«مقتل الرئيس اليمني السابق علي صالح» مجرد بداية لفيض من عناوين مقلقة تنتظرها مصر ودول منطقة الشرق الأوسط، خلال الأيام المقبلة ، ونقدم لكم رؤيه تحليليه خلال سطور التحليل التالي من واقع المشهد السياسي الذي تعيشه صنعاء، منذ اندلاع ثورات الربيع العربى وتحريك ملف الأزمة هناك، وصولا إلى الحرب الدائرة التي تقودها السعودية مدعومة بقوات التحالف العربي.
أولا، مقتل علي صالح حادث جلل في الداخل اليمني، يؤشر على دخول البلاد في مرحلة فوضى عارمة، واقتتال طائفي عنوانه “الثأر”، فمن غير المتوقع صمت قبيلة “سنحان” –عائلة على صالح- في مجتمع قبلي، يسيطر عليه النزعة الانتقامية وبيوته مدججة بالسلاح، خصوصا بعدما تسرب عن حصوله على عهد أمان من الحوثي لتأمين خروجه من مقر إقامته، بهدف الانتقال إلى “بيت الأحمر”.
ومعنى ذلك فعليا سقوط الدولة سياسيا وأمنيا في ظل تغليب صوت الرصاص فوق أي اعتبار آخر، وبات من المرجح بقوة عودة اليمن السعيد إلى عهد ما قبل الحداثة؛ لتتحول في نهاية المطاف إلى مجتمع قبلي بامتياز يحتكم إلى قانون العنف بعيدا عن مسميات سياسية أخرى ينطق بها المجتمع الدولي.
ثانيا: حدوث هذه الفوضى الخلاقة بالداخل اليمني بعد موت رمز– صالح- ظل قادرا حتى قبل موته في ساعات إلى حشد الملايين من المريدين في العاصمة “صنعاء” وغيرها من المدن الأخرى، من شأنه أن يمثل تهديدا لمضيق “باب المندب” المدخل الرئيس للبحر الأحمر، والبوابة الأولى للوصول إلى “قناة السويس”، بهدف الولوج إلى البحر المتوسط.
مثل هذه الفوضى قد تعول عليها أمريكا والدول الغربية الأخرى التي تتملكها النزعة الاستعمارية في فرض نفوذها على المضيق الحيوي، بذريعة تأمينه من ميليشيات الحوثي الموالية لإيران، وهو أمر من شأنه إرباك القاهرة اقتصاديا وعسكريا في وقت تعاني داخليا من الإرهاب الذي يتربص بشعبها وأمنها.
ثالثا: علي صالح رغم جميع التحفظات عليه، ظل خلال السنوات الماضية منذ سقوط الدولة في “أتون الفوضى” قناة سياسية لتمرير صفقات التهدئة والتفاهمات بما يملكه من خبرة في الحكم، علاوة على تزعمه لحزب المؤتمر والذي يعد ركيزة غير مؤدلجة يسهل التحاور السياسي معه.
رابعا: قطاع كبير من رجال الجيش اليمنى يدينون بالولاء لصالح ونجليه “أحمد وطارق” ولن تغفر هذه القيادات مشهد اغتيال قائدهم السابق، إضافة إلى ذلك لا يمتلك أحد معلومات موثقة عن حجم ترسانة الأسلحة الواقعة تحت قبضة هؤلاء القادة، أمر كفيل بإثارة قلق دول الجوار من بيعها في السوق السوداء على غرار النموذج الليبي بثمن بخس لميليشيات إرهابية عابرة للحدود.
خامسا: سقوط مفاصل اليمن في يد ميليشيات الحوثى منفردة، يمهد الأرض لتواجد إيراني دون حسيب أو رقيب، الخطوة التي قد تدفع السعودية إلى الدخول في معركة برية مفتوحة كأول اختبار للتحالف العسكري الإسلامي، الذي تم تدشينه مؤخرا، وربما تكون اليمن السعيد أرض انطلاق معركة إقليمية بين العدوين اللدودين طهران والرياض.
سادسا: توطين الإرهاب، وهذه النقطة تعد الأخطر في حال نجح المجتمع الدولي في السيطرة على المخاوف السابقة وعلاجها، فغياب الدولة الرسمية وفقدان الأمل في عملية سياسية يحرث الأرض لزرع عناصر إرهابية، ترتع في الإقليم لنجد بين ليلة وضحاها إعلان ولاية جديدة لـ”داعش” على البحر الأحمر مباشرة بعد سنوات الكر والفر في الصحراء.