آراء أخرىعاجل

مقال للكاتب أحمد رفعت تحت عنوان : ( تحدي محمد علي خير )

فى الوقت الذى يصطف فيه المصريون للرد على الهجمة المشبوهة التى استهدفت نصر أكتوبر بغير أى انتماءات أيديولوجية وبشعور وطنى جارف فوجئ الكثيرون بهجوم عجيب وغريب من بعض المنتمين للرئيسين «السادات ومبارك» على الزعيم جمال عبدالناصر، وعلى الرجل الذى أعاد بناء القوات المسلحة عقب نكسة يونيو وهو الفريق أول محمد فوزى.. وبدلاً من أن يشارك هؤلاء بالاحتفال بنصر أكتوبر احتفلوا بالنكسة!

مر اليوم هكذا نشاز على مساحات متعددة من شبكات التواصل الاجتماعى حتى فوجئنا باليوم التالى بالإعلامى محمد على خير يشن الهجوم نفسه ببرنامجه بإحدى القنوات! وبدلاً من ينتقد هذا التوجه وهذه الصورة السلبية وجدناه هو نفسه يشن هجوماً غريباً وعجيباً على الزعيم عبدالناصر بل ويتساءل بأنه لو كان «عبدالناصر» حياً هل كان سيتخذ قرار العبور؟!!

وللأمانة ترددنا كثيراً فى الرد على سيادته.. ليس بسبب ما كنا نكنه له من احترام وتقدير فقط ولا من الصدمة فيما قاله وإنما لمساحة الرد العريضة على ما قاله كله حتى إن الدهشة الحقيقية من أن مسلمات فى التاريخ وفى السياسة وفى العسكرية لا يعرفها إعلامى كبير! من مهامه ومسئولياته توعية الناس والارتقاء بمعلوماتهم وانتمائهم!

وقبل أن نقرر مضمون التحدى للأستاذ خير نقول إن الذى أوصل البعض بمن فيهم الجماعة الإرهابية وأعضاؤها للتشكيك فى نصر أكتوبر المجيد هو الصمت على تزويرهم للتاريخ واعتبارهم أن ملحمة الصمود للعدوان الثلاثى هزيمة! رغم اعتراف الأعداء بهزيمتهم إلى حد أن أشهر كتاب عن الحرب كان من تأليف أنتونى ناتنج، وزير خارجية بريطانيا نفسها، أثناء العدوان! بل وكان عنوان الكتاب هو «ناصر»، وفيه يقر «ناتنج» بانهيار الإمبراطورية البريطانية فى حرب السويس ومن بورسعيد!

لكن كان الصمت على هذا التزوير ومن السلطة تحديداً فى الخمسة والأربعين عاماً الماضية، التى فيما يبدو أعجبها تشويه «عبدالناصر» فقبلت بتشويه تاريخنا نفسه بل وشارك كتابها الإخوان فى حملتهم وانتقلوا مع الإخوان من تشويه ملحمة 56 إلى الاحتفال سنوياً مع العدو الإسرائيلى بذكرى النكسة! وتحول الأمر من البحث عن الأخطاء لتداركها وعدم تكرارها إلى زفة سنوية لا تتم حتى فى إسرائيل ونقلوا بقصد أو بدون النكسة ومراراتها من جيل إلى جيل بدلاً من طى صفحتها بالكامل كما فعلت دول أخرى كاليابان وفيتنام تعرضتا لأضعاف ما تعرضنا له بل ووقعت اليابان رسمياً وثيقة استسلام لكنهم التفتوا لحاضرهم ومستقبلهم وكان ذلك وطبقاً لآراء كل المراقبين أحد أسباب نهضتهم! أما عندنا فلم يزل الأستاذ خير يتحدث عن نكسة يونيو!

ونقول للأستاذ خير إن مصر أعادت بناء جيشها كاملاً بعد النكسة ولا نعتقد أنها بنته من جديد لتتفرج عليه.. وإن جيشنا العظيم مع الشعب العظيم رفضوا الهزيمة.. خرج الشعب فى 9 و10 يونيو يعيد «عبدالناصر» للمسئولية، وبعدها بأيام يعلن الجيش إصراره على التحدى فكانت معركة رأس العش الشهيرة التى كانت نقطة مفصلية أعادت الأمل فى النصر.. ولذا توالت بعدها البطولات والتضحيات فى حرب الاستنزاف؛ فكان إغراق المدمرة إيلات فى أكتوبر من العام نفسه، ثم إيلات الميناء، وثلاث ضربات متتالية شكلت اختراقاً للقواعد العسكرية فى استهداف مكان واحد ثلاث مرات! ثم كانت شدوان وإغراق الحفار الإسرائيلى فى الساحل الأفريقى الغربى ثم إغراق الغواصة دافار، وبين كل ذلك كانت عمليات الصاعقة لا تتوقف، ومن خلالها عرفنا البطل الفذ إبراهيم الرفاعى، وبعدها انتهينا من حائط الصواريخ العظيم، ومن غير المعقول أن من يفعل ذلك وقواته الجوية خارج الخدمة أن يتردد فى العبور وقد اكتملت قواته كلها!!

فضلاً عن أن من يقود ثورة بلاده شاب روحه على كفيه لا يعرف التردد.. ومن خاض معركة حاسمة مع الإخوان لا يعرف التردد.. ذاك التردد الذى دفع البعض إلى طلب منح الفرصة للإخوان فى ٢٠١٣ بينما كانت مصر كلها فى الشارع!!

ونقول للأستاذ خير.. إن اللواء سمير فرج، وهو فى ذاته مرجع عسكرى مرموق، أكد حرفياً للأستاذ حمدى رزق المحترم أنه لولا حائط الصواريخ ما كانت حرب أكتوبر ولولا حرب الاستنزاف ما كانت حرب أكتوبر ولولا إغلاق باب المندب ما كانت حرب أكتوبر! ولولا التضحيات المصرية فى اليمن ما استطعنا إغلاق باب المندب!

على كل حال.. الجيش العظيم أعاد الاعتبار لحرب الاستنزاف.. ولقياداتها.. ويطلق بين الحين والآخر أسماء أبطالها على مؤسسات ومنشآت عسكرية ومدنية لتكريمهم، وواحد من الأفلام الثلاثة التى أعلنت الشئون المعنوية إنتاجها سيكون عن البطل إبراهيم الرفاعى، وهناك مسلسل آخر من إنتاج خاص عن «رأس العش»، ونتوقع عملاً ثالثاً عن معركة شدوان الأسطورية!

ونقول للأستاذ خير إننا لا نذكر السطور البيضاء المجيدة السابقة لنعرفه ما لا يعرف.. أو لنبلغه أن الاكتفاء بكتابات بعض كتاب السلطة فى عصور سابقة لا يكتب تاريخاً.. وإنما نذكر كل ذلك حتى تعرف الأجيال الجديدة ما غاب عن تاريخهم.. وأن فى تاريخ أمتهم ما يستحق الفخر وعشق الوطن وبالتالى الانتماء إليه.. وهنا نصل إلى بيت القصيد فى التحدى المقصود، وقد وصف الأستاذ خير عهد «عبدالناصر» بالخراب الاقتصادى ونطلب من سيادته أن ينشر على الناس أو يذيع ببرنامجه الحساب الختامى لرؤساء مصر الثلاثة «عبدالناصر والسادات ومبارك» بالأرقام.. شرط أن تجيب الأرقام عن كيف تسلم كل منهم مصر وكيف تركها.. وفى ذلك ندعوه لأن ينشر بالأرقام موقف العملة المصرية مقدرة بالدولار أو بأى عملة شاء.. وكذلك حجم الديون وحجم ما دخل لمصر من أموال قروضاً كانت أو منحاً ومستوى البطالة ومعدل التنمية ومعدل النمو وما تم بناؤه من مصانع ونسبة الزيادة السكانية إلى نسبة الدخل القومى ومستويات العجز فى الموازنة العامة ومستوى معيشة الفرد ومستوى الإنفاق على الخدمات الأساسية، خصوصاً التعليم والصحة، ومستوى الفساد فى الجهاز الحكومى ومستويات إنتاج المحاصيل الزراعية القومية، خصوصاً القطن، شرط أن يكون مصدر كل ذلك جهة معتبرة يعتد بأرقامها وتقاريرها.. وبهذا التحدى نكون بانتظار كلمة سيادته ونعتقد أننا سنكون أمام ثلاثة احتمالات لا غير: أن يتجاهل الأستاذ خير الأمر كله ويقلب هو الصفحة هذه المرة.. أو أن يرد بهجوم لا علاقة له بالموضوع.. أو أن يكون أميناً ويذيع للناس البيانات الحقيقية.. وسنقبل بكل ذلك منه.. خصوصاً الاحتمال الأخير.. حتى ننهى بالأرقام، والرقم حقيقة كما يقولون، أكذوبة كبيرة أطلقها الإخوان وعدد من كتاب السلطة فى عهود مضت ويتداولها البعض دون سند ومن دون مراجعة أو تدقيق أو بحث أو تحرٍ.

مخطئ من يظن أن السطور السابقة دفاع عن جمال عبدالناصر العظيم وإنما فى الحقيقة هى دفاع عن تاريخ وطن يصر البعض على سحقه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!

زر الذهاب إلى الأعلى