نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب ” عماد الدين حسين ” بعنوان ” ماذا لو انهزم ترامب؟ ” جاء على النحو الآتي :-
السؤال أعلاه ليس من عندى، بل وجدته مطروحا من دون إجابة من أحد الأصدقاء قبل ثلاثة أسابيع فى مجموعة حوارية على الواتسآب تضم نخبة من ألمع العقول المصرية. السؤال مشروع، والمنطقى أن يكون مطروحا فى كل البلدان التى تربطها علاقة بالولايات المتحدة، ومنها مصر.
الولايات المتحدة ليست بلدا عاديا، بل هى أكبر وأهم وأقوى دولة فى العالم، والبعض يقول إنها الدولة الوحيدة التى لها حدود مشتركة مع كل بلدان العالم، والمقصود هنا بالطبع أنها البلد الأكثر تأثيرا فى كل القضايا والمشاكل والأزمات العالمية.
نعود إلى السؤال الذى بدأنا به. وبالطبع لا أحد يعرف الإجابة الصحيحة عليه، حتى يتم إعلان النتيجة فى الأسبوع الأول من نوفمبر المقبل.
قبل أن يصل فيروس كورونا إلى الولايات المتحدة، كانت كل التوقعات تشير إلى أن فرص فوز ترامب بالولاية الثانية شبه مضمونة تماما، بغض النظر عمن سينافسه من الحزب الديمقراطى. لكن الطريقة التى تعامل بها ترامب، واستهتاره بالفيروس وتصدر الولايات المتحدة للعالم كله فى عدد الإصابات والوفيات، جعلت فرص انتخابه ليست مضمونة مائة بالمائة، ثم جاءت حادثة مقتل جورج فلويد بصورة عنصرية على يد شرطى أبيض فى مينيا بوليس بولاية ميسوتا يوم ٢٥ مايو الماضى، والاحتجاجات العارمة ضد العنصرية، لتلقى بمزيد من الغموض على فرص إعادة انتخاب ترامب.
إذا احتمالات فوز الديمقراطى جو بايدن بالمنصب مقدرة وليست مستبعدة. وبالتالى فإن السؤال الذى يفترض أن يشغلنا هنا فى مصر هو: ماذا لو فاز بايدن، وخسر ترامب وقبل بالخسارة وغادر البيت الأبيض؟!
بالطبع هناك البعض فى مصر، يتمنون هزيمة ترامب، ولم يكونوا من الأساس يتمنون فوزه من البداية، وهؤلاء يعتقدون أن خسارته للانتخابات المقبلة، قد تؤدى إلى زيادة التيار المناصر للانفتاح والحريات والديمقراطية فى المنطقة العربية بأكملها.
الحكومات والأنظمة لا تقيس الأمور فقط بعامل الحريات والديمقراطية، رغم أهميته. هى تحسب الأمر بصورة مختلفة شاملة، والمفتاح الأساسى عندها هو سؤال جوهرى: ماذا سوف نكسب أو نخسر إذا فاز ترامب أو بايدن؟!
حينما زار الرئىس عبدالفتاح السيسى الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الدورة السنوية للأمم المتحدة فى سبتمبر 2016، التقى بكل من دونالد ترامب وهيلارى كلينتون المرشحين للانتخابات.
كان واضحا من التصريحات عقب اللقاءين أن الرئيس السيسى راهن بقوة على ترامب، وكسب الرهان، ورأينا حدوث تفاهم واضح بين الرئيسين منذ هذا اللقاء، وحتى آخر لقاء بينهما.
فوز كلينتون كان يعنى استمرار نفس سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما الذى لم يكُن يكِن أدنى تعاطف مع النظام المصرى والرئيس السيسى وثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣. وبالتالى فقد كان الصدام بين الجانبين سيكون أمرا مطروحا إلى حد كبير حتى لو قال البعض إن هيلارى لم تكن متحمسة لإسقاط مبارك.
السؤال الجوهرى: هل فوز بايدن سيكون استمرارا لسياسة أوباما وفريقه ومنهجه، فيما يتعلق بالتعامل مع مصر، وما هى أولوياته، هل ستكون العلاقات الثنائية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، أم فقط قضية الديمقراطية، وماذا سيكون موقفه من قوى الإسلام السياسى؟!.
تقول الوقائع إن بايدن وكلينتون كانا من أنصار التريث وعدم الاندفاع فى إسقاط حسنى مبارك، مقابل فريق الشباب الذى كان يقوده أوباما، وينظر فقط لما أسماه وقتها «صناعة التاريخ».
بغض النظر عما سيحدث إذا فاز بايدن، فإن على مصر الرسمية أن تبدأ من الآن التواصل مع بايدن وفريقه حتى لو كانت فرصة فوزه لا تتجاوز ١٪.
ومثلما التقى الرئيس السيسى مع هيلارى كلينتون قبل الانتخابات بأسابيع، ينبغى أن يتم التواصل مع بايدن. السياسة لا تعرف العواطف، ولا ينبغى الرهان فقط على حصان واحد طوال السباق أو كل السباقات.
الإسرائيليون والأتراك ماهرون فى هذه النقطة، هم دائما يتواصلون مع كل المرشحين، حتى لو كانت فرص فوزهم معدومة. علينا أن نتحسب لكل الاحتمالات، ونطرق أبواب حملة بايدن، حتى لا نتفاجأ بفوزه فى اللحظة الأخيرة، ووقتها سنتفاجأ بأن كل خصومنا ومنافسينا وأعدائنا قد سبقونا إلى الإدارة الجديدة إذا قدر لها الفوز. وإذا حدث ذلك سنكون قد وضعنا أنفسنا فى خانة العداء مع بايدن وإدارته. علينا أن نتحرك طوال الوقت وليكن شعارنا الرئيسى هو: كيفية تحقيق المصالح المصرية العليا.