أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريراً معلوماتياً عن أزمة اللاجئين حول العالم وأهم الأرقام والاحصاءات المرتبطة بهم، مشيراً إلى أن قضية اللاجئين عادت لتتصدر مسرح الأحداث على الصعيد العالمي مؤخرًا في ظل المعاناة التي يشهدها اللاجئون على الحدود البيلاروسية الأوروبية، واحتدام النزاع في تيجراي بإثيوبيا، وفرار آلاف المواطنين الأفغان من حكم حركة طالبان، بالإضافة إلى استمرار أزمة اللاجئين السوريين، وأزمة لاجئي هايتي على الحدود الأمريكية.
وسلط التقرير الضوء على مفهوم اللجوء وأسبابه وأنواعه، بالإضافة إلى بعض المفاهيم ذات الصلة، ومن أبرزها النزوح والهجرة وإعادة التوطين واللجوء البيئي، كما استعرض الأرقام والمؤشرات الخاصة بأزمة اللاجئين حول العالم، وألقي الضوء على دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الاستجابة للأزمة، وسياسات التعامل الدولي مع أزمة اللاجئين، بالإضافة إلى تناوله لأبرز أزمات اللجوء العالمية في الوقت الراهن.
وأشار مركز المعلومات إلى أنه وفقاً لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن عدد اللاجئين حول العالم قد ارتفع من 16 مليون لاجئ في عام 2010 إلى حوالي 30.5 مليون شخص في يونيو 2021، منهم 20.7 مليون شخص حول العالم يصنفون ضمن اللاجئين تحت ولاية المفوضية، و5.7 مليون شخص لاجئون فلسطينيون تحت ولاية الأونرا، و4.1 مليون شخص من طالبي اللجوء.
وأضاف المركز أن بيانات المفوضية تشير إلى أن 86% من اللاجئين على مستوى العالم تستضيفهم دول نامية، في حين تستضيف الدول المتقدمة 14% من اللاجئين، كما أن 68% من اللاجئين يأتون من 5 بلدان فقط هم سوريا بنسبة 27% وفنزويلا بنسبة 16% وأفغانستان بنسبة 11% وجنوب السودان بنسبة 9%، وميانمار بنسبة 5%، في حين تأتى نسبة الـ 27% المتبقية من باقي الدول حول العالم.
وأوضح التقرير أبرز أزمات اللاجئين عالمياً، حيث أشار إلى أزمة اللاجئون بسبب الصراع في منطقة تيجراي بإثيوبيا، حيث تعد السودان هي الوجهة الأولى للفارين من الحرب في تيجراي، وبحسب أحدث تقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في سبتمبر 2021، فقد فرَّ نحو 55 ألف إثيوبي من إقليم تيجراي إلى السودان، وتوجَّه نحو 48 ألفًا منهم إلى ولايتي كسلا والقضارف الحدوديتيْن، وهناك تقديرات تشير إلى أن إجمالي أعداد الإثيوبيين الفارين من الحرب بتيجراي إلى السودان تُقدَّر بنحو 60 ألف طالب لاجئ إثيوبي في الولايات الواقعة على الحدود الشرقية للسودان مع إثيوبيا، ومن ثمَّ يمكن القول إن الأعداد المعلنة حتى الآن تتراوح ما بين 50 إلى 60 ألف شخص إلى السودان، الأمر الذي يُثقل كاهل السودان بمزيد من الأعباء؛ إذ يستضيف السودان نحو 1.1 مليون لاجئ، وعلاوةً على موجات اللاجئين الإثيوبيين من إقليم تيجراي، هناك ملايين من النازحين داخليًا إثر اندلاع الحرب بالإقليم، والذين تُقدَّر أعدادهم بنحو 2.1 مليون نازح من إقليم تيجراي، و250 ألف نازح من إقليم أمهرا، و112 ألف نازح من إقليم عفر، وذلك على خلفية انتقال مسرح العمليات العسكرية للأقاليم المجاورة لإقليم تيجراي
كذلك تشير التقديرات إلى أن اللاجئين الأفغان يُمثلون حاليًا أحد أكبر جموع اللاجئين على مستوى العالم؛ حيث يوجد 2,6 مليون لاجئ أفغاني مسجل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حول العالم، 90% منهم (2,2 مليون أفغاني) في إيران وباكستان، وهي أعداد مُرشَّحة للزيادة.
كما تُعد أزمة اللاجئين السوريين الأكبر من نوعها على الصعيد العالمي في السنوات الأخيرة، والتي تؤول بصفة رئيسة إلى الصراع الذي اندلع في سوريا عام 2011، مما دفع 6.6 مليون سوري للفرار من البلاد بحثًا عن ملاذ آمن، وطلب اللجوء في أكثر من 130 دولة حول العالم، ولكن الغالبية العظمى منهم (حوالى 5.6 مليون شخص) يعيشون في دول الجوار السوري، وقد أشار التقرير إلى أن 66.3% من اللاجئين السوريين في دول الجوار من النساء والأطفال، وأن 92% منهم يعيشوا في المناطق الريفية والحضرية بينما يعيش 5% فقط في مخيمات اللاجئين، حيث يعيش 1 فقط من كل 20 لاجئ في المخيمات.
وأشار التقرير إلى سياسات التعامل الدولي مع أزمة اللاجئين بالتطبيق على حالة دولة ألمانيا، حيث أشار التقرير إلى أنه وفقًا لتقديرات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في مارس 2021، تحتل ألمانيا المرتبة الخامسة في قائمة الدول التي تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين على مستوى العالم؛ إذ تبلغ أعداد اللاجئين الذين تستقبلهم ألمانيا نحو 1,14 مليون لاجئ. وفي عام 2020، كانت ألمانيا ثاني أكبر دولة قدَّمت دعمًا ماليًا للمفوضية، وخلال العام الجاري، وصلت طلبات اللجوء التي استقبلتها ألمانيا حوالي 131,732 طلب لجوء، وتُصدِّر كلٌ من سوريا، وأفغانستان، وإريتريا، والعراق، وإيران النسبة الكبرى من اللاجئين إلى ألمانيا، مشيراً إلى ان خطة العمل الوطنية الألمانية لاندماج اللاجئين ترتكز على أربع محاور هي التعليم المبكر، والتدريب المتقدم، وسوق الحياة المهنية، والدمج المحلي.
كما تناول التقرير سياسة مصر تجاه اللاجئين، حيث أشار إلى أن مصر تستضيف لاجئين وطالبي لجوء من عدد من الدول، حيث تتوافر عوامل جذب في مصر، تجذب طالبي اللجوء للقدوم إليها، في مقدمتها سياسة الدولة التي تقوم على دمج اللاجئين ورفض إقامتهم في مخيمات أو على الحدود، يُضاف لذلك أوضاع الاستقرار السياسي، وسهولة العيش في البلاد، مضيفاً أن أطراً قانونية تحكم سياسة مصر تجاه اللاجئين منها اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951، واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969 بشأن اللاجئين، وإعلان نيويورك لعام 2016، والميثاق العالمي بشأن اللاجئين.
وأكد التقرير أن الحكومة المصرية تواصل جهودها لدعم اللاجئين على الأراضي المصرية؛ حيث يعيش معظم اللاجئين وطالبي اللجوء في المناطق الحضرية بالقاهرة الكبرى والإسكندرية، وليس في مخيمات كما هو حال غالبية دول العالم، كما أتاحت مصر للأطفال اللاجئين من الدول العربية والبالغ عددهم ما يتجاوز 65 ألف طالب حق الالتحاق بالمدارس الحكومية على قدم المساواة مع الطلاب المصريين، كما يتمتع اللاجئون وطالبو اللجوء إلى مصر بإمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية على نفس قدم المساواة مع المواطنين المصريين بما في ذلك شمولهم داخل منظومة التأمين الصحي الشامل.
وفي هذا الإطار، أطلقت وزارة الخارجية المصرية ومنظمة الأمم المتحدة في مصر المنصة المشتركة للمهاجرين واللاجئين في 4 نوفمبر 2021، وهي مبادرة من الحكومة المصرية وشركاء الأمم المتحدة في مصر والتي تجمع بين الحكومة والأمم المتحدة وشركاء التنمية والجهات المانحة، والتي تستهدف تعزيز التنسيق وتعبئة الموارد لتحقيق مكاسب التنمية المستدامة طويلة الأجل للمهاجرين واللاجئين، وطالبي اللجوء والمجتمعات المضيفة لهم، وتعزيز الاندماج الاجتماعي.
كما كانت الجهود المصرية في هذا الصدد مقدرة خلال الفترة الماضية من جانب العديد من الجهات الدولية، حيث أشاد جون جبور الممثل السابق لمنظمة الصحة العالمية بمصر، وكريم أتاسي ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين لدى مصر بإدراج ضيوف مصر من اللاجئين وطالبي اللجوء ضمن حملة 100 مليون صحة لعلاج المصابين بالتهاب الكبد الوبائي مجاناً على قدم المساواة مع المصريين، كما أشاد لوران دي بوك رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بمصر على تأكيد مصر الدائم اهتمامها الاستثنائي والتزامها تجاه كل اللاجئين الموجودين بأرضها، كما أشادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين باستقرار بيئة الحماية للاجئين في مصر، في ضوء حسن ضيافة اللاجئين السوريين من جانب الحكومة المصرية.