص على أن ( الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية ، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية ، حق يكفله القانون وينظمه ) ، الحقوق لا تقبل تعطيلاً أو انتقاصاً وفقاً للمادة (٩٢) من نفس الدستور .. إن يد المشرّع في تنظيم الجنسية المكتسبة أطلقها الدستور ، ولكن لا يمكن دستورياً للمشرع أن يجيز إسقاط الجنسية المصرية عن مصري ولد بها مهما كان جرمه .. هذا دستورنا الذى وافق عليه الشعب ، وهو مصدر كل شرعية ، فلتطبقوه أو تعدلوه ، ولكن لا تتحايلوا عليه ، فالاستبداد أخطر على الوطن من الإرهاب .

زر الذهاب إلى الأعلى