نشر موقع المصري اليوم مقال للكاتب عمار علي حسن بعنوان “إلى وزير الداخلية.. أنقذ فقراء شبرا من هذه العصابة” جاء على النحو الآتي :-
لجأ إلىّ بعض فقراء منطقة «منية السيرج» فى حى شبرا، بعد أن أعيتهم الحيل فى مواجهة سيدة يتهمونها بالنصب عليهم، وأوقعتهم جميعا فى مشكلات قد تؤدى إلى سجن كثيرين منهم، وتشريد بعضهم، وتفكيك أسر كانت ترضى بالعيش على الفتات، لكن فى سلام.
والأفدح أن هذه التجربة القاسية قابلة للتكرار فى مناطق كثيرة من ربوع مصر، وقد تؤدى بمرور الوقت إلى قيام غبن وإحن بين المنصوب عليهم والدولة نفسها، والأدهى والأمر أنها تضر ضررا بالغا ببعض السياسات والخطط، وتحولها إلى هياكل فارغة، تتلاعب بها الريح.
هذا هو الشكل العام للشكوى، أما مضمونها، فإن سيدة تُدعى «سامية أبوسريع» استغلت فقر مائة أسرة على الأقل، وأخذت بأسماء سيدات قروضًا من مكاتب تمويل المشروعات الصغيرة، مثل «تساهيل» و«باب رزق» و«أنا المصرى» و«الهيئة القبطية الإنجيلية» و«التضامن الاجتماعى» مقابل دفع مبلغ بسيط لهن لا يتعدى مائة جنيه، على أن تقوم هى بالسداد، لكنها لم توفِ ما عليها، وصار على هؤلاء السيدات أن يقمن بسداد ما أخذته هى، وابتلعته، وإلا قامت الجهات المانحة بالحجز على ما يملكنه، وهو ليس إلا أثاث البيوت الخفيضة والشقق المتواضعة، ولا سيما أن من يردن السداد منهن عليهن أن يسددن لبقية المجموعة التى يخرج كل قرض باسمها وهى «خمسة أفراد»، الأمر الذى يزيد الوضع صعوبة.
أبلغنى أصحاب الشكوى من الأزواج أنهم حرروا محاضر فى قسم شرطة الساحل، لكن لم يتم القبض على السيدة إلى الآن، بل تهدد الشاكين بمعاقبتهم، وأنهم لن يتمكنوا من النيل منها، لأنها ليست وحدها، وأن وراء ظهرها من يحميها.
هذه المشكلة تكشف كيف لا يدقق بعض الموظفين فى الجهات المانحة قبل أن يفرجوا عن القروض، وهو أمر تم تداركه حيث سيق بعض الموظفين إلى تحقيق داخلى، وقام بعضهم بتحرير شكاوى ضد السيدة المتهمة بالنصب.
كما تكشف الواقعة كيف تدفع الحاجة الماسة، والجهل بالقانون، أناسًا إلى أن يشاركوا فى عمل على نحو يفرغ مشروعًا مفيدًا من مضمونه، ويحوله إلى مجرد وسيلة لتكسب قلة على حساب المصلحة العامة.
وقد يسأل سائل: هل تحتاج هذه المشكلة توجيه نداء إلى وزير الداخلية؟
والإجابة: نعم.
لأن هذا التصرف قابل للتكرار فى مختلف أرجاء البلاد، وإن حدث سيكون ضرره بالغًا بالمجتمع كله، الذى هو فى مسيس الحاجة إلى خلق ملايين الفرص لتخفيف حدة البطالة، ومواجهة العوز.
لهذا لا بد للوزارة من أن تسأل ضباط قسم شرطة الساحل: لماذا لم يتم القبض على هذه السيدة إلى الآن، واستجوابها، وتقديمها إلى محاكمة عاجلة، حتى لا تُغرى آخرين بتكرار هذه التجربة.
(2)
تقتحم لافتات فى كثير من الشوارع عينيك عن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى الرامية إلى علاج فيروس «سى».
إنه أمر جيد أن يُطلق هذا المشروع، بعد أن تفشى المرض إلى مستوى مخيف، لكن غياب أو عدم وجود رؤية متكاملة للوقاية يثير الخوف والعجب.
فمتى نهتم بغلق كل الطرق إلى مختلف الأمراض، ونقضى على أسبابها، ومنها فساد الأطعمة، وتلوث الترع والمصارف، وغياب الرقابة الصحية، وضعف التوعية، وغير ذلك؟
ألا يُقال، منذ زمن بعيد: «الوقاية خير من العلاج»؟
(3)
لا يصلح البطش والقهر فى اقتلاع الأفكار والمواجيد الروحية والمعانى العميقة التى تصنع الضمائر العامرة بالقيم.
لو كان هذا ممكنًا لأفلح فيه الاتحاد السوفيتى.. اتركوا الناس أحرارًا فى الفكر والاعتقاد، طالما لا يمارسون عنفًا لفرضهما على الغير.
(4)
لم يخترع ترامب سياسة جديدة لبلاده، إنما ردها إلى أصلها، رافعًا الغطاء عن قبح طالما غلّفته إدارة الإمبراطورية المتوحشة بحديث عن تعزيز الحرية، ورعاية حقوق الإنسان، والعناية بالديمقراطية، ومؤكدا أن أمريكا، التى لم تعد أرض الأحلام، ستظل مخلصة لثقافة الكاوبوى.
(5)
تويتر، فيسبوك، يوتيوب… إلخ هذا الإعلام الجديد هو الابن الشرعى لليبرالية، لكن المستبدين والفاشيين يستخدمونه الآن فى الحرب على الحرية.
(6)
عن «فستان رانيا يوسف» أقول: بارعون فى تدوير التفاهة، حتى يتلهى الناس بها عما يجب أن ينشغلوا به حقا، هم يعزفون على وتر إثارة الغرائز وإيقاظ التصورات الدينية الشكلية، معتمدين على نظام تعليمى لا يؤهل خريجيه للاهتمام بما هو أهم وأرقى، ولا يُفهمهم أن التافه إن تجاهلناه مات، وهو أبلغ رد عليه.
(7)
«لو دامت لغيرك ما وصلت إليك».. حكمة تتردد كثيرا، لكن «الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا»، كما نسبه البعض إلى الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام)، والبعض إلى الإمام على (رضى الله عنه)، و«آفة حارتنا النسيان»، كما قال نجيب محفوظ، و«كل الذين لعنونى اتبعوا خطاى، وترحموا علىّ»، كما قال طاغية، لا أتذكر اسمه الآن، ولا أريد، لأن الطغاة أقل من أن نلوث ذاكرتنا بأسمائهم.