السياسة والشارع المصريعاجل

مقال للكاتب ” حسام السكري ” بعنوان ” ومازلت في انتظار شيء ما “

نشر موقع الشروق مقال للكاتب ” حسام السكري ” بعنوان ” ومازلت في انتظار شيء ما ” جاء على النحو الآتي :-

مضى أكثر من أسبوع على كارثة حريق محطة رمسيس التي أودت بحياة عشرات وأصابت عشرات آخرين. ومنذ وقع الحادث وأنا أنتظر شيئا ما.

نفس الشيء الذي انتظرته بعد كل مأساة راح ضحيتها مواطنون أبرياء في حوادث غرق أو تصادم أو حريق أو انهيار. بعد كل الكوارث بصرف النظر عن أحجامها وأشكالها.

شيء ما سبقتنا إليه الشعوب اسمه التعلم من الأخطاء والبحث عن سبل لتجنب تكرارها.

المؤلم أن بعضا من الصحف والمواقع وبمجرد وقوع أي كارثة، تتبارى في البحث عن كوارث مماثلة في أي بقعة من العالم وكأن المقصود هو التعايش مع الإهمال والتراخي وعدم الإحساس أو المسؤولية برسالة غريبة مفادها أن لا فرق بيننا وبين العالم المتقدم. تطورنا إلى حد أن الكوارث صارت تصيبنا مثل اليابان وكندا وأمريكا. افرحي يا مصر!

تقع الكوارث في كل مكان وفي كل دولة. ولكن قليلا من هذه الدول يتعامل معها بالقدر نفسه من اللامبالاة التي وصل إليها الحال في مصر. وهذا رغم تباري وسائل الإعلام بعد كل كارثة في الكشف عن مواطن الخلل ببراعة صرنا نحسد عليها.

كارثة رمسيس كشفت أكثر من وجه من وجوه القصور. الاحتياطات الغائبة أو التي لم يتم استخدامها في كابينة القيادة، والتي توقف القطار في حال موت السائق أو غيابه عن الوعي أو قفزه من القاطرة وهو ما قيل إنه سبب الكارثة. سواء أكان ذلك زر يتعين على السائق الضغط عليه من حين لآخر أو كان بدالا يضع قدمه عليه أثناء وجوده في الكابينة. عرفنا بعدم وجود وسائل لإطفاء الحرائق وقرأنا وشاهدنا كيف لجأ مواطنون إلى أكثر الوسائل بدائية لإنقاذ ضحايا غمرهم الوقود واشتعلت فيهم النيران. عرفنا بغياب التأهيل وانعدام الوعي بكيفية التصرف عند وقوع حريق في مكان مزدحم.

هذا كله جيد ولكن ماذا بعد؟ ماذا بعد التنظير والتحليل والإقرار بوقوع أخطاء؟

– هل تمت مراجعة احتياط الأمن والسلامة. ليس في محطة رمسيس وحدها وليس في شبكة محطات القطار ولكن في كل المباني والمصالح الحكومية والأماكن العامة التي يتردد عليها الناس بأعداد غفيرة وبشكل يومي؟
– هل تم حصر نقص طفايات الحرائق بأنواعها ووضعت خطة لنشرها؟
– هل تم تعريف العاملين والموظفين بسبل وتعليمات الإخلاء والمخارج المستخدمة عند وقوع الكوارث؟
– هل وضعت علامات تعريفية توضح هذه المخارج؟
– هل وضع برنامج تدريبي للعاملين والموظفين لتعريفهم بإجراءات الأمن والسلامة، وكيفية التصرف في حال وقوع حريق؟
– هل بدأت خطة لتنفيذ هذا البرنامج بجدية؟
– هل تم تصميم لوحات إرشادية تعرف الجمهور بأماكن الخروج الآمن في حال حدوث حريق وبسبل التصرف لو وقت كارثة؟
– هل تمت مراجعة تقنيات الأمن في كابينات قيادة القاطرات والتأكد من أن الزر أو البدال الذي يضمن بقاء السائق في مكانه يعمل؟
– هل توجد خطة تفتيش للتأكد من السائقين لا يحتفظون بطوبة لوضعها على البدال لتجنب استخدامه بالشكل الصحيح؟ وهل توجد عقوبات رادعة للمخالفين؟

بعبارة أخرى هل يتعين علينا أن نقول نفس الكلام ونكتشف نفس الأخطاء بعد كل كارثة لنعيش المأساة ذاتها مرة بعد مرة؟ وهل يوجد بين المسؤولين ممن حضروا الاجتماعات وقبضوا البدلات وناقشوا المشكلات من يشعر بأن ما سبق مسؤوليته؟
أتمنى

ملحوظة:
كنت على وشك اختتام المقال بفقرة مفادها أن الله ميزنا على الحيوانات بالقدرة على التعلم، إلا أنني بشيء من البحث على قنوات يوتيوب اكتشفت أن التعليق ظالم وأن هناك كثيرا من التجارب تثبت أن الحيوانات تتعلم بالتجربة والخطأ.

زر الذهاب إلى الأعلى