نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب ” طارق عباس ” ، جاء فيه أبرز ما يلي :
- لاشك أن هناك تحركات جادة تُبذَل الآن لتصحيح المسار وإحداث تغيير حقيقي في الواقع الذي نعيشه ، سواء تعلقت تلك التحركات بإنشاء عاصمة إدارية جديدة وشبكة طرق غير مسبوقة ومحاولة للقضاء على العشوائيات وإصلاح مليون ونصف المليون فدان ومحاربة الفساد وأشياء كثيرة قد تستوجب الاهتمام والإشادة ، لكن قيمتها تنحصر وتتضاءل نتيجة غياب أي مردود لها على المواطن العادي ، فما هي قيمة المشروعات الضخمة والإنجازات التي يتحدث عنها الإعلام والناس يقتلها العوز والفقر وانعدام الدخول أمام الارتفاع الرهيب في الأسعار ؟ .. وما قيمة المشروعات الضخمة والطبقة المتوسطة تلاشت ، والمثقفون تحولوا لسماسرة ، والفجوة اتسعت بين أصحاب المال والجاه وقاعدة الغلابة التي تتسع يوماً بعد يوم نتيجة انضمام أعداد كبيرة إليها ؟ ، إنما السر الحقيقي وراء كل هذا يكمن في غياب العدالة الاجتماعية وعدم المساواة بين الناس في الفرص والتمييز بينهم ، مما أدى إلى تفاوت غير مبرر بين الدخول والرواتب ، وهو ما يعطي انطباعاً بأن المنطق بات في خبر كان ، وأن تفشي الظلم في حد ذاته أصبح منهجاً للكثير من الوزارات والهيئات والأمثلة كثيرة .
- إن من يدعى أن مصر فقيرة هو لا يعرف مصر جيداً لأنها تُنهَب منذ أقدم العصور ولا يزال فيها الخير إلى يومنا هذا ، لكن الفقر الحقيقي في غياب الرؤى وعشوائية الإدارة التي تحمي نفسها بسلطة الأمن لا بسلطة العدل والعدالة ، وفي غياب الكفاءات والخبرات اللازمة لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد .. يا سادة ، مصر فيها خير كثير وفيها ظلم كثير ، ومن يريد النهضة الحقيقية لهذا البلد عليه أن يبني البشر مثلما يبني الحجر وينشر العدل بين الناس حتى يطمئنوا إلى أن القانون هو السيد ، لأن أي بلد بلا عدالة بمثابة غابة يرتع فيها المتوحشون وعبء يتحمله محدودو الدخل وحدهم ، هو شهادة فشل لكل مسئول يتطلع لأن يكون له مكاناً متميزاً في قلوب الناس وعقولهم .