أكد فرانز تيمرمانز نائب رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبى التنفيذى المعنى بتغير المناخ أن تواجد كافة قادة العالم فى مصر لحضور الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ بشرم الشيخ فى نوفمبر القادم يعد دون شك لحظة مثالية ونقطة انطلاق بالغة الأهمية لطرح وتنفيذ مبادرات وأفكار جديدة لتعزيز الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة فى العالم.
وأشار المسئول الأوروبى – فى لقاء مع عدد محدود من الصحفيين على هامش زيارته الحالية إلى القاهرة، إلى أهمية الاتصال الهاتفى الذى تلقاه الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس من أورسولا فون ديرلاين رئيسة المفوضية الأوروبية فى إطار التنسيق الوثيق بين مصر والاتحاد الأوروبى .
وشدد تيمرمانز على أن مصر شريك مثالى لتطوير الأفكار الخاصة بالطاقة الجديدة والمتجددة بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجى “قدم فى المتوسط وقدم فى لإفريقيا” ويمكنها قيادة دول المنطقة والمساهمة فى تطوير خطة متوسطية للطاقة المتجددة والهيدروجين.
وحول تقييمه لاستعدادات مصر لمؤتمر شرم الشيخ.. أعرب عن تقديره وارتياحه الشديد لنتائج المباحثات التى أجراها بالقاهرة مع كبار المسئولين والوزراء
بشأن مؤتمر المناخ ومنهم وزراء الخارجية والبترول والبيئة والكهرباء، وقال إن مصر تقوم بجهد كبير للإعداد للمؤتمر..مشيرا إلى التنسيق بين الاتحاد الأوروبى والجانب المصرى فى هذا الصدد .
وأشاد باستعدادات مصر لاستضافة المؤتمر، رغم أن التنظيم يكون صعبا عندما يكون أمام الدولة المضيفة عام واحد وليس عامين للإعداد لمثل هذا المؤتمر الكبير، فبريطانيا كان أمامها عامان للإعداد لمؤتمر جلاسجو، بينما مصر عندما أسندت إليها رئاسة المؤتمر كان أمامها عام واحد فقط وهو أمر ليس بالسهل وسط تحديات كبيرة يشهدها العالم .
وأشار إلى أنه كان واضحا خلال المباحثات مع المسئولين المصريين أنهم جميعا يوجهون طاقتهم للإعداد وإنجاح هذا المؤتمر، وجميعهم يدعمون التحول إلى الطاقة الخضراء ويتطلعون إلى تنفيذ الاتفاقات الدولية ذات الصلة ولإبرام تعاقدات واتفاقيات فى مجال الطاقة.
وشدد على أنه تيقن خلال اللقاءات من حرص مصر الشديد على تطوير اقتصاد الهيدروجين وإنتاج الهيدروجين الأخضر لتوليد الطاقة.
ونوه بشكل خاص بإعجابه الشديد بما لمسه خلال مباحثاته مع وزير الخارجية سامح شكري أمس بمستوى التعمق فى التعاطى مع قضايا المناخ سواء لدى وزير الخارجية الرئيس المُعين للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المُناخ COP27 أو الطاقم المعاون المعنى بقضايا المناخ بالوزارة وهو أمر يمنح الاتحاد الأوروبى والعالم قدرا كبيرا من التفاؤل والثقة فى إعداد مصر الناجح لهذا المؤتمر الهام.
وذكر أن جلسة المشاورات مع وزير الخارجية تركزت على استعدادات المؤتمر، فضلاً عن آليات تنفيذ الصفقة الأوروبية الخضراء ودعم عملية التحول المناخي العادل مع التركيز على القارة الإفريقية، فضلا عن آفاق تعزيز أطر التعاون الثنائي والإقليمي بين مصر والاتحاد الأوروبي بشأن القضايا الأساسية لتسريع الانتقال إلى اقتصادات مستدامة ومرنة وخالية من الانبعاثات، بما في ذلك إمكانية دعم توليد المزيد من الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والتكيُف مع تغير المناخ والإدارة المستدامة والمتكاملة للمياه والموارد الأخرى بما يتماشى مع استراتيجية مصر 2030 واستراتيجية تغير المناخ 2050، وكذلك الصفقة الأوروبية الخضراء.
وأوضح أنه تم الاتفاق خلال المشاورات على تعزيز التعاون والدفاع عن العمل متعدد الأطراف وعدم إدخار أي جهد لتحقيق نتائج طموحة في COP27، بناءً على ما تم تحقيقه في مؤتمر جلاسجو بغرض الحفاظ على هدف الـ 1.5 درجة مئوية في المتناول ودعم البلدان النامية في التكيُف مع آثار تغير المناخ؛ وعلى أن يكون تنفيذ التعهدات وما تم الإعلان عنه في هذا الصدد له أولوية الآن في سياق المائدة المستديرة الوزارية رفيعة المستوى لعام 2022 حول طموح ما قبل 2030.
وأكد حرص الاتحاد الأوروبى على مساعدة مصر على تجاوز أزمة نقص وارتفاع أسعار الحبوب وبخاصة القمح الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا ولذلك قدم الاتحاد منحة تبلغ 100 مليون يورو للمساهمة فى حصول مصر على وارداتها من الحبوب.
وفى سياق آخر.. لفت نائب رئيس المفوضية الأوروبية التنفيذى المعنى بالمناخ إلى أن الاتحاد الأوروبى يسعى إلى استبدال الغاز الروسى بموارد أخرى للطاقة ويمكن لمصر أن تلعب دورا فى ذلك ليس فقط من خلال صادراتها وإنتاجها من الغاز الطبيعى المسال ولكن أيضا من خلال قدرتها على نقل الغاز الطبيعى من دول المنطقة إلى أوروبا عن طريق مصر.
وأعرب عن اعتقاده بأنه ما من دولة تريد خلق أو بقاء وضع تعتمد فيه على مورد وحيد للطاقة.. مشددا على أنه يتعين علينا العمل على توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة وتخزينها ونقلها وخاصة الهيدروجين وتوفير البنية التحتية وتأهيل الأسواق لهذه الطاقة المتجددة وأن تتوفر التكنولوجيا والبنية التحتية للدول التى تنتج هذه الطاقة.
وأكد أن الاتحاد الأوروبى سيعمل مع مصر لتعزيز هذه العناصر ذات الصلة بمنظومة الطاقة المتجددة خلال الأشهر القادمة بشكل مكثف والإسراع بذلك مع انعقاد مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، وأشاد بتفهم السلطات المصرية لأهمية الطاقة المتجددة وتحركها بشكل سريع فى هذا الاتجاه.
وكشف تيمرمانز عن أنه يجرى العمل على دراسة تطوير خطط تتعلق بالتعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى ودول أخرى بالمنطقة للمساهمة فى تلبية احتياحات القارة الأوروبية من الطاقة آخذا فى الاعتبار تنامى استخدام مصر للطاقة للمساهمة فى تنفيذ خطط التنمية الجارية وبالتالى يمكن الاستفادة من إمكانيات مصر عبر التعاون مع دول أخرى منتجة للغاز الطبيعى فى المنطقة لتصديره، وقال إن الأمر المؤكد أن هناك رغبة متبادلة من جانب الاتحاد الأوروبى ومن جانب مصر لتحقيق هذا الأمر.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبى يضع استراتيجية لشراكات طويلة الأمد للطاقة المتجددة تتجاوز فترة عام أو عامين وخاصة فيما يتعلق بطاقة الهيدروجين الأخضر.. مشددا على أن مصر بمواردها الطبيعية الضخمة يمكنها أن نتنج كهرباء بشكل يفوق بكثير احتياجاتها الذاتية ولذلك يمكن نقل هذه الطاقة إلى أوروبا لتلبية احتياجاتها وبالتالى فنحن نبحث عن أفضل السبل الكفيلة لتحقيق ذلك مع الجانب المصرى من خلال إقامة شراكة طويلة الأمد.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبى يتحدث مع عدد من الدول بالمنطقة لتعويض نقص إمدادات الغاز الوارد من روسيا وخاصة قبل نهاية العام الجارى، ومن بين هذه الدول مصر وقطر والسعودية وإسرائيل والجزائر، كما أن لدينا خططا لتقليص واراداتنا من روسيا وتعزيز اعتمادنا على موارد أخرى وزيادة إنتاجنا من الطاقة المتجددة وقدرتنا على تخزينها.
وأكد على أهمية أن تكون هناك شراكة فى منطقة المتوسط لتنويع مصادر الطاقة ويجب أن يبدأ الحديث عن شراكة فى دول المتوسط وأن تتحدث مع مصر حول كيفية تنويع الطاقة المتجددة وخاصة الهيدروجين وهو أمر يتعين أن يتم من خلال شراكة بين دول المتوسط.. مشيرا إلى أن دول الاتحاد الأوروبى حريصة كل الحرص على تحقيق ذلك، معتبرا مصر بمواردها وموقعها فى قلب هذه العملية.. وسوف نستطلع آراء الدول المختلفة فى هذه المنطقة ومن بينها المغرب وكذلك دول الخليج والسعودية حول هذه الشراكة.
وشدد على أن هناك فرصا جيدة لهذه المبادرة، معربا عن رغبة الاتحاد الأوروبى فى أن يتخذ الاتحاد ومصر خطوات فى هذا الاتجاه.
ومن جانب آخر.. قال تيمرمانز إن الاتحاد الأوروبى إذا لم يحصل على الغاز الروسى، فإنه يمكنه التعامل مع هذا الأمر الآن، لكن بعد ذلك يتعين علينا التأكد من توافر بدائل للغاز الروسى من أماكن أخرى لتأمين مخزوننا الأوروبى من الغاز قبل الأول من نوفمبر القادم وهذا يشكل تحديا بطبيعة الحال ولكن يمكننا التعامل مع هذا التحدى، ونحن صادقون مع مواطنينا فى أوروبا من أن حربا فى أوروبا من شأنها أن تؤثر على حياة المواطنين فى أوروبا وليس فى أوكرانيا فقط.
وأشار إلى المشاهد الدامية التى تشهدها أوكرانيا والتى لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية وبخاصة حرب الدبابات..لافتا إلى أنه بالنسبة للاتحاد الأوروبى فإن كل الخيارات مفتوحة للتعامل مع تطورات الوضع ولا نستبعد أى خيار فنحن ندافع عن قيمنا وأسلوب حياتنا “إذا لم يتم إيقاف (الرئيس الروسى) فلاديمير بوتين سيظن أنه بوسعه أن يفعل مع أوروبا ما يفعله مع أوكرانيا”.
واستعرض تيمرمانز تطورات الوضع على الأرض فى أوكرانيا وما وصفه بخطط الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى احتلال شرق أوكرانيا – على حد قوله-، مؤكدا أنه لا يمكن التكهن بخطوات بوتين القادمة فى ظل الخسائر التى منيت بها قواته حتى الآن – على حد تعبيره – وما يمكن للاتحاد الأوروبى القيام به هو تشديد العقوبات المفروضة على روسيا.
وأشار فى هذا الصدد إلى أن التكنولوجيا العسكرية المتقدمة التى أصبحت بحوزة القوات الأوكرانية أدت لخسائر ضخمة فى الجيش الروسى.. معتبرا أن حجم الخسائر البشرية التى منيت بها القوات الروسية فى أوكرانيا منذ بداية الحرب فاقت الخسائر التى منى بها الاتحاد السوفيتى خلال حربه فى أفغانستان.
وقال إن الاتحاد الأوروبى به من يفكرون من الآن بطبيعة الحال فى مستقبل العلاقات مع روسيا بعدما تنتهى الحرب فى أوكرانيا مثلما كان الحال عندما كان هناك تفكير فى نمط العلاقات بعد الحرب العالمية الثانية والتى بدأ التفكير فيها قبل انتهاء هذه الحرب، فروسيا جزء من أوروبا ولا يمكن اقتطاعها من الخريطة ويجب التفكير فى شكل العلاقة مع روسيا ونأمل أن تكون بناءة لكن إذا لم يكن الروس يريدون أن يكونوا بناءين، فيجب أن نكون أقوياء بدرجة كافية للدفاع عن أنفسنا.
وأضاف أننا فى الاتحاد الأوروبى نؤمن بأن استقرارنا يتحقق من خلال تصدير الاستقرار لجيراننا، بينما بوتين يؤمن بأن تحقيق استقرار روسيا يأتى من خلال خلق عدم استقرار جيرانه، وتلك هى المشكلة التى نواجهها اليوم.
وفى سياق آخر..قال فرانز تيمرمانز “إن روسيا وفنزويلا هما وحدهما الدولتان المنتجتان للطاقة اللتان لم تضعا استعدادات للانتقال للطاقة الجديدة، بينما باقى دول العالم المنتجة للطاقة تعمل باتجاه هذا التحول بما فيها السعودية وقطر والولايات المتحدة، ونجحت السعودية وقطر بشكل خاص فى الاستعداد لعملية التحول”.